-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
زوايا تحركت في اتجاه التجنيد دون اصطفاف

بعد الحراك.. هل تدخل المساجد على خط الانتخابات الرئاسية؟

بعد الحراك.. هل تدخل المساجد على خط الانتخابات الرئاسية؟
ح.م

منذ صعود الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى سدة الحكم قبل 20 عاما، ظلت بعض الزوايا والطرق الصوفية في قلب الأحداث السياسية وفي المقدمة منها المحطات الانتخابية الرئاسية وحتى البرلمانية، لأنّ الرجل بحسب مراقبين يحمل معتقدات خاصة تجاهها تعود إلى نسبه العائلي، وإن كان ذلك لا يفسر وحده سرّ علاقة الرئيس بها.

وإذا كان مفهومًا إلى حدّ بعيد انخراط المؤسسة الدينية ضمن المنعرجات التاريخية الحاسمة في التعبئة الشعبية العامة لصالح خيارات وطنية كبرى، هي محلّ إجماع بين المواطنين، على غرار المصالحة الوطنية قبل سنوات، فإنّ توريطها في لعبة الصراع على السلطة والتدافع على الحكم قد شوهها وأفقدها وظيفتها الأساسية والأصلية، بل جعلها خطرا على النسيج الاجتماعي، باعتبارها من ركائز الأمن الفكري والثقافي للمجتمع، ما يفترض فيها أن تكون فضاءات جامعة بتوجهاتها وخطابها، وعلى مسافة واحدة من الجميع.

قامت سياسة الرئيس المستقيل على استعمال الزوايا والطرق الصوفية وحتى المساجد والأئمة بشكل حزبي ضيق، يصبّ في خدمة حكم الفرد أكثر من الدفاع عن المصالح العليا للدولة، فقرّبها من القصر من خلال العطايا الماليّة والمناصب السامية وحتى جوازات الحج، وسواها من المزايا الشخصيّة لأعيانها، وذلك في إطار كسب ودّها وضمان تأييدها له في مواجهة خصومه.

ولم تنج من تلك السياسة الممنهجة برعاية رسمية سوى زوايا قرآنية ظلت متحصنة بأدبياتها الروحية والتربوية، بعيدا عن الأضواء السلطوية ومغرياتها، فيما غرقت الباقية منها في زخرف السلطان، حتى صارت محلّ تهكم من أفراد المجتمع، ما زاد من انحرافها في نظر المتحفظين على أدوارها الجديدة، فضلا عن طقوس أخرى مشبوهة أحيانا.

ولم يختلف الأمر كثيرا على المنابر، حيث ظلت الإدارة توجّه خطب الأئمة في كل مناسبة وفق خيارات السلطة دون أن تتركها على الحياد الإيجابي، ما أحدث الفتنة أحيانا وسط المصلين، بلغ برواد المساجد للانسحاب من خطب الجمعة في بعض المناطق، آخرها ما وقع في الأسابيع الأولى لحراك 22 فبراير.

هل يتكرر سيناريو الفتنة على المنابر..؟

اليوم، ومع الانقسام الكبير داخل المجتمع تجاه الانتخابات الرئاسية المقبلة نفسها بين الرفض والقبول، تتصاعد المخاوف مجددا من فتنة المساجد بسبب توظيفها السياسي من جميع الأطراف، وفق توقعات المتابعين، خاصة بعد تصريح وزير الشؤون الدينية والأوقاف أول أمس بالقول “إنّ الجزائر أمام تحديات جسام في بناء مؤسساتها وفق المتطلبات الشعبية التي ترفض وفق تعاليم دينها أي فصل بين الخطاب الديني والوطني، وأنه لا يمكن فصل الإمام عن مجتمعه بل من مهامه الإسهام في توجيه المجتمع وفق ما يمكنه من المضي قدما في شتى المجالات”.

فكلام مسؤول القطاع واضح لا يحتمل التأويل، في أن المساجد ستكون مجندة ضمن حملات التحسيس بالمشاركة في التصويت خلال الاستحقاق القادم، وإذا كان ذلك ليس جريمة ولا أمرا مذمومًا من حيث المبدأ، لكنه في الظروف القائمة قد يثير فتنًا بين الأئمة والمأمومين من جهة، وبين المصلين فيما بينهم من جهة أخرى، ما سوف ينعكس على استقرار بيوت الرحمان في النهاية، فضلا عن المساس بمصداقية الإمام كمرشد اجتماعي وتربوي.

وليس مستبعدا في الاتجاه المقابل أن يستغل أئمة من أنصار الحراك مواقعهم الدينية للتحريض ضد الانتخابات، ولن يتوانوا عن ليّ أعناق النصوص لبناء التأصيل الشرعي في تبرير سلوكهم الوعظي.

ويعتقد مراقبون أن نقابات القطاع لن تبق مكتوفة الأيدي، في هذه المناسبة، لو حدثت أي ضغوطات إدارية في حق الأئمة، لأنهم يعانون وحدهم من ردود فعل المجتمع، وهم يعيشون أصلا تحت ظروف مادية ومهنية قاهرة تجعلهم في غنى عن كل إهانة معنوية أخرى.

