-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

خلافنا مع الشّيعة.. هل يقتصر على مكانة الصّحابة؟

سلطان بركاني
  • 3155
  • 0
خلافنا مع الشّيعة.. هل يقتصر على مكانة الصّحابة؟

على خلاف ما يعتقد بعض من تخفى عليهم حقيقة المذهب الشيعيّ الاثني عشريّ المنحرف، بأنّ الخلاف بين جمهور المسلمين وبين الطّائفة الشّيعيّة هو في مسائل فرعية لا ترتبط بالأصول ولا تدعو إلى المفاصلة، أو إنّ النّزاع إنّما هو فقط في المفاضلة بين الصّحابة والموقف من بعضهم؛ على خلاف هذا وذاك، فإنّ نزاع الأمّة مع الشّيعة الاثني عشرية هو في أصول الدّين وأساسياته؛ في حقّ الله الأعظم في أن يُدعى ويستغاث به وحده، وحقّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في أن يكون المتبوع الأوّل وتكون سنّته الصّحيحة هي المصدر الثاني للتّشريع، وحقّ أهل البيت والصّحابة بأن تسلم لهم القلوب والألسن وتُقتفى آثارهم من دون غلوّ في ذواتهم، وفي حفظ القرآن الكريم وتأويله… وهي قضايا مفصلية لا يصحّ بحال من الأحوال أن يهوّن الخلاف المتعلّق بها ويُدعى إلى غضّ الطّرف عن نزوع الشّيعة إلى مخالفة جماهير الأمّة فيها، ومخالفة الصّريح من آيات القرآن الكريم والصّحيح من نصوص السنّة وأقوال ومواقف أهل البيت رضي الله عنهم.

الغلوّ الفاحش في الأئمّة

في مقابل تأصيل علماء الشيعة وأساطين مذهبهم لعقيدة تكفير خيار الصحابة ولعنهم والبراءة منهم، فقد وضعوا أبوابا كثيرة في المصادر الأساسية تؤصّل للغلوّ الفاحش في بعض أعلام أهل البيت، وترفعهم فوق مراتب الأنبياء والمرسلين، بل وتنسب إليهم ما ليس إلا للخالق سبحانه، وساقوا تحتها روايات كثيرة تنسب إلى أولئك الأطهار الأخيار ما تواتر عنهم نفيه والبراءة منه.

لم يكتف أساطين الشيعة بتفضيل الأئمّة على الأنبياء عليهم السّلام جميعا سوى نبيّنا محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، مخالفين بذلك ما جاء صريحا في كتاب الله من قوله سبحانه في سورة الأنعام بعد ذكر عدد من الأنبياء ((وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِين)) (الآية 86)، بل ذهبوا بعيدا إلى نفي السّهو والنّسيان والخطإ عن الأئمّة، وتمادوا إلى نسبة علم الغيب– الذي اختصّ به المولى سبحانه- إلى أئمّة أهل البيت (برّأهم الله)، وقد عقد المجلسيّ في موسوعته “بحار الأنوار” بابا عنوانه “باب أنّهم– أي الأئمّة- لا يحجب عنهم شيء من أحوال شيعتهم وما تحتاج إليه الأمّة من جميع العلوم، وأنّهم يعلمون ما يصيبهم من البلايا ويصبرون عليها، ولو دعوا الله في دفعها لأجيبوا، وأنّهم يعلمون ما في الضمائر وعلم المنايا والبلايا وفصل الخطاب والمواليد”، وساق تحت هذا الباب المنكر 43 رواية من رواياتهم (بحار الأنوار، 26/ 137).

لم يكن هذا الغلوّ من إفرازات الدّولة الصفويّة ومن شذوذات علمائها، فقد كان مزبورا في المصادر الأولى التي وضعت في القرنين الرابع والخامس الهجريين، وعلى رأسها، كتاب “الكافي” أهمّ مصنّف عند الشّيعة على الإطلاق، حيث عقد مؤلّفه محمّد بن يعقوب الكليني (ت 328هـ) بابا عنوانه “باب أنّ الأئمة عليهم السلام يعلمون علم ما كان وما يكون، وأنه لا يخفى عليهم شيء” (الكافي، 1/ 260).

