-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

دين الرحمة

دين الرحمة

يوصف شهر رمضان المعظم بأوصاف عديدة منها أنه شهر الرحمة، وهذا الوصف صحيح، ولكن غير المسلمين أو المسلمين غير العالمين بمبادىء الإسلام وقيمه قد يظنون أن الرحمة لا توجد في الإسلام إلا في هذا الشهر؛ بينما الحقيقة هي أن هذا الدين كله رحمة، وهذا من فضل الله علينا وعلى الناس.

  لقد أعجبني ما قاله أحد الأجانب الذين فهموا هذا الدين، وندعو الله أن يشرح صدر هذا الشخص ـ وجميع الناس ــ إلى الإسلام، ليذوقوا حلاوة الإيمان التي لا تعدلها حلاوة، وهذا الشخص هو العالم الحقوقي السويسري مارسيل بوازار.

جاء في الكتاب القيّم لهذا العالم “إنسانية الإسلام”، أن الصفة الأبرز في اليهودية هي “الرجاء”، ولسنا ملزمين بموافقته على أن الرجاء هو الصفة الأبرز في الدين اليهودي، ولكننا نشير إلى أن نقيض الرجاء في الإسلام وهو “القنوط” و”اليأس” يخرجان صاحبهما من دائرة الإسلام، وبالتالي فإن “الرجاء” في الإسلام ليس صفة؛ بل هو جزء من الإيمان والإسلام..

وقال بوازار إن “المحبة” هي الصفة الأبرز في المسيحية، ولسنا ملزمين بما ألزم به نفسه؛، ولكننا ننبه إلى أن “المحبة” في الإسلام أحد السبيلين للجنة، حيث جاء في حديث سيدنا ومعلمنا محمد ــ عليه الصلاة والسلام ــ أن الجنة لا تُدخل إلاّ بالإيمان، وأنه لا إيمان إلاّ إذا تحابّ الناس للذين آمنوا.

وأما عن الإسلام فقد قال بوازار: “إن رحمة الله لا حدود لها وهذا يمثل مفهومها أساسيا خاصا جدا بالإسلام”، (ص 89)، وقد أضاف بوازار في مكان آخر من كتابه قائلا: “تتجلى أصالة الإسلام الذي يدمج الفضائل الإلهية”.

إن من أسماء الله الحسنى وصفاته العُلى “الرحمة” التي “كتبها” على نفسه منّا منه وفضلا على خلقه، ولهذا فهي “وسعت لكل شيء”.

فالله ــ عز وجل ــ رحمن رحيم، روسوله محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ، “رحمة مهداة” للعالمين عامة، ولهذا خاطبه الله ــ عز وجل ــ بقوله: “لعلّك باخع نفسك ألاّ يكونوا مؤمنين”، أي مهلك نفسك لعدم إيمانهم..

إن القرآن الكريم يتكون من أربع عشرة ومائة سورة تفتتح كلها بجملة “بسم الله الرحمن الرحيم”، وفي سورة النمل آية نصها “إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم”، وإن مادة “رحم” وردت في القرآن الكريم بجميع الصيغ ثمان وعشرين وثلاثمائة مرة..

إن الرحمة في الإسلام ليست واسعة فقط؛ ولكنها شاملة أيضا، تشمل الوالدين، والأولاد، والأزواج (وجعل بينكم مودة ورحمة)، والأقارب، واليتامى، والمساكين، والمرضى، وذوي الحاجات، والمسلمين جميعا (رحماء بينهم) والناس أجمعين ما لم يظلموا المسلمين الذين من صفاتهم التواصي بالمرحمة.

إن أكثر المسلمين اليوم يشوهون الإسلام بغلظتهم، وقسوة قلوبهم، ولهذا يظن غير المسلمين ــ من نظرتهم للمسلمين ــ أن ذلك هو الإسلام، والإسلام دين الرحمة حتى بالنسبة للحيوان الأعجم، حيث قال رسول الرحمة – عليه الصلاة والسلام- “من رحم ولو ذبيحة عصفور رحمه الله يوم القيامة”، وليعلم المسلمون وليعتقدوا بما قاله الرسول الأكرم “ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”.

اللهم ارحمنا، واغرس الرحمة في قلوبنا، وتقبّل صيامنا وقيامنا وسائر أعمالنا، وارزقنا فيها الاخلاص يا أرحم الراحمين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • merghenis

    مارسيل بوازار - (Marcel Boisard)(جنيف مواليد 1939) هو مفكّر و دبلوماسي سويسري.
    متحصل على دكتوراه.
    كتابه" إنسانية الإسلام"- L’humanisme de l’Islam -، صدر في باريس، عام 1979. ترجم إلى عدة لغات (الإنجليزية ،العربية ،الألمانية ، الفارسية ، إندونيسيا ، البرتغالية) . مارسيل بوازار له كتب أخرى موضوعها الإسلام.
    أعتقد أن الأستاذ الحسني ذكره في السابق في مقالته.

  • نورالدين الجزائري

    لله تعالى مائة رحمة أنزل إلى الأرض رحمة واحدة و بقيت تسع و تسعين رحمة عنده ، هذه الرحمة المنزلة إلى الأرض قسمت على كل الخلق فيما فيهم الحيوانات ترحم صغارها و تسهر على إطعامها و تقف على أمنها ... رحمة واحدة ! كم أنت رحيم يا الله . تصوروا لو الله تعالى أخذ هذه الرحمة ما الذي يصير بنا ؟ لنتصور أم لها رضيع في حجرها و تعجن العجنة و تقذفها في التنور ثم تقبل إبنها و تعيد الكرة لو نزعت هذه الرحمة المقسمة على الخلق فإنها تعجن العجنة و تقذفها في التنور ثم تأخذ رضيعها و ترميه في التنور و هي قريرة العين !!

  • youcef

    شهرالرحمة للمؤمنين قلبا و قالبا وليس للمسلين باللسان فقط ماتعسنا نجري وراء الملذات والشهوات وننسى اخواننا في كل مناطق العالم ومايعانونه من اضطهاد واحتقار