الزوايا.. من صكوك الغفران إلى الانزواء

أمّا الزوايا التي تحوّل بعضها قبل سنوات قليلة إلى قبلة لتبييض مسؤولين ملاحقين بتهم الفساد، مقابل ضخ الملايير في حسابها وحسابات القائمين عليها، فيبدو أن تداعيات الحراك الشعبي قد فرملتها حتى الآن عن التقدم نحو السباق الانتخابي.

فعليّا نحن في سياق الحملة الرئاسية منذ إعلان عن قائمة المرشّحين المقبولين، إلا أنّ الزوايا دون استثناء تنأى بنفسها حتى الآن عن اقتحام المعترك السياسي، ولم تظهر مواقفها من المتسابقين لا بالرفض ولا بالتأييد أو المباركة، ويستبعد محللون حدوث ذلك هذه المرة، إلاّ في حدود ضيقة لا تعبّر عن المكوّن الصّوفي الكبير في البلاد.

بقيت الإشارة إلى أن بيانًا يروج عبر مواقع التواصل الاجتماع منذ ساعات، منسوب إلى ما يسمى “النقابة الوطنية للزوايا الأشراف”، يزعم دعمها لأحد المرشحين، لكن الحقيقة أن هذه الهيئة وهمية، لا أحد يعلم عن نسبها وتمثيلها ومن يقفون وراءها، فهي تطلّ من حين لآخر عبر مناشير افتراضية، والأرجح، حسب مراقبين، أنها تدخل ضمن أدوات خلط الأوراق والتشويش، ولو أنّ خرجاتها الموسمية صارت من دون صدى سياسي ولا حتى إعلامي، بعدما تبيّنت حقيقتها لدى الجميع.

وما حصل إلى الآن هو تحركات معزولة لأطراف محسوبة على زوايا بمناطق الجنوب ضمن مبادرات مدنية مفتوحة، لأجل التوعية بمخاطر الوضع العام، ومحاولة إقناع الناخبين بالتعبير عن موقفهم عن طريق صناديق الاقتراع.

ويرى متابعون أنّ إفرازات الحراك الشعبي، مثلما طهرت الساحة السياسية من بعض الفاسدين والمندسين والانتهازيين وعزلتهم اجتماعيّا، فقد تكون فرصة مناسبة وإجباريّة في فائدة تلك المؤسسات الدينية العريقة، لتصحيح أخطائها وتصويب أدوارها، ثم العودة إلى وظائفها الحساسة، في سياق تحولات كونية معولمة، تحمل اختراقات حادة للأنساق الفكرية والثقافية والدينية للمجتمعات الهشّة، ما يقتضي تفعيل كافة الهيئات ذات الصلة بصيانة الهوية الحضاريّة للأمة وترقيتها، بدل تمييعها وتدجينها في مسارات دخيلة على طبيعتها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
12
  • HOCINE HECHAICHI

    يا أئمة المساجد
    أنصحوا المترشحين بأن تقدم برامجهم "حلا جذريا" لأزمة تخلف الجزائر المزمن وليس شعارات جوفاء وكلاما معسولا ووعودا لا يمكنهم الوفاء بها ينبذها الدين الإسلامي.
    الحل الجذري هو الدخول فورا في "اقتصاد الحرب" الذي أساسه الشعب العامل والمتفاني وليس الشعب الخامل والإتكالي و المسعف الذي شعاره ( ragda wa t’manger ) والتقشف (austérité) و الاستكفاء ( autarcie) وتنظيم النسل والتشجير واللبتعاد عت القدرية (fatalisme) المكثف وغيرها من الإجراءات الصارمة قبل انهيار البلاد.

  • yacine

    و ماذا نسمي أولئك الذين يعملون لصالح أحزاب سياسية؟ هل نقول عنهم أيضا أنهم عملاء؟؟؟ العميل هو الخائن الذي يخون وطنه لصالح جهات أجنبية؟؟؟

  • حقائق مرة لكنها حقائق

    لصاحب التعليق 7 أحمد : يظهر أنك تتحدث عن موضوع تجاوز مستواك بكثير بل موضوع لا تتقن خباياه بالمطلق ورغم ذلك فكلامك لا يبيض سجل هذه الزوايا التي خدمت فرنسا في عهدها وخدمت النظام بعد الاستقلال والى اليوم وهي الى جانبه تصفق لجرائمه وتفتي حسب أهوائه وهذا ينطبق على المساجد ورجال الدين من " الفهم " الى " يائهم " الذين لم يحدث أن وقفوا بجانب الشعب الجزائري في نضالاته ضد النظام ومنذ 60 سنة ولم يحدث أن انتقدوا تصرفاته ونهبه للمال العام .......الخ فهم دائما منبطحين للنظام ورجالاته

