-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تركيا ـ فرنسا ـ الجزائر.. قراءة في سجل التاريخ!

محمد سليم قلالة
  • 1992
  • 12
تركيا ـ فرنسا ـ الجزائر.. قراءة في سجل التاريخ!
ح.م

في 24 فيفري 1525، تم أَسْرُ الملك الفرنسي “فرانسوا الأول”، على إثر هزيمته العسكرية جنوب “ميلان” الإيطالية، ونُقِل إلى إسبانيا، حيث غريمه “شارلكان” الطامع في الهيمنة على أوروبا واستعادة شمال إفريقيا، ومن بينها الجزائر إلى الدائرة الصليبية بعد سقوط الاندلس(1492). لم تجد والدة الملك الفرنسي بِمَن تستنجد سوى بسلطان ذاع صيته في تلك الفترة هو خليفة المسلمين سليمان القانوني الذي عُرِف في الغرب باسم le magnifique.

ولم يتردد السلطان المسلم في الاستجابة لنجدة دولة مسيحية كانت على أبواب الانهيار. وبالفعل خاض السلطان التركي الحرب ضد أعداء فرنسا من المجر إلى النمسا إلى إسبانيا، ومَكَّن الملك الفرنسي من استعادة ملكه، ومَنحه الأمان بشأن حرية المعتقد والعبادة…. ومنذ ذلك التاريخ والعلاقات الفرنسيةـ العثمانية على أحسن حال لمدة زادت عن القرنين، حتى أصبحت من الأدلة التي تُقدَّم لنقض نظرية صدام الحضارات على أساس ديني، لـ”صمويل هتنغتن”… فها هي عبر قروندولة مسلمة كبرى تَحمي دولة مسيحية من المسيحيين أنفسهم، حتى قيل إنه لولا التدخل العثماني في تلك الفترة لما بقي للهوية الفرنسية وجود…وهاهي عبر قرون دولة مسلمة كبرى تتعامل مع دولة مسيحية تجاريا على أوسع نطاق. وكان للجزائر دور كبير في هذه الحماية العثمانية وهذا التعامل التجاري مع فرنسا بالذات، حيث كان أسطول خير الدين بربروس، يتمركز بموانئ جيجل وبجاية، ومدينة الجزائر، ليحمي الشمال الافريقي المسلم، ولا يتردد في تقديم الدعم لمملكة فرنسا الخائفة آنذاك، وكانت خيرات الجزائر تتدفق على الإقليم الفرنسي الذي تُهدّده المجاعة…

ولم تَنقُض الدولة العثمانية عهدها، بل فرنسا هي مَن فَعلت… حيث تحالفت مع المجر والنمسا وإيطاليا لمنع المسلمين من فتح مدينة “فينا”، واحتفلوا جميعا برد المسلمين عن أسوارها بطبخ حلوى على شكل هلال وأكلها كل صباح انتشاء بانتصار الصليب…

وفي سنة 1798 لم يتردد نابوليون في شن حملة احتلال ضد مصر التي كانت جزءا من الدولة العثمانية التي حافظت على دولته من الانهيار. وفي سنة 1830 لم يتردد شارل العاشر في احتلال الجزائر التي حَمَتْ موانئها أجداده وأطعَمت شعبه، وبعد سنة 1916 لم يتردد وزير خارجية الدولة الفرنسية “بيكو” في تقاسم ما بقي من الدولة العثمانية التي حافظت على كيان دولته، مع نظير البريطاني “سايكس” فيما عُرف باتفاقيات “سايكس بيكو”… وأخيرا لم يترددا معا وبتحالفٍ غربي واضح في التمهيد لانتزاع فلسطين من أهلها وإقامة الكيان الصهيوني بديلا مكانها… وفي العشرية الأخيرة، وعلى خُطى أسلافه لم يتردد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي هو الآخر، في غزو ليبيا الآمنة سنة 2011 ثم تركها خرابا ودمارا، وهي التي آزرته ودعمت بلده ماليا في أكثر من مناسبة… واليوم ها هي فرنسا تتحالف مع الكيان الاسرائيلي، ومصر، واليونان وإيطاليا وقبرص ضد تركيا، فقط لأن هذه الأخيرة أرادت حماية حدودها البحرية ورفضت التآمر على جزرها وثرواتها تحت البحر.

