-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المواقع العلمية العربية تتطوّر

المواقع العلمية العربية تتطوّر

قبل أيام، كتبنا عن ازدهار الترجمة العربية للمجلات العلمية العريقة، جلها تجاوز تاريخ إصدارها بلغتها الأصلية قرنا من الزمن. وأشرنا أيضا إلى الجهود التي تبذل هنا وهناك عبر العالم العربي في باب نشر الثقافة العلمية باللغة العربية. واليوم نريد الإشارة إلى جانب آخر ينبغي ألا يُهمَل في هذا السياق، ألا وهو الدور البارز الذي تؤديه المواقع العلمية الحديثة في شبكة الإنترنت التي بدأت تنتشر بسرعة منذ أقل من ست سنوات. وهي كلها تسعى إلى نشر الثقافة العلمية باللغة العربية تأليفًا وترجمةً ومتابعةً للأحداث العلمية.

“سنُعيد كتابة العِلم بأبجدية عربية”

ويمكن القول إن هناك الآن ما يزيد عن عشرين موقعا إلكترونيا جادا من هذا القبيل ينشر هذا النوع من الثقافة العلمية بلغة الضاد. وهذه المواقع العلمية يتبنّى جلّها شباب متطوعون أكاديميون من بلدان المشرق والمغرب العربيين يقيم كثير منهم في القارتين الأوروبية والأمريكية. والجميل أن نرى في هذا النشاط غيرة عن دعم اللغة العربية العلمية وتنافسا يبشر بالخير لأنه يهدف إلى تقديم الأفضل كمًا وكيفًا. وهذا يدل على أن الشباب العربي ليس كله بما يُوصف به من قلة وعْي ووهن وخيبة أمل في حاضر ومستقبل الأوطان.

وأبرز تلك المواقع موقع “الباحثون السوريون” الذي أطلقه في مطلع العام 2012 أحد الأساتذة الشباب السوريين في علم الأحياء، وهو مهند ملك، الذي درس وعمل في فرنسا (ليون) وكمبردج (لندن) والآن في برلين. واتخذ كشعار لموقعه “سنعيد كتابة العلم بأبجدية عربية”.

وحتى يدرك القارئ مدى الجهد المبذول يكفي أن نذكر أن الموقع الذي يلجه المتصفح مجانيا من كل مكان يحتوي على نحو 14 ألف موضوع علمي، يتطوع في تحريرها وترتيبها أزيد من 450 كاتبا علميا ومترجما، ويتصفحه نحو مليون زائر، ويصل الموقع حوالي مائة سؤال يوميا. وقد بَوَّب أصحاب الموقع المواضيع المتاحة في 27 اختصاصا علميا. ورغم بعض الانتقادات المختلفة التي وجهت للموقع فإن ثراءه بالجانب المعرفي وتنوع مواضيعه العلمية وجدية التطرق إليها لا تدعُ مجالا للشك في مكانة الموقع ودوره الرائد في نشر الثقافة العلمية باللغة العربية.

وبعد سنة من ذلك التاريخ أطلق سوري آخر، هو الفيزيائي همام البيطار، موقعا علميا سماه “ناسا بالعربي” يهدف إلى “تطوير وتثقيف المجتمعات الناطقة بالعربية” شعاره “نبدأ بترجمة ونشر العلم لننتهي بصناعته”. يعمل في الموقع حوالي 250 متطوعاً، ويتابعه أكثر من 600 ألف متصفح. أما كمية المواضيع المنشورة فيه فهي زهاء 4000 موضوع. ونجد في الموقع بوجه خاص مواضيع البحث والدراسة الواردة من وكالة “ناسا” (نازا) الفضائية  كما ينقل المعلومات والدراسات المختلفة من مصادر متعددة.

وقد فُتح موقعان علميان من شاكلة “الباحثون السوريون” أُطلق عليهما اسم “الباحثون المصريون” (2014) و”الباحثون اللبنانيون” (2015). يتابع الموقع المصري نحو 360 ألف متصفح، واللبناني أزيد من 300 ألف متصفح، ونشر هذا الأخير ما يزيد عن 4500 مادة. 

