-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تحقيقٌ مع وزيرة بـالواتساب!

حسين لقرع
  • 1395
  • 0
تحقيقٌ مع وزيرة بـالواتساب!

من الطرائف السياسية التي سمعناها هذه الأيام، أنّ التحقيق الذي أعلنت ليبيا فتحَه بشأن لقاء الوزيرة المقالة نجلاء المنقوش نظيرَها الصهيوني إيلي كوهين بإيطاليا في أواخر أوت الماضي، يُجرى عبر تطبيق واتساب، حسب ما صرّح به مصدرٌ حكومي للموقع الليبي “بوابة الوسط”!

منذ انفجار هذه الفضيحة المدوّية بليبيا الشقيقة، شعرنا منذ البداية بعدم الجدّية في متابعة الملفّ ومحاولة غلقه بأسرع وقتٍ ممكن، قبل أن تتوسّع نارُ الاحتجاجات الشعبية وتُحرق حكومة طرابلس، إذ لم يظهر أيُّ أثرٍ للوزيرة المُقالة، ثم قيل إنها هربت إلى تركيا، ولا ندري كيف تتمكّن هذه الوزيرة من الفرار بهذه السهولة إن لم يكن هناك تواطؤٌ رسمي يقضي بإبعادها عن البلد ريثما تهدأ العاصفة وينسى الليبيون الفضيحة وتعود المياهُ إلى مجاريها، وهذا مقابل لزوم الوزيرة المقالة الصمتَ وعدم توريط حكومة الدبيبة فيما جرى بإيطاليا وتبنّي نكتة “التصرّف انفراديًّا” التي لا يصدّقها عاقلٌ واحد، بل أكثر الناس سذاجة و”طيبة”.

وفي جميع الأحوال، فقد كان إعلانُ كوهين، بكثيرٍ من الفخر والنشوة كمن حقّق إنجازا “تاريخيا”، خبرَ لقاء روما، نقمةً على التطبيع الذي وقع في مطبٍّ كبير؛ فقد خرج آلاف الليبيين بشتى المدن مندّدين بهذه الخيانة البغيضة للقضية الفلسطينية المقدّسة، وصدمت صورُ الاحتجاجات العارمة رئيس حكومة طرابلس، فلم يجد بدّا من تأكيد التزام ليبيا بدعم القضية ورفض التطبيع، ليتحقّق بذلك المثلُ القائل “رُبّ ضارّةٍ نافعة”؛ فلو لم يتسرّع كوهين في كشف لقاء العار بروما، لكان التطبيعُ المقيت بين ليبيا والاحتلال يُطبَخ على نار هادئة، كما حدث من قبل من دول عربية منبطحة أخرى، وهي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، ولكُنّا قد سمعنا، بعد أسابيع أو أشهر من الآن، بإعلان انضمام دولةٍ عربية سابعة إلى قافلة المهرولين المنبطحين، ولكانت القضيةُ الفلسطينية قد تلقّت طعنة عربية أخرى في الظهر، ولكان الموساد قد وجد موطئ قدم له على حدودنا الشرقية بعد أن وفّر له “أمير المؤمنين” موطئا آخر على حدودنا الغربية.

لعلّ السؤال الذي يحيّر المتتبعين لملفّ التطبيع والتسابق العربي المحموم على الخيانة، هو: كيف يلتقي المسؤولون العرب نظراءَهم الصهاينة، ويتبادلون معهم المصافحات والابتسامات ويوقّعون معهم الاتفاقات والمعاهدات ويفتحون لهم أبواب دولهم على مصراعيها، في وقتٍ لا يكفّ فيه الاحتلالُ عن سفك دماء الفلسطينيين وهدم بيوتهم وتدنيس مقدساتهم والتنكيل بشبابهم وأسراهم وحتى قلع أشجارهم وجرف بساتينهم… من دون أن يشعر هؤلاء المسؤولون العرب بالعار والخجل والذنب؟!

لا ريب عندنا أن وزيرة خارجية بلجيكا التي انتقدت قبل أيام قليلة جرائم الاحتلال الفاشي العنصري بفلسطين وقتله الأطفال وتدمير القرى والبيوت “حتى اختفت قرى كاملة من الخريطة”، على حدّ تعبيرها، لا شك أن هذه الوزيرة هي أشرفُ بكثير من المنقوش وحكام الإمارات والمغرب وغيرهم ممن يديرون ظهرهم للفلسطينيين ويزكّون ضمنيا جرائم الاحتلال باستقبال مسؤوليه أو زيارة الكيان القائم بفلسطين المحتلة.

بقي أن نقول لعقيلة صالح، رئيس برلمان طبرق، كما يُسمّى: لقد ندّدتَ بلقاء المنقوش وكوهين، وهاجمت هرولة حكومة الدبيبة، لكنّك لزمت صمت الأموات حينما زار صدام حفتر، ابن المتمرِّد خليفة حفتر، تل أبيب في أوائل نوفمبر 2021 بحثا عن تزكية صهيونية لوالده ليصل إلى رئاسة ليبيا مقابل التطبيع مع الاحتلال، فلماذا الكيلُ المفضوح بمكيالين؟ حكومة طرابلس كانت تريد الحصول على تزكية الصهاينة للبقاء في الحكم، وحليفُك حفتر كان يريدها للوصول إلى الحكم، فما هو الفرق؟ كلّكم في الهرولة والانبطاح سواء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!