-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تأبينية الشيخ طاهر

تأبينية الشيخ طاهر

أقامت “خير جمعية أخرجت للناس”، جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في يوم السبت 24-6-2023 تأبينية لفقيد الجزائر الشيخ طاهر آيت علجت، الذي عاش قرنا وستة أعوام، إلى درجة أن أحد الأساتذة وصفه بأنه “شاهد القرنين”، فقد ولد في تمقرة من ولاية بجاية في عام 1917، وتوفاه الله بمدينة الجزائر في 2023.

ومما أعطى لهذه التأبينية “نكهة متميزة” أنها أقيمت في نادي الترقي، الذي سماه الإمام الإبراهيمي “بيت الأمة”، لأنه شهد ميلاد “باعثة الأمة” في 5-5-1931، بعدما ظنت فرنسا المجرمة أنها “أقبرت” الجزائر، وأنها صارت فرنسية، نصرانية.. فخيب الله – عز وجل- ظن هذه الدولة الصليبية، التي لا تخجل من الافتخار بجرائمها الفظيعة، وتعدها من مفاخرها، لأنها عارية من كل فضيلة، متحلية بكل رذيلة.

لقد تكلم إخوة عن علم الشيخ طاهرا، ولست منهم، لأنني لست أهلا لتقييم علم الشيخ، ولأن أي إنسان مهما يبلغ علمه فهو قليل، لأن “العليم الخبير” ذكر في ذكره الحكيم أن الناس جميعا مما أوتوا من العلم، وما يؤتون إلا قليلا..

وأما الأمر الذي أجمع عليه المتحدثون – محاضرون ومعقبون- فهو أخلاق الشيخ وشمائله، ومنها التسامح، والحلم، والتواضع العزيز، إذ “العزة لله ولرسوله وللمؤمنين”، والحياء، وهو خلق الإسلام كما جاء في حديث البشير النذير – عليه الصلاة والسلام- “لكل دين خلق، وخلق للإسلام الحياء”.

يعلم الجميع أنه ما من مولود من بني آدم استهل “باكيا”، ولكن أحد الإخوة قال: أكاد أجزم أن الشيخ طاهرا ولد مبتسما، لأنه لم يُر يوما عابس الوجه، مقطب الجبين، عاقد الحاجبين.. إلى درجة أن صديقه الأستاذ محمد صالح الصديق قال له يوما: لي رجاء عندك أرجوك أن تحققه لي. فرد الشيخ بسرعة: وما هو رجاؤك الذي أرجو الله أن يعينني لتحقيقه؟ فأجاب الشيخ محمد صالح: “أرجوك أن تغضب”، فتبسم المرجو، والرّاجي، والحاضرون..

وجدت يوما الشيخ طاهرا مع بعض من “يُزكون” أنفسهم، فقلت مبتسما: “ما كان الله ليعذبكم وهو فيكم”، مشيرا إلى الشيخ.. فحدجوني بنظراتهم التي أحسست أنها اخترقت قفصي الصدري..

فتابعت كلامي: ألم يقل رسول الله – عليه الصلاة والسلام- ما معناه: لولا شيوخ ركع، وأطفال رضع، وبهائم رتع لصب عليكم البلاء صبا- وهذا من الشيوخ الركع.. فبهت الذين زكوا أنفسهم.

لقد جمع الله – عز وجل- لعبده طاهر وسامين هما – بعد الإيمان – العلم والجهاد، وهما الوسامان اللذان يرفعان العبد ويثقلان ميزانه. فاللهم تقبل عبدك طاهرا بقبول حسن، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وأورثنا خلقه الرفيع بفضلك وكرمك فأنت أهل الفضل والكرم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!