“بالعلم نرتقي”

أما في المغرب الأقصى فأطلق ياسين بنجدو موقع “فضائيون” عام 2015 شعاره ” ننظر إلى العلم من زاوية علمية”، وهو يهدف إلى “تقديم محتوى معرفي علمي بنّاء ومؤثر”، ويتابعه حوالي 400 ألف متصفح. وتحت شعار ” المعرفة العلمية للجميع”، تأسس عام 2012 موقع “المغرب العلمي” الذي يتصفحه نحو 200 ألف قارئ. وقد نال الموقع خلال 2013 جائزة أفضل موقع مغربي.

ورغم الدمار الذي عرفته ليبيا فهذا لم يمنع المتطوعين من فتح موقع “النادي الليبي العلمي” عام 2014، شعاره “بالعلم نرتقي” الذي يتابعه 71 ألف متصفح. كما قام الأكاديمي اليمني هاشم الغيلي بفتح موقع، له نفس الهدف، من ألمانيا سماه “مرصد المستقبل”.

وفي الخليج العربي تأسس في السعودية موقع “السعودي العلمي” عام 2012 الغني بالمواضيع العلمية المختلفة، وهو يرمي إلى “إثراء المحتوى العلمي العربي” وإلى “نشر المعرفة والثقافة العلمية من مصادرها الموثوقة والمتخصصة بشكل مباشر وبمستوى مفهوم لغير المتخصص”. يتابع الموقع أزيد من نصف مليون متصفح.

كما نجد في الإمارات العربية “مرصد المستقبل”، وهو موقع ثري شبه رسمي يُعتبر منصة علمية تسعى “لاستشراف المستقبل” و”تعمل على تغطية آخر ما توصل إليه العلم وقطاع التكنولوجيا باللغة العربية بشكل يومي .والجميل فيه أنه يرسل جديد الموقع إلى كل من يسجل عنوانه الإلكتروني، علما أن عدد المسجلين لتلقّي الأخبار العلمية منه فاق الآن 22 ألف شخص!

ومن مشاريع المواقع العلمية العربية التي ظهرت قبل ست سنوات موقع “أنا أصدق العلم” أطلقه من لبنان الجيولوجي العراقي أحمد الريس، ويذكر الموقع أن له ما يقارب مليوني متابع، ويصفه أصحابه بأنه “أكبر تجمع عربي علمي”. ومن العراق أطلقت مجموعة من العلميين المتطوعين عام 2013 مشروع ترجمة  في موقع سُمي “المشروع العراقي للترجمة” يقول أصحابه إن الأمر يتعلق بمُبادرة تطوعيّة تهدف إلى ترجمة المعرفة الرصينة من لغاتها الأم إلى اللغة العربية، بُغيّة الارتقاء بمستوى المحتوى العربي على الإنترنت كماً ونوعا”ً. أما شعاره فهو “لأن عقوداً من الظلام الفكري لا تنتهي إلا بمعرفة الآخر الناجح، لابُدّ من الترجمة”. وقد نشر ما لا يقل عن 4000 موضوع وبلغ عدد متابعيه 130 ألف متصفح.

وبطبيعة الحال، فالمقام لا يسمح باستعراض كل المواقع التي اطلعنا عليها؛ وفي نفس الوقت لا ندّعي أننا نلم بكل ما هو موجود في شبكة الإنترنت من مواقع علمية عربية، بل كل دلائل تشير إلى أن ما اطلعنا عليه قليل من كثير. وفضلا عن هذه المبادرات الطيبة، فنحن نعلم أن عددا من المواقع أسسها أساتذة جامعيون وضعوا فيها مواد مختلفة (فضلا عن المحاضرات والدروس) تثري المحتوى العلمي باللغة العربية.

