-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تهمةٌ تشرّفُ الجزائر!

حسين لقرع
  • 3134
  • 0
تهمةٌ تشرّفُ الجزائر!

حقّقت الجزائر، بمعيّة جنوب إفريقيا، انتصارا ديبلوماسيا جديدا حينما نجحت في طرد وفد الكيان الصهيوني من أشغال القمة الـ36 للاتحاد الإفريقي بإثيوبيا، وإخراجه ذليلا مهانا من قاعة الاجتماعات التي تسلّل إليها كاللصوص، وهو ما يبعث على الفخر والاعتزاز بالدور الديبلوماسي الجزائري الرائد في إفريقيا، لاسيما وأنّه نجاحٌ يُسجَّل ضدّ عدوٍّ استطاع إحداثَ اختراقٍ كبير في إفريقيا والعالم العربي في السنوات الأخيرة، وكان ذلك للأسف ضوءًا أخضرَ يُمنح له لتصعيد جرائمه اليومية ضدّ الفلسطينيين، والإيغال في ممارساته العنصرية ضدّهم.

العدوُّ الذي حزّ في نفسه كثيرا هذا الطردُ المُذلّ، سارع إلى اتهام الدول الإفريقية بأنها أضحت “رهينة عددٍ قليل من الدول المتطرِّفة مثل الجزائر وجنوب إفريقيا التي تتحرّك بدافع الكراهية” وهي في الواقع تهمةٌ تشرّف الجزائرَ والجزائريين؛ فإذا كانت نصرة القضية الفلسطينية بكلّ وسيلة، ومنها دعم حقوق الفلسطينيين في المحافل الدولية “تطرّفا”، فنعمَ التطرّف هو، وينبغي أن نعتزّ به في وقتٍ أضحى الفلسطينيون يتعرّضون للنبذ حتى من دول عربية اعتبروها “شقيقة” وتدافع عن “قضيتها المركزية الأولى”، فإذا هي تخونها بكلّ بساطة، وتبيع مقدّساتها، وتهرول نحو الاحتلال لتحقيق مكاسب سياسية متهافتة، أو للاستقواء به ضدّ جارٍ عربي أو مسلم أضحت تراه عدوّا في حين تحوّل الاحتلالُ إلى صديق جديد وحليف يوثَق به!

هو انتصارٌ ديبلوماسيٌّ جديد للجزائر بعد أن نجحت العام الماضي خلال الدورة الـ35 في تجميد عضوية الاحتلال بصفته “مراقبا” في الاتحاد الإفريقي، في انتظار طردِه نهائيا من هذا المُنتظم الإفريقي، ولكنّه انتصارٌ أيضا لجنوب إفريقيا التي تستحضر معاناتها الطويلة من عنصرية نظام الأبارتايد في تصدّيها الآن لعنصرية الكيان الصهيوني، ونجاحٌ للدول الإفريقية التي لم تمنعها علاقاتُها الديبلوماسية والتجارية مع الاحتلال من الانتصار للحقّ الفلسطيني، والتنديد عاليا بجرائم الكيان، كما ورد في البيان الختامي للقمة، وهو أمرٌ لا نراه مع الدول العربية المطبِّعة التي لم تعُد تقوى حتى على إصدار بيان تنديد بجرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين.

حادثةُ طردِ الوفد الصهيوني من القمّة الإفريقية أفرحت، ليس الجزائريين فحسب، بل الشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم جميعا، ممن يمقتون الاحتلال وممارساتِه الفاشية المتغطرسة واضطهاده اليومي للفلسطينيين، فقد مرّغت أنف هذا الوفد في التراب وجعلته ينسحب مهانا من القمة، ما شفى صدور الفلسطينيين وجعلهم يتأكّدون أنهم ليسوا وحدهم في ميدان المعركة اليومية القاسية مع الاحتلال، وأنّ هناك بلدا عربيا يقف معهم، قيادة وشعبا، ويناصرهم، فعلًا لا قولًا.

هي وقفة عزّ ورجولةٍ وشهامة ثمّنها كلُّ العرب وأحرار العالم باستثناء الصهاينة وداعميهم والمطبّعين معهم؛ فإذا كان بيانُ الخارجية الصهيونية الذي انتقد فيه الجزائر وجنوب إفريقيا واتّهمهما بـ”التطرف” و”الكراهية” أمرا منتظرا وعاديا، فإنّ صراخ ذباب المخزن عاليًا من الألم كان مشينا ومخزيا؛ هؤلاء الذين لم يحرِّكوا ساكنا حينما ارتكب الصهاينة مجازرَ في جنين ونابلس ضدّ أشقائهم الفلسطينيين، راحوا يهوِّنون من شأن هذا الانتصار الديبلوماسي للجزائر، ويتَّهمونها مجددا بـ”المتاجرة بالقضية الفلسطينية” مع أنّ التاجر الحقيقي هو الذي يبيع القدس والأقصى مقابل مكاسب سياسية أو اقتصادية غير محققة أو عسكرية ومخابراتية ستنقلب عليه يوما وبالًا وخسرانًا، وليس الذي يناصرها بشتى الطرق رغم كلّ ما قد يجلبه له ذلك من أذى ومتاعب.

بقي أن ننتظر تحقيقَ الاتحاد الإفريقي في كيفية تسلّل الوفد الصهيوني إلى قاعة أشغال القمة، ومن هي الأطراف التي تقف وراء إدخاله كاللصوص، ولا شكّ عندنا -وليس كلّ الظنٍّ إثمًا- أنّ نظام “أمير المؤمنين” و”رئيس لجنة القدس” هو أحدُها. لننتظر ونرى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!