-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حدود المَنح والعَطاء في مجال السكن…

حدود المَنح والعَطاء في مجال السكن…

السياسات الجزائرية المتبعة في مجال السكن مُكلفة بالنسبة للدولة والمواطن معًا، تُتعب الدولة والمواطن معًا. تَستفز الدولة والمواطن معًا. تُثير غضب كليهما وخوف كليهما وتؤرقهما معا؟ لماذا لم نستطع الخروج من هذه الدوامة رغم المحاولات العديدة والجهود الكبيرة المبذولة هنا وهناك؟ لماذا لم نستطع وضع حد لليأس الذي يُخيِّم على عقول الجزائريين منذ عقود من الزمن في مجال السكن بالتحديد؟

يبدو أنه السؤال الذي ينبغي أن يُطرح، ذلك أنه مادام الجزائري يميل إلى حالة اليأس من الحصول على سكن ستستمر المضاربة ويستمر القلق ويستمر الخوف حتى ولو كان السكن على الأبواب.

ينبغي أن نصل إلى مرحلة يصل فيها كل مواطن إلى الاعتقاد الأكيد بأنه سيجد المسكن اللائق له ولأبنائه متى عمل على ذلك.. ويصل المسؤول إلى الاقتناع بأنه لا يقدم السكن كمِنَّة منه أو ككرم أو فعل خير، ونخرج جميعا من عبارت مثل “مَنح” و”أعطى” إلى عبارات من نوع عمل وأجّر أو اشترى.

ولكي نصل إلى هذه الحالة ينبغي أن نخرج تدريجيا السكن من دائرة التوزيع التي يقوم بها الوالي أو رئيس البلدية إلى دائرة التوفير في السوق بأسعار تنافسية للكراء أو الشراء من خلال مؤسسات بناء مستقلة وطنية وأجنبية تقوم بالإنجاز والصيانة. وبدل أن تبقى الدولة تمنح السكن أو لا تمنحه، نصوغ سياسة تقوم على تعويض ذوي الدخل الضعيف ثمن الكراء والتكفل بدفع إيجار السكنات بالكامل لمن لا دخل لهم وبسعر السوق، أما الراغب في الشراء فيتم تشجيعه بقروض من غير فوائد ولا ربا. وهكذا تتوقف مساومة المواطن بملف السكن، وينتهي بصفة نهائية التلاعب بأعصابه وحالته النفسية تصل أحيانا إلى حد وضع كل حياته في كفة والسكن في كفة أخرى، وفي مرحلة وجيزة لاحقة ينبغي أن يتم الانتقال من سياسة بناء الأحياء السكنية على أطراف المدن التي تُسيل لعاب الأغنياء قبل الفقراء، إلى بناء مدن جديدة بكامل مرافقها يختار المواطن السكن فيها بمحض إرادته ويتم ربطها بوسائل نقل سريعة بالمراكز الحضرية الكبرى إلى أن تحدث الاستقلالية التدريجية لها.

أما البقاء ضمن السياسة الراهنة فهو متعب للجميع، دولة وشعبا، إذ رغم ما نُدخله من فرحة في قلوب من فازوا بسكن اليوم، ورغم جهد الكثير من الإطارات النزيهة التي تبحث عن العدل بين الناس، يبقى البحث عن سياسة للسكن متمحورة حول العدالة، والعمل هو الأمل والبديل بعيدا عن سياسة السكن المتمحورة حول المنح والعطاء السائدة اليوم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!