والمؤسف أن الجامعات والمؤسسات العلمية الرسمية، التي تُعدّ بالمئات في العالم العربي، عاجزة عن تطوير مواقع علمية تؤدي هذا الدور وتدعمه خدمة للغة والثقافة العلمية التي ترفع من المستوى العلمي العام في المجتمعات. والمؤسف أكثر أن نقارن مواقف رجال السلطة والساهرين على التربية والتعليم في البلاد العربية في موضوع دعم اللغة العربية العلمية بمواقف وتوجّه هؤلاء الشباب الأكاديميين العرب الواعين بمصير لغتهم وأوطانهم. فشتّان بين الثرى والثريّا!!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
13
  • بدون اسم

    العالم يتلاعب بأ رواح العرب واراضيهم ومقدساتهم ونساءهم و صغارهم و.. فيق ياعربي
    وانت واضح انك عربي من بقايا عرب الجزائر ممن لم يمسهم القتل والتهجير و..كاشقائك باليمن وو وو
    نحمدالله الذي اعطانا الانجليزية كلغة للانسان المتواجد على الكرة الارضية
    ابق انتظر حتى تترجمون الكتب العلمية يا عربي
    غريب كاتب المقال لم اقرأ له مقالا يتحدث فيه عن ارواح اشقاءه العرب

  • خالد الجزائري

    يا أخي تفقد الرابط التالي وستغير رأيك https://www.youtube.com/watch?v=eG0qcZDi8wM ,لدكتور فاضل صالح السامرائي - مميزات اللغة العربية

  • أمة الله

    اللغة العربية إختارها خالق الكون لتبليغ كلامه إلى البشر، فهي إذن أصلح اللغات لتبليغ البشر بأسرار الكون، أي أنها هي لغة العلم بامتياز.

  • يوسف الشاوي

    No language or variety of a language (called a dialect) is superior to any other in a linguistic sense. Every grammar is equally complex, logical, and capable of producing an infinite set of sentences to express any thought. If something can be expressed in one language or one dialect, it can be expressed in any other language or dialect. It might involve different means and different words, but it can be expressed. see "An Introduction to Language" by Victoria Fromkin Robert Rodman Nina Hyam

  • saidoun

    لنبدأ بالتخلص من عقدة الشعور بالإضطهاد. السخرية من العربية أوهام موجودة فقط في عقول بعض من لا يحسنون غيرالعربية. أرفع راسك يا ابى

  • بدون اسم

    السلام عليكم
    شكرا ..
    كل عام وأنتم بخير
    .. كاين حاجة لازم نعرفوها جيـــــــــدا
    أن التطور الحاصل الحضاري و الرهيب في العالم الغربي
    - التكنولوجي والثقافي ووو .. الخ
    من صنع أو انجاز " أبنـــــــــــــــــــاء " العالم العربي ؟؟؟؟!
    القراية هنا والتطبيق لغيرنا ؟؟
    . لا ننسى أن الدول الأوروبية دخلت الى عالم الحضارة
    من - بـــــــــــــــــاب اللغة العربية -
    حسب معرفتنا المتواضعة جداجدا
    وسمحولي
    وشكرا

  • بولبول الغابة

    اللهم لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثيت على نفسك،
    ونصلي ونسلم تسلما على من لا نبي بعده،
    نتوجه بهذا الدعاء القرآني المحمدي المبارك في طلب العلم،
    ليزيد الله الأمة الإسلامية قاطبة من علمه و فضله
    (وليس ذلك على الله بعزيز )،
    اللهم برك لنا فيه وزدنا منه،
    وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114)-طه،
    اللهم علمنا وأنفعنا بما عمتنا،
    ونعوذ بك من علم لا نفع.
    والحمد لله الرحمن الرحيم.

  • محمد

    اللغة العربية لغة علم ودين وهي قادرة على استيعاب كل أنواع العلوم والتكنولوجيا بل أقول أنها محفز أكثر من كل اللغات الأخرى على البحث العلمي وأنها متجاوبة أكثر من غيرها في استعمال المصطلحات العلمية سواء في الترجمة أو حتى في اكتشاف واستحداث كلمات جديدة من صلب اللغة العربية ... لأنها تتميز بالاشتقاق وهو معروف عند علماء اللغة...

