-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حتى أضعف الإيمان.. غاب

حتى أضعف الإيمان.. غاب

إلى زمن قريب، كانت بيانات التنديد والشجب، التي تقابل كل عمل إرهابي إسرائيلي، تثير غضب الشعوب، وتعتبرها صرخة جبان في واد، لا أحد يسمعها، أو دسّا للرؤوس في الرمال مثل النعامات، التي نراها أسُودا على أهلها، وفي الحروب كما هي نعامات، وكان في ذلك الزمن الذي ولّى، كل تنديد وصمة عار على صاحبه، إيمانا منا بأن الفعل يغلب القول، والذي لا يغيّر المساوئ بيده، إنما فقد الأجر الحقيقي، بانتقاله إلى اللسان أو القلب.

في طوفان الأقصى، وما تبعه من محارق صهيونية قلّ نظيرها، صرنا نبكي على الزمن الذي كان يُغضبنا، زمن خطّ التنديدات التي كانت على الأقل تسمّي العدو باسمه والضحية باسمه. ولن نبالغ إذا قلنا إن ما قامت به دولة النرويج القابعة هناك في شمال قارة أوربا، ودولة البرازيل المتموقعة في أمريكا اللاتينية، وجنوب إفريقيا المتربعة على أهم موقع من القارة السمراء، كان أقوى وبكثير من التأثير والحسم، مما قامت به دولٌ عربية، بدت كطرف حيادي، إن لم نقل أكثر من ذلك.

عندما تترك مملكة في قلب بلاد العرب، مواطنين على أرضها ينشرون ويُنظّرون على نوافذ مواقع التواصل الاجتماعي لمقولة “كلنا إسرائيل” تضامنا مع الذين أصابهم “ظلمُ” الفلسطينيين، بحسب زعمهم، وتسمح بلادٌ أخرى لمغردين بأن ينعتوا رجالات المقاومة بـ”الإرهابيين”، الذين يجب أن يُقتَلوا أو يُسجَنوا، حينما يحدث هذا الخزيُ والعارُ كلّه، فإننا نتمنى لو كانت حكومات النرويج والبرازيل وجنوب إفريقيا، ضمن ما يسمى جامعة الدول العربية.

لم تترك الولايات المتحدة الأمريكية، مساعدة معنوية ومادية من نفسها ونفيسها، إلا وقدَّمتها لإسرائيل، وما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن بعد “طوفان الأقصى”، لم يقله الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش ووزير خارجيته كولن باول، بعد قصف برجي التجارة العالمي في 11 سبتمبر 2001، التي قُتل فيها ثلاثة آلاف أمريكي، أي ضِعف ما قُتل من الإسرائيليين، منذ “طوفان الأقصى” إلى حد الآن، ومع كل ذلك يفتقد العرب والمسلمون عموما، الجرأة ليس لمسايرة أمريكا في رفعها السقف إلى درجة تحوُّلها إلى إسرائيل ثانية، وإنما لقول كلمة حق على نحو ما قالته البرازيل وأخواتها من البلدان التي تدرك بأن أمريكا ما عادت أكثر من بالون هواء “تتعنتر” على بعض البلدان وليس كلها.

لا أحدَ طلب من هذه الدُّول الدخول في الحرب، فما تقوم به المقاومة كاف وشاف، ولكن الوضع المأساوي الذي بلغه قطاعُ غزة صار يتطلب ثورة حقيقية، تفرض على القوى الكبرى بأن تفك الحصار عن أبناء جلدتنا الذين منحونا العزة المفقودة وحان الوقت لنردَّ لهم بعض الجميل، بعد أن أعلنوها طوفانا من أجل القدس.

قديما قالت غولدا مائير إن القدس لن تقسَّم، والطريقة الوحيدة التي سنخسر بها القدس هي أن نخوض حربا ونخسرها وفقط.

وقال إسحاق رابين: قلتُ أمس وأكرر اليوم إنه لا توجد مدينتان، توجد قدسٌ واحدة، وما نراه هو أن القدس ليست مادة للتفاوض، القدس كانت ملكَنا وستكون ملكَنا وهي ملكُنا وستظل كذلك إلى الأبد. وقال بنيامين نتنياهو: قبل سبعين عاما لم نحتلّ القدس بل حرّرناها.

إنها حقيقتهم الجلية، فأين حقيقتنا ولو بأضعف الإيمان؟

نتذكر بأسف ما قاله الثائر الأمريكي مارتن لوثر كينغ: “في النهاية لن نتذكر كلمات أعدائنا، بل صمت أصدقائنا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!