-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حذار من الغرق في صعوبات اللحظة الراهنة!

حذار من الغرق في صعوبات اللحظة الراهنة!
ح.م

من الخطأ الغرقُ في صعوبات لحظة الوضع الراهن مهما كان نوعها، لأن صعوبات اليوم هي نتاج أخطاء الماضي، وليس بالإمكان العودة إلى الماضي لعلاج هذه الأخطاء من أساسها، بل علينا التعامل مع نتائجها بذكاء للتقليل من سلبياتها قدر الإمكان والتفكير بجدّ في ما هو قادم، وفيما ينبغي القيام به لعدم تكرار ذات الأخطاء أو ارتكاب أخرى جديدة شبيهة لها في المستقبل القريب والبعيد.

أزمة الوباء التي نعيشها اليوم مع كل العالم، سَتمُرُّ بإذن الله، طال الزمن أو قصر.. أليس الأهمّ بالنسبة لنا هو التفكير فيما بعدها بدل الغرق في تفاصيلها دون جدوى؟

كم مِن بيننا اليوم يتابع تأكيدات الخبراء العالميين في المجالين الاقتصادي والمالي منه بالخصوص كما يتابع تفاصيل الحاضر؟

هل من الصواب أن نغرق في تفاصيل نقائص هذا القطاع أو ذاك ونتبادل التهم بيننا، ولا ننتبه إلى أنَّ كل العالم يقول إنَّ الأخطار التي ستترتب عن الركود الاقتصادي العالمي في السنتين القادمتين نتيجة وباء كورونا ستكون مُدمِّرة أكثر من كورونا ذاتها؟ هل سينفعنا حينها الحديثُ عن شكل النظام السياسي السابق أو الراهن إن كان برلمانيا أو رئاسيا أو غيره؟ هل ستنفعنا الأحادية أو التعددية؟ أم علينا من الآن البحث عن الفاعلية حيثما وُجدت، والتماسك قدر ما نستطيع في مواجهة الأيام العصيبة القادمة؟

ألم تعتمد أقوى أنظمة في العالم نفس الأساليب لمعالجة المسائل المتعلقة بفعالية اقتصادياتها وأمنها برغم أن بعضها قائمٌ على التعددية مثل الدول الغربية والآخر على الأحادية مثل الصين؟

لِمَ نحن نَنظر إلى الوراء باستمرار، ونريد أن نُصبح كالدِّيمقراطيات الغربية الليبرالية التقليدية التي شاخت كما أردنا أن نُصبح كالديمقراطيات الشعبية الاشتراكية التي انتهت، وقد تخلَّى الطرفان عن هذين الخيارين التقليديين؟

لِمَ نحن باستمرار أسرى اللحظة الراهنة وفي أحسن الأحوال أسرى ماضي شعوبٍ وأمم أخرى، ابتكرت تعدُّديتها أو أحاديتها وفق خبرتها التاريخية ولم ترض لنفسها إلا بنموذج نابع من خصوصيتها؟

لِمَ لا نشرع في بناء مستقبلنا الآن، وفق خصائصنا الوطنية، ووفق التحدِّيات والتهديدات المستقبلية التي سيعرفها العالم؟ لِمَ لا نطرح على أنفسنا الأسئلة الصحيحة المتعلقة بكيفية تجنُّب انهيار اقتصادي ومالي وشيك قد لا تفلت منه دولٌ صناعية كبرى؟

أليست المشكلة اقتصادية اليوم في بلادنا بامتياز؟ لِمَ نسعَ إلى الهروب منها بحجة أن السياسة أولى، وأي سياسة؟ وهل نفعت هذه السياسة وحدها مَن أجرى انتخابات نزيهة وأصبح لديه برلمانٌ تعدُّدي دون إستراتيجية اقتصادية متينة؟ أم أنَّ أوضاعهم الاقتصادية ازدادت تدهورا؟

لا يعني هذا أن الاستبداد أو الديكتاتورية هما الحل، أبدا، إنما يعني أن الحل هو في مدى قدرة المجتمع والدولة على الاتِّحاد بغض النظر عن شكل وطبيعة النظام السياسي أحادي أو تعددي، على طريقة الصين أو أمريكا، على تجاوز منطق الغرق في اللحظة الراهنة والتحول نحو استباق المشكلات القادمة بحلول ناجعة وسريعة كل وفق طريقته وظروفه الخاصة… وهذا الذي نتطلع إليه، ونرى أنه بالإمكان أن يعيد لنا بعض الأمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • نحن هنا

    تقارن الجزائر بالولايات المتحدة وبالصين أني لك هذا؟ انظر حواليك

  • benchikh

    هذا التفكير الصحيح يااستاذ سليم" البراغماتية "كل ما هو مفيد فهو صالح ,تماشيا مع المبادئ والقيم للمجتمع المحافظ .علينا اصلاح ما افسد وتعلم من الاعطاب حتى نتحكم في صيرورة الانظمة السياسية والاقتصادية والمضي قدما لغد افضل .

  • ارض الشهداء

    السلام عليكم الأخ سليم، للعلم ازمتنا أخلاقية وتفرعت عنها باقي الأزمات، وينبغي للفرد الجزائري أن يغير ويطور ذهنتيه؛ وذلك بنهي النفس عن الهوى،ويصلح ويصفي قلبه مع الله والناس ونفسه، ورزقنا واعناقنا ليس مرتبطة برئيس او وزير او فلان، يجب أن نخرج من ثوب الضحية إلى ثوب التوبة، فتفسير كل شيء ماديا، جعلنا غارقين في المعاصي، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم، إعادة بناء المنظومة الأخلاقية هو السبيل للخروج من كل الأزمات، وذلك بالصبر والتباث وحسن التوكل على الله، فالذين ضحوا من أجلنا كانت ظروفهم لايعلمها إلا الله، ويجب نسير على نهجهم حتى نتخلص، من كل التركمات، المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

  • العمري

    لا شك في أن النوايا حسنة والوطنية صادقة ولكن ربما هناك أيضا غرق في المثاليات يحجب رؤية الواقع كما هو. جميل جدا أن نضع نصب اعيننا تقوية اقتصادنا وتحصين دولتنا وبناء مجتمع يسوده الرخاء . ولكن من أجل هذا لا بد من فعل سياسي يضع الخطط السليمة لتحقيق تلك الاهداف وهنا لا مفر من التوافق على نظام الحكم وكيفية ممارسته .السياسة ليست الهدف بل الوسيلة لتحقيق أهداف أخرى.السياسي هو الذي يقترح مشروع المجتمع ويحدد خطط التنمية ويرسم الاتجاه الحضاري للأمم.كيف نهيء الظروف لبناء نخبة سياسية متوافقة على المبادئ الاساسية للعيش معا والتنافس النزيه بين البرامج هو اساس بناء الدولة الحديثة . هو هذا .التحدي.