-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الأمريكان والرّوس تحوّلا إلى جمعيتين خيريتين في نظرهم!

عندما تصبح مظاهرة الكافرين فخرا لبعض المسلمين!

سلطان بركاني
  • 5176
  • 0
عندما تصبح مظاهرة الكافرين فخرا لبعض المسلمين!
ح. م

كثيرة هي البلايا والرزايا التي تعيشها أمّة الإسلام في هذا الزّمان، لعلّ من أشدّها إفسادا لدينها ودنياها، مسارعة كثير من حكامها وجماعاتها وأفرادها في موالاة الكافرين والأعداء المحاربين، وفي مدّ حبال المودّة إلى المتربّصين بالأمّة من الملاحدة والصهاينة والصليبيين، بل وفي مظاهرتهم على غزو بعض بلاد المسلمين واستباحة دمائهم وأعراضهم، والأشدّ وطأة من ذلك حين ينبري بعض المتصدّرين للعلم والدّعوة والكتابة، لتهوين هذه البلية، والدّفاع عن مقترفيها والمخاصمة عنهم، إمّا خوفا من سطوتهم أو طمعا في أعطياتهم ومناصبهم.

على الرّغم من أنّ هذه القضية حُسم أمرها في آيات قرآنية محكمة كثيرة، تنهى أشدّ النّهي عن موالاة الكافرين واتّخاذهم أولياء من دون المؤمنين، وتزجر عن طلب العزّة في كنفهم والمسارعة فيهم خشية بطشهم وسطوتهم، منها قول الحقّ جلّ وعلا: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِين”، وقوله سبحانه: “بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا”.

على الرّغم من هذا، فإنّ كثيرا من حكّام وملوك هذه الأمّة في هذا الزّمان، أبوا إلا أن يبيعوا دينهم بعرض من الدّنيا قليل، ويلقوا بحبال المودّة إلى الكافرين المحاربين، ويمكّنوهم من بلاد المسلمين وحرماتهم، ويمنحوا أراضي سقتها دماء الفاتحين للأعداء الغاصبين ليتّخذوها قواعد خلفية تنطلق منها أسلحتهم لتمارس أبشع أنواع الإرهاب في حقّ المسلمين في فلسطين والعراق وسوريا واليمن وأفغانستان والصّومال ومالي.

موالاة مهينة صارت بموجبها كثير من بلاد المسلمين دويلات تابعة لأعداء الأمّة، تأتمر بأوامرهم وتنفّذ مخطّطاتهم؛ ففي الوقت الذي اختارت فيه أغلب الدول العربية إعلان الولاء لأمريكا الباغية وحلفائها، وأمدّتهم بالأموال وقاتلت تحت رايتهم ودفعت فواتير حروبهم الظّالمة على إخوة العقيدة والدّين؛ اختارت إيران التي انتابها الحنين الصفويّ أن تلعب على أكثر من حبل، فأسرّت بالولاء لأمريكا الصليبية وتواطأت معها عبر عملائها على احتلال العراق وتحويله إلى ولاية تابعة لإيران تمارس على أرضه أبشع صور التّطهير الطّائفيّ والتّهجير المذهبيّ، بأيدي مليشياتها التي تقاتل على أرض بلاد الرافدين تحت مظلّة الطّيران الأمريكيّ!، ولم تكتف بهذا حتى أعلنت الولاء للروس الحانقين وتحالفت معهم ومكّنتهم من اتّخاذ أراضيها قواعد حربية تنطلق منها طائراتهم لإرهاب المسلمين المستضعفين في سوريا.

لم يعد غريبا أن يستمرئ بعض الحكّام هذه الخيانة المنكرة، لكنّ الذي يحزّ في النّفوس ويدمي الأفئدة، حين ينبري بعض العلماء والكتاب لتبرير خيانة هذا الطّرف أو ذاك؛ فبينما يتطوّع لفيف من علماء ودعاة السلفية المدخلية لتبرير استعانة بعض الدول العربية والإسلاميّة بأمريكا وحلفائها، يضطلع بعض المعمّمين وبعض المستكتبين بدور لا يقلّ خطورة عن هذا الدّور، للتّغطية على التّحالف الغادر بين إيران وأمريكا، وتبرير استعانة دولة الملالي بالعدوّ الرّوسيّ الحاقد، الذي أعلن منذ أوّل وهلة عن تنسيقه على أعلى المستويات والأصعدة مع العدوّ الصهيونيّ الغاصب وعن منح دولة الغطرسة والاحتلال ضوءً أخضر لترعى مصالحها في سوريا.

 ثمّ يتمادى هؤلاء في تبريراتهم ليحاولوا إيهام الأمّة بأنّ الاستعانة بالعدوّ الرّوسيّ الحاقد تختلف عن الاستعانة بالعدوّ الأمريكيّ الباغي، على اعتبار أنّ روسيا على خلاف مع أمريكا، وعدوّ العدوّ صديق! ولا شكّ أنّ هذا المنطق علاوة على مناقضته للشّرع والعقل، فهو يخالف الواقع أيضا، لأنّه يتمسّك بظواهر الأحداث وبعض المواقف الموجّهة للإلهاء والتّخدير، وإلا فلا يشكّ عاقل في أنّ هناك توافقا كاملا بين أمريكا وروسيا في إعلان الحرب على الإسلام والسعي للحيلولة دون نهضة الأمّة من جديد، وتطابقا شبه كامل في وجهات النّظر حول أغلب الملفات والقضايا الراهنة، وما يظهر من خلاف في الملفّ السّوري، خاصة ما هو إلا محاولة لذرّ الرّماد في العيون، فكلّ ما تقوم به روسيا يحظى بالموافقة الأمريكية الكاملة، بل إنّ المسألة لا تعدو أن تكون تقاسم أدوار بين العدوّين اللّدودين للمسلمين، ولا أدلّ على ذلك من تقلّب العدو الصهيونيّ بين الحضنين الأمريكي والروسيّ، وتأكيد الطرفين على حقّ الصهاينة في الدفاع عن أنفسهم! وهو ما يمثّل ضوءًا أخضر يمنحه الطّرفان للصّهاينة ليمارسوا أبشع أنواع الإرهاب، ليس في فلسطين فحسب، وإنّما في كل مكان يحلو لـ”إسرائيل” الزّعم بأنه يمثل تهديدا لها.

إنّ التاريخ لن يرحم أحفاد أبي رغال، وتلامذة ابن العلقميّ، وسيسجّل على صفحاته تبريرات المداخلة لنكبة مظاهرة بعض الدول العربية والإسلاميّة للعدو الأمريكي، وسيسجّل شقشقات عملاء المشروع الطائفي الشعوبي في محاولة لإثارة الغبار والتغطية على التحالف الخادع بين إيران وأمريكا، وتبرير التحالف الإيراني الروسي وتسويغ استضافة دولة الطّائفة لقواعد روسية على أرضها، تنطلق منها الطّائرات التي باركها الصّليب لترتكب أبشع الجرائم في حق السوريين؛ سيسجّل التاريخ أن هؤلاء وأولئك سعوا كذبا وزورا في إظهار الأمريكان والرّوس، وكأنّهما جمعيتان خيريتان إسلاميتان، تطوّعتا لإعانة بعض المسلمين على البرّ والتقوى!.

التاريخ لن يرحم هؤلاء وأولئك، والأهمّ من هذا أنّهم سيقفون بين يدي الله لتشهد عليهم ألسنتهم وأقلامهم في يوم تنقطع فيه العلائق والوساطات، ويتبرّأ المتبوعون من الأتباع، “وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ* إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَاب”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!