-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حسن الاستقامة من حسن التربية

خير الدين هني
  • 187
  • 0
حسن الاستقامة من حسن التربية

الاستقامة هي ما يجعل الفرد المسلم، يؤمن بالله ربا وخالقا ومعبودا، ثم يتبع إيمانه الخالص بالاستقامة في العبادة والأخلاق والآداب والمعاملة والمعاشرة وحسن السيرة، والامتثال للأوامر والنواهي التي نزل بها التشريع في القرآن الكريم، والاقتداء بفضائل الإسلام ومكارم الأخلاق ومحامدها، وقد أكّد الحق سبحانه ذلك في قوله: ((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ)) (فصلت:30).

ولحمل الفرد المسلم على تحقيق غاية الاستقامة في الدين والخلق، فرض الله -تعالى- عليه العبادات: كالصلاة والصوم والحج والزكاة وأفعال البر والخير والإحسان، كيما تكون اختبارا على التزامه بالأوامر والنواهي العلوية، وتميّزه عن غيره من الوثنيين والمشركين والعصاة والغافلين في المقام الأول، وفي الوقت ذاته تكون مُحفِّزا على استقامة سيرته، وتهذيب أخلاقه وسلوكه ومعاملته مع الناس، وحيث إن الإنسان مرتبط بالزمان والمكان ارتباطا وثيقا، لا يكاد ينفك عنهما في حركاته، ونشاطه ونومه ويقظته وسائر أحواله، جعل الباري سبحانه، العبادات تؤدى في أزمنة مغلقة أو مفتوحة، كالصوم في شهر رمضان، والحج في ذي الحجة، والزكاة حينما يحول الحول، وصلاة الجمعة في نهاية الأسبوع في زمن محدّد بعد الزوال، والصلوات الخمس في أوقات معلومة من اليوم، والقبلة جعل لها مكانا مخصوصا ببيت الله الحرام بمكة المكرمة، وصلاة الجماعة تؤدى في المساجد، والصلاة الفردية جعل لها الأرض كلها مسجدا، في البيت والسهل والجبل والصحراء، وفي كل مكان مرتفع أو منخفض بشرط طهارته، وخلوه من النجاسة المادية والمعنوية، كالمراحيض والخمارات وأماكن اللهو والمجون والفسوق والفجور.

فالعبادات الحقيقية النابعة من الإيمان العميق والإخلاص الصادق، تربي المسلم وتجعله خلوقا مع نفسه في السر والعلن، ومع الآخرين حين يوجّههم وحين ينصحهم وحين ينقدهم، فلا يجرح عواطفهم ولا يخدش مشاعرهم، بكلامٍ أو كَلِمٍ  أو لفْظٍ أو لَحْظٍ (بمؤخرة العين)، وتهذّب سلوكه، وتُدَمِّثُ أخلاقه، وترقِّق قلبه، وتُلَيِّنُ طبعه، وتُزيل خشونته وجلافته، وغروره وانتقاصه من أقدار الآخرين، بالتحقير والازدراء أو بالتبخيس والتقليل من أعمالهم وجهودهم واجتهادهم، وتبعد الرَان والغشاوة من على قلبه، وتجعله حسن الذكر مستقيم السيرة والخلق، ويشعر بفاقة الضعفاء وأنين المساكين وآهات اليتامى والأرامل، وتقرِّب إلى الله زلفى، وتقي من عذاب السعير، فالصلاة قربى إلى الله وصلة به -سبحانه وتعالى- خمس مرات في اليوم، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، لقوله تعالى: ((إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ)) (العنكبوت: 45)، قال أبو العالية: “إن الصلاة فيها ثلاث خصال، فكل صلاة لا يكون فيها شيء من هذه الخلال، فليست بصلاة: الإخلاص، والخشية، وذكر الله. فالإخلاص يأمر بالمعروف، والخشية تنهى عن المنكر، وذكر القرآن يأمر وينهى”. ومن لا تنهاه صلاته عن غيِّه، واستكباره وارتكابه المناكر وتفحُّشه في الكلام وسوء خُلقه، فلا ينال منها إلا التعب وعذاب الضمير، لقوله -عليه الصّلاة والسّلام- كما جاء في حديث عمران وابن عباس -رضي الله عنهما- مرفوعًا: “من لم تَنْهَهُ صَلاته عنِ الْفحشاء وَالمنكرِ، لم يَزْدَدْ من الله إِلا بعدا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!