  • TADAZ TABRAZ

    للمعلق 7 : يجب أن يتجند الجميع ضد جماعة فرنسا. مساجد زوايا المجتمع المدني الجميع ... لا ولا ولا بل
    يجب أن يتجند الجميع ضد النفاق والكذب والتملق ومن ذلك تعليقك الذي يمدح الزوايا التي ساندت النظام الفاسد منذ 1962 بل التي تحولت الى أداة في خدمة النظام والى اليوم كيف لا حين نلاحظ زوايا في المدية والجلفة .. تستقبل شكيب خليل المتابع يومها بشبهة فساد بالزغاريد كما أن هذه الزوايا خدمت من تسميهم بالمناولين لصالح فرنسا في الداخل ولا ننسى تلك المساجد أيضا التي تملى عليها خطب الجمعة من قبل النظام أيضا حسب الحاجة وأخيرا يقول المثل : يغسل الماء كل شيء تقريبا إلا اللسان السيء

  • hrire

    بدون المساجد و ااخطاب للزوالى
    كنت تريد انتخبات نزبهة و ليس لك اى نويا خبيثة ها هى اليوم هيءة مستقلة تشرف على تلك الانتخبات و فيها اناس مشهود لهم بتلشرف و النزاهة فلماذا لازم تحسيسك حتى تنتخب
    الاخرون للهم نويا وراء الوجه و حتى يرجع عمر بن الخطاب و ما ينتخبوش
    سبة و لاقتها حدورة
    الزوالى يعرف حده و لن ينطوى وراء هؤلاء اصحاب النويا الخبيءة

  • أحمد

    يجب أن يتجند الجميع ضد جماعة فرنسا. مساجد زوايا المجتمع المدني الجميع الجميع، لتفويت الفرصة على من يمارسون المناولة من الداخل لصالح فرنسا امهم التي لم تعترف بهم

  • ملاحظ

    المساجد رخصت للعبادة والدراسة في الشريعة والفقه الاسلامي لا لمنصات الحملات الدنياوية والسياسة...والا تفتح ابواب لتكفير والخوارج...بطبيعة الحال الصوفية دائما اخلطوا دنيا مع الاخيرة بممارسة تجهيل الشعب وتشجيعه على الخرافات والشرك عبر زوايا التي حولوها لصكوك الغفران لرؤوس العصابة واللصوص فعلوها مع شكيب ومن المؤكد سيفعلونها مع احدى المرشحين..منظمة الزويا دعمت عصابة فرنسا حتى اخر ايامه ودعمت قرارات بن غبريط في منع الصلاة والحجاب كما هي تتعامل مع منظمة ماسونية روتاري..

  • جزائري حر

    أغلب الإئمة هم من عملاء النظام وقد تدخلو مند أكثر من شهرين يحثون الناس على الإنتخابات

  • KAMEL- TIPASA

    اليس دستوركم يقول ممنوع السياسة في المساجد ...يجب ان تكون اغبى الاغبياء كي تفهم ما تقوم به السلطةفي بلاد الميكي ...المهم لا انتخابات مع العصابات

  • نمام

    المساجد ما زالت تتخبط في خطاب لا يقيم وزنا لدوره وجوهر رسالته اي الانتصار للمظلوم وتعرية المفسد والظالم و المستبد وقد اتيحت فرصة الحراك لمراجعة الذات ونقد الاخطاء الماضية من مغازلة للنظام والتوافد على ولائم الفاسدين واستعماله لكلام تلفيقي اجهدوا و اضاعوا اي الائمة انفسهم في البحث عنه في بطون الكتب محاولة منهم تدوير الزاويا ونسوا باهم لا يقولون شيئا مسوقين لخطاب المسايرة مع النظام و لا عجب المسجد مؤسسة من مؤسسات السلطة ووجدت لخدمتهم وسيروجون طبعا للانتخابات و الخوف من الفوضى وهل هناك فوضى اسوا منهم ومؤامرة اكبر من حماية الفاسدين وخوف على الوحدة وبروبجندا لا تقدم شيئا لشعب خارت قواه واستكان لقهر

  • مواطن مستاء ...

    الزوايا والمساجد ورجال الدين كلهم في خدمة النظام منذ 1962 ولم يحدث أن ندد هؤلا بالفساد والاستبداد والنهب ... الممارس في حق الجزائريين كما أن الزوايا أداة من أدوات هذا النظام حيث يحركها لخدمة أغراضه ومخططاته شأنها شأن المنظمات الجماهيرية كاالاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمة المجاهدين ومنظمات أبناء المجاهدين والاتحا العام للنساء الجزائريات... الخ وأكثر من ذلك يجب التذكير ان العديد من المساجد خصصت خطبة الجمعة المصادف لليوم الأول من الحراك أي يوم 22 فيفري لمحاولة اقناع المصلين على عدم المشاركة في المسيرت وخرافة عدم جواز الخروج عن طاعة الحاكم

  • Ahmed

    يعيشون في وهم اسمه الحراك, وسوف تستيقضون على واقع اسمه المنجل.