-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

انتخاب “المنتخَب”

انتخاب “المنتخَب”

مرة أخرى، بيّنت لعبة كرة القدم، ومن خلالها المنتخب الوطني الجزائري، أنها الوحيدة، التي بإمكانها أن تجمع الجزائريين، على حلم واحد؛ فقد كان يوم الجمعة، أشبه بالأيام الكبيرة التي تُشدّ إليها الرحال المعنوية، ويتفق فيها الجزائريون على أن تخفق قلوبهم بفؤاد واحد، وتجري دماؤُهم في شريان واحد، من أجل نصرة المنتخب الجزائري الذي لعب سهرة الجمعة واحدة من المباريات الكروية التي جمعت الوطنية المخفية التي لا يكشفها سوى ستار المنتخب الجزائري، لأن الكثير من الذين ارتعشت أبدانُهم وخفقت قلوبهم ودمعت عيونهم، وخشعوا في الدعاء لأجل النصر والأداء القوي، في منطقة القبائل والأوراس وقسنطينة ووهران والصحراء والعاصمة وبلاد المهجر، لا يفقهون من اللعبة لا خططا تكتيكية ولا قوانينَ ولا لياقة بدنية، ولكن حب الوطن جرّهم ليلتفوا حول التلفزيون وبعضهم كان قد طلّق الشاشة الصغيرة من زمان بالثلاث.

لو تُنقل هذه التجربة الرياضية الملحمية بجانبها الشعبي، إلى مجالات أخرى، فتُمنح القيادة في الفلاحة والصناعة والتعليم والجامعات لمن يستحقها، ويتابع الجزائريون، كلّ في مجاله، مسار قطاعاتهم بروح وطنية، يركزون على النبتة من الغرس إلى جني الثمار، فإنهم بالتأكيد سيحقِّقون إنجازاتٍ كبيرة، وحتى لو حدثت عثراتٌ آنية أو مرحلية كما يحدث في الكرة، فإنهم سيعودون ليحققوا انتصارات ثقافية واقتصادية واجتماعية، تبني بلدا لا يُختصر في لعبة كرة القدم، التي تجمعنا دائما حول منتخب الجزائر، وتمنحنا عزّة لا نظير لها عندما يُرفع العلم الجزائري في بلاد أخرى أو على أكتاف المناصرين أو على قميص لاعب كرة مهما كان مستواه أو المنصب الذي يلعب فيه، وعندما يُعزف النشيد الوطني من فرقة جزائرية أو كاميرونية أو قطرية أو في أي قارة في العالم.

ليس عيبا أو محرَّما الاستثمار في هذه المشاعر الرائعة والدافئة، وهذا الالتفاف الذي يلاقي الجزائريين جميعا خلف هدف واحد، في مجالات متعددة، حتى ولو كان نقطة بداية لإنجاز البنيان المرصوص الذي يناطح السحاب، فقد بنت غالبية الدول العظمى بلادها، من انتصارات متعددة في الحرب والصناعة والعلم والفلاحة والثقافة وحتى كرة القدم، كما كان الشأن مع ألمانيا واليابان والهند وإيطاليا وتركيا والبرازيل، إذ صنع الالتفاف حول المحاولة وحول النصر، طفرة لصناعة إنجازات أخرى كان أثرُها كبيرا على كافة الشعب.

لو قُدِّر للجزائريين أن يتوجهوا إلى مراكز الاقتراع، لاختيار من يجتمعون من حوله ويمنحونه حبّهم من دون شرط، فلن يجدوا أحسن من منتخب بلادهم، بعيدا عن الأسماء، فقد تجمّعوا في زمن الثورة حول منتخب زيتوني ومخلوفي وكرمالي وبن فضة، وتجمّعوا بعد الاستقلال حول لالماس وبتروني وماجر وصايب وزياني ومحرز، وما كان همّهم سوى انتصار المنتخب الجزائري، تحت راية العَلم نفسه، والنشيد ذاته، في أماكن وأزمنة متعددة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ياسين

    ما يُؤسف له أن ما تجمعه الرياضة يفرقه "البولتيك"؟؟؟