-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جريمة حربٍ في أوكرانيا و”لا حدث” في فلسطين!

حسين لقرع
  • 676
  • 0
جريمة حربٍ في أوكرانيا و”لا حدث” في فلسطين!

بينما كانت عشراتُ الصواريخ الروسية تهطل على كييف و11 مدينة أوكرانية أخرى يوم الاثنين، مُوقعة خسائر بشرية ومادية كبيرة، كان الطفلُ الفلسطيني محمود خليل سمّودي يسلم روحه إلى بارئها بعد يومين من إصابته برصاصةٍ حيّة أطلقها عليه جنديٌّ صهيوني مجرم خلال مظاهراتٍ في جنين.

ولأنّ الأوكرانيين أوربيون وذوُو بشرة شقراء، فقد أقام الغربُ كعادته الدنيا ولم يُقعدها على القصف الصاروخيِّ الروسي، وأدانه بأشدّ العبارات، ووصفه بيتر ستانو، المتحدِّث باسم الاتحاد الأوربي، بأنه “جريمةُ حرب” والتزم العديدُ من القادة الغربيين بمواصلة دعم أوكرانيا عسكريًّا إلى غاية هزم الروس، ووعدت الولاياتُ المتحدة بتقديم منظومة دفاعٍ جويٍّ متطوِّرة إلى كييف… أمّا الطفلُ الفلسطيني الذي لا يتجاوز الـ12 فقط من عمره، فلم يكترث باستشهاده رئيسٌ أوربيٌّ أو غربي واحد، ولم يُدن أحدٌ إطلاق جنود الاحتلال الرصاص الحيّ عليه وعلى بقية المتظاهرين في جنين قبل أيام، وربّما اعتبروا ذلك “دفاعا عن النفس” كما قالوا بكل صلفٍ ووقاحة إثر العدوان الأخير على غزة الذي أودى بحياة 19 طفلا وفتى فلسطينيًّا.

هو إذن الغربُ المنافق الذي فضحته حربُ أوكرانيا تماما فلم يتحرّج من الجهر بتطبيق سياسة الكيل بمكيالين بعد طول مواربة ومراوغة وتستّرٍ وراء شعارات “حقوق الإنسان” و”المساواة بين البشر جميعا” بغضِّ النظر عن أعراقهم وأديانهم ولون بشرتهم.. اليوم سقطت كلّ الأقنعة وأصبح الغربُ لا يجد حرجا في إبداء التعاطف فقط مع من يحمل لون بشرته أو يؤمن بإيديولوجيته وقيمه، أما من عداهم فلا يكترث بهم ولو أفنُوا عن بكرة أبيهم.

لذلك كلّه طالما قلنا إنّ أيّ رهان على الغرب، وفي مقدّمته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الكبرى، لن يحقق للفلسطينيين أدنى حقوقهم؛ فهذه الدول منحازةٌ بشكل سافر إلى الاحتلال، وتضمن استمرار تفوّقه العسكري على العرب والمسلمين جميعا، وتؤيد، علنا أو سرا، إجراءاته القمعية اليومية في حقّ الفلسطينيين، وتتستّر على جرائمه، وتبرّر انتهاكاته، ولا يمكن المراهنةُ عليها لتضغط على الاحتلال وتُجبره على منح الفلسطينيين “دولة” على أراضي 4 جوان 1967 برغم أنها لا تمثل سوى 22 بالمائة فقط من فلسطين التاريخية، ألم تحذ بريطانيا حذو الولايات المتحدة وتعلن نقلَ سفارتها من تل أبيب إلى القدس المحتلة مع أنّ هذه الخطوة تخالف ما يُسمّى “الشرعية الدولية” التي تقسّم القدسَ إلى غربيةٍ للاحتلال وشرقية للدولة الفلسطينية الموعودة؟

هذه الحقائقُ المريرة التي لا يتعامى عنها إلا السياسيون العاجزون اللاهثون وراء سراب “السلام” المزعوم، هي التي دفعت ثلّة من الشبان الفلسطينيين الأحرار بجنين ونابلس بالضفة الغربية إلى تشكيل خلايا مسلحة لا تتبع أيّ تنظيم وأطلقوا عليها “عرين الأسود” وأخذوا يقارعون الاحتلال ويقومون بعمليات شبه يومية ضدّه، آخرها في شعفاط ثم قرب بؤرة “حوميش” الاستيطانية غرب نابلس.. هؤلاء الأبطال الأشاوس، وكذا فصائل المقاومة بغزة، هم الذين سيُعيدون لفلسطين عزَّها وللأمة مجدَها ويرفعوا رأسها عاليا.

ولو مُكّن هؤلاء الأسودُ من عُشر الأسلحة النوعية الغربية التي تتدفّق بغزارة على أوكرانيا، عُشرها فقط، لكبّدوا الاحتلال هزائمَ مذلّة تقود في النهاية إلى تحرير فلسطين، ولكن، لسوء حظهم، أنهم ليسوا أوربيين ولا يواجهون روسيا، كما أنهم يعيشون في محيطٍ عربيٍّ منقسم بين متخاذل ومسانِدٍ كلاميٍّ ومطبّعٍ متآمرٍ مع الاحتلال ضدّهم، ولا يحصلون من هذا المحيط على بندقيةٍ واحدة. لكم الله يا أسود فلسطين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!