مَن يقف إلى جانب تركيا اليوم؟ ينبغي لنا قراءة التاريخ، ومعرفة أن عمقنا الاستراتيجي هو البحر المتوسط، وأن حليفنا في هذا البحر، كما كان في القرن السادس عشر، ليس سوى الأتراك العثمانيين، معهم استطعنا أن نكون أسيادَ المتوسط لأزيد من 04 قرون، ومعهم بإمكاننا العودة ثانية إلى ما كُنَّا عليه…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
12
  • رشيد

    جانبت الصواب يا سليم في دعوتك لمازرت تركيا
    الجزائر حرة ابية لها مبادئ ، يجب ان تكون قائدة لا تابعة

  • SM

    Baraka Allah fika.

  • جزاءري

    سيد قلالة هذه المرة أعتقد انك لم تصب . تركيا اليوم هي تركيا الناتو وليست تركيا المستقلة وايضا هي تركيا المتاثرة في قراراتها بعلاقتها القوية مع اسراءيل . لا أعتقد أن تركيا مستقلة عن الناتو وحتى عن اسراءيل .

  • نحن هنا

    كل التحالفات التي تمت بين العثمانيين والنصارىبنيت على المصلحة ولم تكن على أساس المبدأ والمصلحة متغيرة فكلما انقضت المصلحة انهدم التحالف بخلاف التحالف القائم على المبدأ كما هو شأن النصارى الآن

  • شاوي حر

    شكرا للاستاذ سليم فأنت في السليم وقلت السليم كفيت ووفيت ونحن معك في تحليلك ان فرنسا دولة غادرة وغد رها ينبع من حقدها الصليبي ولمن لايعلم فليرجع الى مافعلت في ابائنا وأجدادناغداة الانتصار على النازية عندما ضحى ابائنا من اجل تحريرها من النازية فغدرت بهم فبدل ان توفي بوعدها وتخرج من الجزائر كما وعدت قتلت وببربرية ووحشيةلامثيل لها 45الف شهيد ذنبهم الوحيد انهم تضاهرو سلميا ضد نكصها للعهد فلعنة الله على فرنسا وعلى من يسير في فلكها

  • العمري

    فيما يخص ليبيا ، يجب التوضيح ان ليبيا اليوم ليست أيالة عثمانية. فسردها كمثال عن العلاقات التركية الفرنسية لا يستقيم.أما غزوها من طرف الناتو وساركوزي، ألم يحدث هذا بطلب ومباركة من الاخوان المسلمين الذين استقبلوا ساركوزي وكاميرون البريطاني بالتكبير في طرابلس،وبمساعدة تركيا وقطر رأس الحربة لهذا التيار؟ألم يكن هذا مطلب القرضاوي وكثير من مشايخ الاسلام السايسي التي بررت العدوان بتكفير معمر القذافي وأن الله سخر لهم الناتو لإزاحته من الحكم؟بالنسبة للجزائر لم نكن يوما قوة عظمى في عهد العثمانيين ولو كنا كذلك لما صدقت علينا مقولة"القابلية للاستعمار" الشهيرة لمالك بن نبي .

  • سعيد

    كفوا عن تظليل الناس.العثمانيون استعمار استغلوا ثروات الجزائر و قهروا الشعب.لا تبكي على الجلاد و لو كان مسلما.

