-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عرشٌ في مهب الريح

عمار يزلي
  • 2086
  • 0
عرشٌ في مهب الريح

الوضع السياسي والأمني والمناخ العام على حدودنا الغربية، غير طبيعي وينذر بتحوُّلات قد تكون غير مريحة لقُطر جار، ظل لأجيال وأجيال يناكف الجزائر على دورها في محاربة كل أشكال الاستعمار ويطالب بالتحرير والتحرُّر من التبعية للغرب لكل البلدان من خارج حلف الاستعمار القديم والجديد. بلد جار، ظل يناصب جاره العداء البيِّن تارة والخفيِّ تارة أخرى والتعاون والظهور بمظهر الراغب في التآخي تارة من دون أن يكون يؤمن بصدق الأخوَّة والجوار والثبات على مبدأ، وتارة يتآمر تحت الطاولة ثم ما يلبث أن تنكشف ألاعيبه وأكاذيبه، ويناقض أكاذيبه بأكاذيب أكثر اتضاحا رغم أنه يريد الإخفاء، عكس المثل المغربي القائل “الكذب المصحصح، خير من الصح المبثبث”، أو على رأي الأغنية المغربية لنجاة عتابو “هذه كذبة باينة”. يتضح هذا من خرجات النظام المخزني المتهالك سواء في أروقة الأمم المتحدة وفي ناموس إعلامها الذبابي أو تصريحات رسمييها في الخارجية وفي كرة القدم.. وفي غيرها. هذا هو “الكذب المبثبث” الموجَّه كله ضد الجزائر.

الثابت عن السلالة العلوية المزعومة لنسل أسلاف المملكة اليوم، أنهم كانوا طيلة الحكم الإدريسي يناصبون العداء للجار الشرقي.. الجزائر، حتى أن الأدارسة استولوا على المنطقة الشرقية، غرب الجزائر حاليا، وحتى أن ما قبل الأدارسة أنفسهم أيام المرابطين، ثم الموحِّدين، لم يسلم الغرب الجزائري من أطماعهم ولو استعصت عنهم كما كان الحال مع حصار تلمسان، الذي لولا انتهاء الحصار بوفاة السلطان المريني، لكان هذا الحصارُ انتهى بمهلكةٍ إنسانية مروِّعة مادام أن أهل تلمسان استبسلوا في مقاومة الحصار والمقاومة إلى أن وصل بهم الحد أن أكلوا الجرذان والأفاعي للبقاء أحياء، حسب رواة التاريخ.

السلالة العَلوية التي تدَّعي الشرف، شرف الانتساب إلى ذرية خير الأنام عن طريق النفس الزكية، من ذرية الحسن السبط، حفيد النبي صلى الله عليه وسلم، لم ولن يكون شرف الانتساب إلى هذا الخط الناصع الخاص الذهبي ما تدل عليه أو تزكيه أعمالهم ومواقفهم، حتى مع الأمير عبد القادر الذي هو حسني ومن نفس السلالة، عندما راسله السلطانُ المغربي مولاي عبد الرحمن يقول له، حسب المؤرخ البريطاني “تشرشل” الذي التقى الأميرَ وحاوره، يقول له فيها السلطان إنه سيكون له شرف استقباله في المغرب، بل أكثر من ذلك، يطلب من الأمير أن يرسل إليه قميصه الشريف ليتشرَّف به كونه واحدا من سلالة آل البيت النبوي، ويريد أن يشتمَّ رائحة النبي على لباس الأمير. يريد أن يشتمَّ قميصه ويعلّقه في محراب مسجده..
تواضع في غاية الدماثة فيما يبدو، وكان هذا ردا على طلب الأمير من المولى عبد الرحمن في إطار مشروع الأمير لتحرير الجزائر والمغرب من رجس الاستعمار، ولمَ لا تونس فيما بعد.. بأن يقبل المولى عبد الرحمن برسالة الجهاد ضد فرنسا والوحدة بين القطرين الشقيقين في هذا المجال. ردُّ السلطان كان “مغربيا بامتياز”: بديبلوماسية مسمومة، لأن السلطان سيوقع بعد ذلك تحت ضغط فرنسا، اتفاقية مغنية سنة 1840م التي وسَّعت حدود المملكة المغربية إلى الحدود الحالية بعد ما كانت حدود الجزائر قبل هذا التاريخ تمتد إلى حدود نهر ملوية في عهد الأتراك. بالمقابل، تطرد المملكة الأميرَ من أراضيها بعد ما جاء بدعوة “شريفية”؟ وأي شرف؟!

المغرب اليوم، يعيش أزمة انتقال، وأزمة حكم خانقة قد تنتهي بحالة من عدم اليقين، مما سيضاعف جهودنا في حفظ الأمن بالمنطقة الغربية من شمالها إلى جنوبها، يضاف هذا إلى بقيَّة أعباء جيشنا الوطني على كل المحاور وخطوط التماس مع ظروف اللاأمن واللاإستقرار التي فرضتها القوى الدولية والإقليمية.. والتي تضاف إليها أفاعيل النظام المخزني المنتهية صلاحيته، مع الكيان الصهيوني المتربِّص على حدودنا بشحن ودعم ودفع وتأمين مخزني فاضح، لن يكون إلا وبالا عليه ولن يجلب له كما قال الأعرابي “إلا الذل والعار ويدخله كفرعون النار”، فالشريفُ شريفُ الدم والعقل والقلب والسريرة ومطهَّرٌ من الغدر والخيانة، منزَّهٌ عن الكيد والظلم والبطش والتآمر مع العدو.. عدو الله. الشرفاء، شرفاء النسب العالي الرفيع الذي لا يدنِّسه عملٌ ولا يعلوه لا عار ولا غبار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!