-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بلد مغشوش..

الشروق أونلاين
  • 1370
  • 0
بلد مغشوش..

نورالدين قـلالـه: norddinekelala@ech-chorouk.com

ماذا يحدث في هذا البلد؟لم يعد هناك أي شيء حقيقي أو أصلي، من دون مساحيق أو رتوش.. فقبل سنوات قليلة اكتشف الجزائريون بعد زلزال عنيف أن الحديد كان مغشوشا، ثم قالوا الإسمنت أيضا..ثم توالى حديث الغش ليطال الدواء والخبز والكاشير والدجاج و… ووصل الأمر إلى الماء.نعم حتى الماء مغشوش فقد اختلط يوما بالمازوت وقالوا لنا في اعتراف صريح أن الأمر صحيح، لكن الماء – في نظرهم طبعا- صحي للغاية ولا حرج من شربه !! حتى اصطدمنا بحالات جديدة، اكتشفنا من خلالها “عصير المازوت” وشربة المازوت”..

و قبل الماء كان لنا فصل طويل من التاريخ المغشوش، فلا زلنا بعد أكثر من 50 سنة من الاستقلال نتحدث عن المجاهدين المزيفين.. و في خضم أزمة التاريخ اكتشفنا أن الدين أيضا مغشوش، الكل متدين والكل يتحدث باسم الدين، والكل يفسر الدين حسب هواه وحسب مصالحه ونزواته السياسية والأخلاقية.

و اليوم تفطن الجميع إلى اكتشاف كبير يضاف إلى اكتشافاتنا التاريخية التي تضاهي مصباح إديسون وتلفون بيل، بأن الحليب مغشوش بعدما انقطع حسه وغلا ثمنه، وأصبحت السيدة “الشكارة” ملكة الموقف في صنع الطوابير بالأسواق.. و من أجل ماذا ؟ من أجل بضع غرامات من مادة غريبة تتشكل من “البودرة” الممزوجة بالماء، لا لون ولا طعم ولا رائحة لها، يقال أنها تشبه إلى حد ما الحليب.

فهل كان يجب أن نعيش أزمة ندرة الحليب لنكتشف الحقيقة المرة أنه لا حليب في الحليب؟ و هل كان يجب أن تزلزل الأرض لنكتشف أنه لا حديد في الحديد ولا اسمنت في الإسمنت، وهل كان يجب أن تجرف المياه العاصمة ومن فيها لندرك أن البلاعات مغشوشة والطرق موصدة؟ و في النهاية هل كتب على الجزائريين، حتى يكتشفوا الحقيقة، أن يذوقوا كل أنواع وأشكال الأزمات والكوارث وأن يجربوا كل الويلات من الزلازل إلى الفيضانات و الجراد و الجفاف و الإرهاب إلى غرق البواخر وغرق البنوك، ثم تهريب العملة وتهجير العلوم…

و في هذا الزمن الجزائري المغشوش حتى الهواء أصابه الغش بعدما احتلت الجزائر مكانة متقدمة في صفوف العواصم الأكثر تلوثا في العالم. وأنا آسف لأنني استعملت كلمة “مغشوش” كثيرا وذلك من فرط “غشي” وهي كلمة عامية تعني في بعض المناطق “الغضب”، وهو أقصى ما نملكه لمحاربة الغش.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!