-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حفتر.. هل يجلب الصهاينة إلى حدودنا الشرقية؟

حسين لقرع
  • 2871
  • 0
حفتر.. هل يجلب الصهاينة إلى حدودنا الشرقية؟

في ظلّ الردّة الخطيرة التي تعيشها المنطقة العربية، لم تعُد الكثيرُ من الأنظمة الاستبدادية الجاثمة على صدور الشعوب، وحتى بعض “المعارضات” المتعطّشة للحكم، تجد أدنى حرج في بيع “قضيَّتها الأولى” والتطبيع مع الاحتلال مقابل الحماية العسكرية الصهيونية، أو الحصول على مكاسب سيّاسية واقتصادية…

حدث هذا مع الإمارات والبحرين اللتين هرولتا منذ سنة للاحتماء بالكيان الصهيوني ممّا أسمتاه “الخطر الإيراني”، ومع السودان الذي باع فلسطين والأقصى ببساطة مقابل رفعه من القائمة الأمريكية للإرهاب وإلغاء العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة عليه منذ سنوات طويلة، وحدث مع مملكة “أمير المؤمنين” و”رئيس لجنة القدس” الذي لم يجد حرجا في بيع القدس والاعتراف للصهاينة بالسيادة على فلسطين، مقابل اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.

ومنذ أيام قليلة، انضمّ “الماريشال” الليبي المهزوم خليفة حفتر إلى قائمة المهرولين من خلال إيفاد ابنه “صدّام” إلى الكيان الصهيوني ليعرض على قتلة أطفال غزة مساعدتَه سياسيا وعسكريا للوصول إلى الحكم مقابل التطبيع. ونعتقد أنّ الفكرة إماراتيةٌ بعد أنّ تحوّلت هذه الدولة الخليجية إلى العرّاب الأوّل للتطبيع وأضحت لا تخجل من السعي إلى جرِّ المزيد من الدول العربية إلى دائرة الخيانة، وقد انطلقت الطائرة الخاصّة لصدّام حفتر من أبو ظبي باتجاه تل أبيب.

ومعنى “طلب المساعدة السياسية والعسكرية الصهيونية”، أنّ حفتر يريد الاستقواء بالكيان الصهيوني ومن ورائه أمريكا التي لم يتخلَّ عن جنسيتها بعد، للوصول إلى رئاسة ليبيا ولو عن طريق التزوير. وإذا لم يحصل ذلك، وسدّ الليبيون الطريق عليه، فسيلجأ إلى استئناف الحرب مجدَّدا وبمساعدةٍ عسكرية صهيونية هذه المرّة، لعلّه يتمكّن من الانتصار على الشرعية ودخول طرابلس بالقوّة بعد أن دُحرت قواتُه على أسوارها منذ نحو عام ونصف عام وتعرّضت إلى هزيمةٍ مدوّية بعد تدخّلٍ فعّال للطائرات المسيَّرة التركية “بير قدار”.

نستبعد تماما فوز حفتر بالانتخابات الرئاسية التي ستُجرى يوم 24 ديسمبر القادم في ليبيا؛ فهذا “الماريشال” الذي لم ينتصر في أي حربٍ في حياته، وتعرّض في الثمانينيات إلى هزيمة مذلّة على يد الجيش التشادي وهو يقود جيش القذافي في شريط أوزو، هو قائدٌ عسكري منبوذ لدى غالبية الليبيين، ولاسيما وأنه متورّطٌ في جرائم ضدّ الإنسانية بحقّ الليبيين وانتهاكاتٍ جسيمة لحقوق الإنسان، والمقابر الجماعية في ترهونة تؤكد ذلك. وما دام حفتر قد خرج إلى العلن ويريد مقايضة التطبيع بإيصاله إلى الحكم، فهذا أدعى إلى زيادة مقت الليبيين له ونفورهم منه، وعدم التصويت لصالحه في الرئاسيات المقبلة. وفي هذه الحالة، قد يلجأ حفتر إلى استئناف الحرب مستقويا بالمساعدة العسكرية الصهيونية متمثلة في الطائرات المسيَّرة المتطوِّرة وغيرِها من الأسلحة، وقد يتّهم خصومه بتزوير الانتخابات ضدّه، ليبرِّر مواصلة الحرب ومحاولتَه مجددا الوصول إلى الحكم بالقوة.

نحن في الجزائر نتمنى أن يتعرّض حفتر لهزيمةٍ كبيرة في الانتخابات الرئاسية المقبلة تُنهيه سياسيا، كما تعرّض من قبل لهزيمةٍ عسكرية مذلّة على أعتاب طرابلس أنهته عسكريّا أو كادت، لولا تلويح مصر بالتدخل لصالحه؛ إذ ليس من مصلحتنا في شيء أن يجاورنا الصهاينة على حدودنا الشرقية، كما جاورونا من قبل على حدودنا الغربية تحت رعاية “أمير المؤمنين”، فتصبح البلادُ مطوَّقة بالأعداء من كلّ جانب. وإذا استأنف حفتر الحربَ في ليبيا، بدعم عسكري صهيوني هذه المرّة، فإننا لا نعتقد أنّ “بقاء الجزائر على مسافةٍ واحدة من طرفي النزاع في ليبيا”؛ أي مواصلة الحياد بين الشرعية وهذا المتمرِّد والمطبِّع، سيكون قرارا حكيما.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!