  • العربي المسلم

    بارك الله فيك يا ابن مدينة العلم والعلماء قمار من عائلة سعدالله الى عائلة بوجلخة الى مفتاح استاذ الفيزياء العالمي بجامعة ورقلة حيث يتم تعيينه لكل دول العالم للاشراف علة الدكتوراه الكثير لا يعرفونه بينما اليتيمة وزبائنها من فرنسا وبعض المناطق لم تخرج .. اتحدى اليتيمة اذا كان تعرفو .. اولاد فرنسا في الجزائر اليوم اوقفو كل شيء ويريدوننا ان نبدأ من الصفر وكأن العالم سيلتفت لنا حتى العرب سيتركوننا نتناقش اي من اللهجات الجزائرية ستصبح لغة .. لن نتوقف وسننظم الى كل سيعيد كتابة العِلم بأبجدية عربية".

  • العاصمية

    الشكر موصول للأستاذ سعد الله على مجهوداته المبذولة المتواصلة في خدمة الثقافة العلمية باللغة العربية وايصالها للقارئ البسيط... لا شك أن تلك المواقع العلمية العربية تثلج صدورنا وتروي غليلنا العلمي..شخصيا لم أكن مطلعة عليها. فجزاك الله خيرا وبارك في علمك. وأدامك ذخرا لبلدنا.
    مشكلتنا نحن الجزائريين أن غالبية نخبتنا ومتعلمينا في الخارج ينشرون ويكتبون باللغة الفرنسية، أصلا ثقافتهم وفكرهم تابع للثقافة الفرنسية -للأسف الشديد- بدون التحامل على أي طرف، وهذا ما يميزنا عن غيرنا من العرب..نحن دائما استثناء

  • بدون اسم

    لقد وصل الحد بأعداء العربية إلى السخرية منها والتلاعب بألفاظها ، والحمد لله فقد قيض الله لها رجالاً ينافحون عنها و يردون كيد الكائدين والأستاذ سعد الله واحد منهم ،وكل من يعمل لرفع راية العربية يعد مجاهداً في سبيل الله ،لأنها لغة الوحيين ،بها يحيا الدين . كنا صغاراً نحب هذه اللغة وندافع عنها بعفوية ، فيصخر منا أعداؤها ، ولم يكن لنا سند غير الأمل الممزوج بالخوف ، والآن والحمد لله تصدر العلماء الجبهة ،و أبهروا الخاسئين ،و ها نحن نتشفى فيهم ونقول لهم : موتوا بغيضكم .

  • الطيب

    الكتب و البحوث و الموسوعات و المواقع العلمية هي البحر ذاته بأي لغة تكلم ، الاشكال يا أستاذ هو ما رصيدها في واقعنا !؟ هذا اذا وجدت القارئ و المسؤول المهتم أصلاً!!
    هذا الجهد العلمي الضخم في عالمنا الثالث واقع و لا ينكره أحد و لكنه حبيس الرفوف و الحواسيب ليس إلا ! في حين أنّ البحوث العلمية المتميزة هي متنفس الحكومات في البلدان المتطورة لأنها تحولها آليًا إلى واقع يدر عليها و على مجتمعاتها الخير الوفير ...
    ربما الأستاذ تطرق إليها من ناحية اللغة و لكن لا تهم اللغة بقدر ما تهمنا كيفية الاستفادة ...

  • raid

    لكن اين هو الموقع الجزائري من هذا يااستاذ كان لنا امل كبير خاصة في مجال الرياضيات وحماسة الاساتذة الافاضل بوجلخه وسعد الله وعتيق ومولاي واستاذين تونسيين والجزائرية السورية وغيركم و كان لنا في الاستاذ خياط الامل الاكبر في دراسة الطب بالعربية قد تحقق وخاصة لما عرفنا ان الطب معرب في الجمهورية السورية لكن مات بومدين وماتت معه هذه الطموحات واستولى التيار الفرنكوفوني على جميع المجالات نحن نحي فيك صمودك وبقائك واقفا يا استاذ سعدالله ان تحرير الجزائر جاء بموت واقف ياعلي لا بونت