-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اليتم الإعلامي

الشروق أونلاين
  • 1381
  • 0
اليتم الإعلامي

ابراهيم قارعلي : ibrahimkarali@ech-chorouk.com

إذا كانت محاكمة المتورطين في نهب الأموال العمومية في قضية بنك الخليفة والتي يحلو لرجال الصحافة والإعلام وصفها بفضيحة القرن، حيث أنها كشفت للرأي العام فساد المنظومة المالية والمصرفية في الجزائر، فإن الوجه الآخر للفضيحة الذي كشفته لمحاكمة هو أن الجزائر تفتقر إلى منظومة إعلامية في تسيير الكثير من الملفات والقضايا ذات الصلة المباشرة بشؤون المواطنين.لقد امتلك عبد المؤمن خليفة المال وأدرك منذ البداية أهمية الإعلام، فكانت إمبراطوريته المالية تسير جنبا إلى جنب مع إمبراطوريته الإعلامية، وحين وضع المال في يد والإعلام في يد أخرى، فقد أوشك أن يستولي على السلطة التي كان قاب قوسين منها أو أدنى.

حتى أن الكثير من الأوساط المالية والإعلامية والسياسية قد كان أصحابها يتهامسون فيما بينهم أن عبد المؤمن خليفة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.. إن الإعلام سلاح ذو حدين، بل إنه سلاح فتاك ذو حدود متعددة، ومجال حيوي لا يمكن أبدا أن تحده حدود.. خاصة عندما يتعلق الأمر بوسائل الإعلام الجماهيرية الثقيلة من المحطات التلفزيونية ولاسيما القنوات الفضائية التي أصبح مفعولها في عصر العولمة المتوحشة أقوى من مفعول الصواريخ العابرة للقارات.

مشكلة السلطة في الجزائر هي مشكلة إتصال قبل كل شيء. وللأسف أن هذه السلطة قد استطاعت أن تحل أزمة الشرعية السياسية من خلال العودة إلى الإرادة الشعبية من خلال مختلف المواعيد الانتخابية التي تمّ استئنافها مع العودة إلى المسار الانتخابي. غير أن السلطة ذاتها لم تحل أزمة الإتصال التي تعاني منها، فهي بقدر ما استطاعت أن تسد الفجوة بين الحاكم والمحكوم بالانتخابات، فإن الهوة العميقة قد ازدادت اتساعا بين الحكومة والمواطن الذي ماانفك يشك في كل المعلومات التي تقدمها له هذه السلطة.

لم يقابل الانفتاح السياسي للسلطة على المعارضة أو على الطرف الآخر، انفتاح آخر في المجال الإعلامي، وقد اعتقدت السلطة أن الاحتكار الإعلامي، خاصة في المجال السمعي والبصري سوف يقوي مؤسسات الدولة ويحمي المواطنين ويصون وحدتهم الوطنية ويقيهم شر الحروب الأهلية أو الطائفية مثلما هو الأمر في لبنان التي تحولت إلى دولة طائفية أو العراق الذي تحول إلى دويلات أو إلى ولايات غير متحدة.. بل إن السلطة لم تكتف باحتكار المجال الإعلامي السمعي والبصري فقط، وإنما أغلقت مكاتب القنوات الفضائية العربية مثل قناة الجزيرة وسحبت الإعتماد من مراسلين آخرين للقنوات الفضائية، يحدث ذلك في الوقت الذي أصبح العالم عبارة عن قرية إعلامية صغيرة جدا، بل إن الخدمات المجانية التي يقدمها المحرك “قوقل” عبر الشبكة المعلوماتية المربوطة بالأقمار الصناعية قد جعلت المواطن يتجول في المواقع العسكرية لمختلف الدول وكأنه يتجوّل بين المطبخ وغرفة النوم.

وقد اعترفت المخابرات البريطانية، أن المقاومة العراقية قد أصبحت تلجأ إلى خدمات “قوقل” في الهجوم على قوات الإحتلال البريطاني والأمريكي، بل إن عملية بوشاوي التي استهدفت حافلة أمريكية في الجزائر قد أكدت أن منفذيها قد استعانوا في هجومهم على خدمات “قوقل”.

إن غلق المجال السمعي البصري قد تحوّل إلى نقمة ضد السلطة التي أخفقت في الإتصال والتواصل بينها وبين الآخر ويتجلى ذلك من خلال تلك الصواريخ العابرة للقارات التي أطلقها عبد المؤمن خليفة من أحد مكاتب قناة الجزيرة في بريطانيا على قصر رئاسة الجمهورية بالمرادية في أعالي الجزائر العاصمة.. ويبقى السؤال، أين الاستراتيجية الإعلامية التي تمتلكها الجزائر. فإذا كان الجزائريون يصفون قناتهم التلفزيونية الأرضية باليتيمة.. فلاشك أن فضيحة الخليفة قد كشفت عن اليتم الإعلامي للسلطة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!