  • محمد

    من درس الأدب الفرنسي بأنواعه خارج الدبلوماسية يتقن عداوة الشعوب المسيحية للمسلمين عامة والعثمانيين خاصة.فمؤلفاتهم الفلسفية والاجتماعية والأدبية زاخرة بأنواع التهكم والنقد حتى لطبائع الأتراك وخساسة حضارتهم.ونحن الذين عشنا أيام الاستعمار شهدنا عنصريتهم واحتقار الذين كانوا يخدمونهم ويعبدونهم.حقا نحن سذج لأننا نعاملهم بالعاطفة ونغض الطرف عن حقدهم ونطمئن بما يظهرونه لنا من حسن المعاملة لما يجدون فينا مصالحهم.هذه السذاجة جعلتنا نتبنى أفكار حملاتهم الخبيثة حول التعاون الحضاري لاستتباب السلم العالمي وقد رأينا كيف نهبوا خيرات جميع الشعوب العربية وخربوا أفغانستان والعراق وليبيا بأيدي الغافلين من العملاء

  • ثانينه

    تقول معهم يمكننا ان نكون اسياد المتوسط..لمادا الولاء للغير اليس ظروف القرن 21 تختلف كليه عن الماضي..اليس في قدره الجزائر ان تكون الند للا تراك وغيرهم اليس لهدا الشباب كل المقومات لدالك الاتعترفون ان الجزائريين في مراكز الابحاث الغربيه هم نابغه لايقارنون لابلاتراك وغير الاتراك ..ان ماينقصنا فقط هز تغيير نطام تسيير هده البلاد الدي اثبت عجزه عن مواكبه العالم بالزغم من الخيرات الماديه والبشريه لهده البلاد نجن الجزائريون الجدد طموحاتنا اكبر من سياسه الولاء للغير باسم الدين او غيره الاتراك يرون مصالحهم قبل مصلحه الجزائر.كل هدا يتاتي بالحريه والديموقراطيه وبدوله الكفاءات والعدل والقانون

  • سعد المسيلي

    الاتراك بقوا عندنا 300 لم يعبثوا بديننا ولم يغتصبوا جداتنا ولم يغيروا لساننا، تماما كما فعل بوتفليقة في حكمه، فيمكن إذن تشبيه الاتراك الأوائل كحكام الجزائر، استبداد، وتبديد، فقط يحفظ لهم خير بقاء الجزائر أرضا موحدة بعدما سعى الكثير من الجزائريين للتخابر مع الأوروبي المسيحي أملا في إسقاط دين ولغة الشعب.
    أما الفرنسيين فحقدهم دفين، شرهم بالغ، قتلوا وشردوا وأحرقوا، وتجارب نووية، وتجويع، واغتصاب.... بل في وقتهم توقف تعداد الجزائر لمدة قرن كامل، والاحصائيات موجودة، لكن التيار العلماني الفرنكوفوني يستغفل الشعب ولا يريد الاشارة لذلك.
    فهل يقارن هذا بذاك؟ لا يرى التشابه إلا سكير وكال رمضان

  • فيصل منصور

    اتراك اليوم هم اتراك الأمس همهم هو امباطريتهم. توجهوا شرقا لما رفضهم الغرب (الاتحاد الاروبي) الانظمام إليه. السؤال: ما دام الدافع تاريخي هل لو كانت تركيا محكومة بنظام غير النظام الحالي تدعون دوما إلى التحالف معه.

  • العمري

    .لماذا تحالف العثماني المسلم مع الفرنسي المسيحي ضد شارل كان الامبراطور المسيحي؟ولماذا في نفس الوقت تحالف المسيحي فرلنسوا الاول مع السلطان العثماني المسلم ضد الشاه الفارسي المسلم وحاول هذا الاخير التحالف مع امبراطور الهابسبورغ المسيحي؟ كل ما في الامر هو الصراعات بين هذه الدول على النفوذ والسلطة.لماذا تتحالف مصر المسلمة مع اسرائيل اليهودية وفرنسا واليونان المسيحيتان ضد تركيا المسلمة عضو حلف التاتو المسيحي؟ انها المصالح بكل بساطة. لماذا تحالف اردوغان المسلم مع فرنسا وانجلترا وامريكا المسيحيين اتدمير سوريا المسلمة؟ ووقف بوتين المسيحي الارتدوكسي مع بشار المسلم ضد داعش والنصرة المسلمتين؟المصلحة.