تسويغ الشّرك بالله تعالى

يظنّ بعض المتابعين للواقع الشيعيّ أنّ تلك المظاهر المشينة التي تتناقلها القنوات ومواقع الإنترنت لعوامّ الشّيعة وهم يجأرون عند الأضرحة والمزارات بدعاء الأئمّة ورجائهم، ويتمسّحون بأعتاب “مراقدهم” ويسجدون عندها ويزحفون إليها على ركبهم، هي نتاج عواطف تنتاب عوامّ الشّيعة الذين يجهلون حقائق الدّين، لكنّ حقيقة الأمر أنّها نتاج الغلوّ الفاحش الذي أصّلت لهم مصادر الحديث الشيعيّة وأرسى دعائمه أساطين المذهب، وروّج له خطباء المنابر الحسينيّة، وجعل الشيعة يعتدون على حقّ هو أجلّ وأهمّ حقوق المولى سبحانه، وينحون منحى خطيرا مناقضا لأصل من أهمّ أصول الإسلام هو إفراد الخالق- جلّ في علاه- بالدّعاء والاستغاثة، ويوجّهون إلى أئمّة أهل البيت– برّأهم الله- ما لا يجوز ولا يصحّ أن يوجّه إلا إلى المولى سبحانه، بسبب تلك الروايات وتلك الأبواب الكثيرة التي تجعل الأئمّة وسائط بين الله وعباده، وتجعل أمر الدّنيا والآخرة بأيديهم، فهذا مثلا علاّمتهم المجلسي عقد في بحاره بابًا عنوانه “باب أنّ النّاس لا يهتدون إلا بهم (الأئمّة)، وأنّهم الوسائل بين الخلق وبين الله، وأنّه لا يدخل الجنّة إلا من عرفهم” (بحار الأنوار: 23/ 97)، أمّا الحرّ العاملي فقد عقد بابا عنوانه “حساب جميع الخلق يوم القيامة إلى الأئمّة” (الفصول المهمّة في أصول الأئمّة: ص171). وذهب المجلسيّ بعيدا في تأصيل الغلوّ، فقال إنّ “الأئمّة هم “الشّفاء الأكبر والدّواء الأعظم لمن استشفى بهم” (بحار الأنوار: 94/ 33)، وقال: “أمّا عليّ بن الحسين فللنّجاة من السّلاطين ونفث الشّياطين، وأمّا محمّد بن علي وجعفر بن محمّد فللآخرة وما تبتغيه من طاعة الله عزّ وجلّ، وأمّا موسى بن جعفر فالتمس به العافية من الله عزّ وجلّ، وأمّا عليّ بن موسى فاطلب به السّلامة في البراري والبحار، وأمّا محمّد بن علي فاستنزل به الرّزق من الله تعالى، وأمّا عليّ بن محمّد فللنّوافل وبرّ الإخوان وما تبتغيه من طاعة الله عزّ وجلّ، وأمّا الحسن بن عليّ فللآخرة، وأمّا صاحب الزّمان فإذا بلغ منك السّيف الذّبح فاستعن به فإنّه يعينك” (بحار الأنوار: 94/ 33).

ولم ينفكّ علماء الشيعة بعد الدولة الصفوية إلى يوم النّاس هذا يدافعون عن هذا الغلوّ الفاحش ويوردون له المبرّرات، بل ويجعلونه من لوازم محبّة أهل البيت ويتوعّدون منكره بأنّه سيحشر مع أعداء الأئمّة ومنكري كراماتهم!.. وقد أجهد الخميني نفسه كثيرا في كتابه “كشف الأسرار” مدافعا عن مظاهر الغلوّ والشّرك عند الشّيعة، وكان ممّا قال: “وبعد أن اتضح أنّ الشرك هو طلب شيء من أحد غير الله باعتبار أنّه ربّ، وما عدا ذلك فليس شركا، لا فرق في ذلك بين الحيّ والميت حتى إنّ طلب الحاجة من الحجر والمدر ليس شركا وإن كان عملا لغوا باطلا” (كشف الأسرار: ص56)، وكأنّه ذهل عن قول الله تعالى: ((أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّار)) (الزمر، 03).

…يتبع بإذن الله

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!