-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عن حوار الشيطان في حرمة رمضان!

عن حوار الشيطان في حرمة رمضان!
ح.م

لا نزالُ مقتنعين أنّ التهافت على مناظرة الرّويبضة من أزلام الحداثة وأقزام التنوير في المسائل الدينيّة والشرعيّة ترف فكريّ وإثارة إعلاميّة، لا جدوى تُرتجى منها، سوى شغْل الورى وملء الدُّنا بالفراغ والتفاهة!

الحوار فضيلة حضاريّة مع أهل العلم والسموّ المعرفي لمقابلة الأفكار بأضدادها، تثبيتًا للحيّة منها، ودحضًا للميّتة والمُميتة، وفق توصيف المفكّر مالك بن نبيّ.

أمّا الاحتفاء بالمرْضى المعتوهين من ذوي الأمراض النفسيّة والعلل العقليّة فهو استحلالٌ سافرٌ لشرع الله، حتّى يصير كلأً مُستباحًا منْ كلّ ناعقٍ شاردٍ عن منهج الحقّ المُبين!

بمقارنة بسيطة: هل ينزل فليسوف من عليائه ليُجادل رُعاع القوم في أمّهات الفلسفة وقضايا الإنسان والحضارة و الوجود والميتافيزيقيا؟

هل يقبل طبيب شهيرٌ أن يدخل في سجال علمي مع مشعوذ درويش حول تعقيدات الأمراض العضويّة الخطيرة ومسبّباتها وطرق علاجها وآفاق التخلّص منها؟

هل يوجد عالم فيزيائي فلكي مستعدّ أن يضيّع جهده النفيس في  تتبّع ترّهات منجّم من السحرة الفجرة؟

طبعًا الأمثلة المتناقضة أكثر من أنْ تُحصى، لكن هؤلاء يعزفون جميعًا عن الصعود فوق منصّات التهريج،لأنّ احترامهم للعلم والعقل يرْبأ بهم عن مناكفة الجهلة من أهل الغفلة والغباء والغرور!

لماذا يُراد بالدين وحده، من وحي و عقيدة وفقه وشريعة سمحة، أن يكون مهتوك السّتر والعرض، فيخوض في رحابه كلّ منْ هبّ ودبّ، دون حيازة لأدنى أبجديّات العلوم المؤهلة لإدراك أوامره ونواهيه و الرقيّ إلى مقاصده الكبرى؟!

الحداثيّون المزيّفون، وأتباعهم ممّن قلّ زادهم وساءت بضاعتهم، ما فتئوا يصدّعون رؤوسنا بتقديس العقل، لكن حين يتعلّق الأمر بالتجرّؤ على دين الله، ينبُذون أقوالهم وراء ظهورهم، متجشّمين ميدانًا وعْرًا تنوءُ بضُرُوبه عقول الرجال من فطاحل العلم!

فهل من العقلانيّة يا سدنة البُهتان أن يُثير الشبهاتِ غيرُ المختصّ، من الذين يلوكون قليلاً من الكلام المردود، ليظهر في صورة المفكّرين والمهتمّين بالتجديد والاجتهاد الديني باسم المحاورة والمناظرة؟!

في واقع الحال، هؤلاء لا يعنيهم من أمْر الدين شيء، لأنهم يعيشون في حِلٍّ من تكاليفه أصْلاً، وهو لا يعْدو عندهم أن يكون سجلا إشهاريّا لأجل الظهور بمنطق “خالف تعرف”، وحتى الاسترزاق بحرفة كسر الطابوهات المقدسة!

لا ينفع يقينًا مع المُفترين على شرع الإسلام والمتطاولين على أحكامه البيّنة سوى دكّ قلاعهم الهاوية ونسف أباطيلهم الخاوية، بالفضْح والنبْذ والتحْقير، حتّى يعرفوا منزلتهم الوضيعة بين الأنام، أمّا إذا عاشوا في وهم الأعْلامِ المُنظّرين، فإنهم سيبقوْن في غيّهم يعمهُون، ولكثير من ضعاف النفوس بالباطل فاتِنين!

سيردّ بعض القرّاء الطيبين أنّ المولى جلّ في عُلاه حاور إبليس الملعون، كأنّ ذلك حجّة دامغة على أهل الحقّ، لمُطاوعة شرذمة الأهواء المكشوفة في ضلالها الزّهوق!

الحوار عندنا يقتضي التكافؤ في كل شيء والتزام الأخلاقيات العلميّة، وفي مقدمتها تقصّي الحقيقة، دون تسويغ لهوًى مُستحكمٍ أو موقف مسبق، غير ذلك هو شطحات ساقطة تبحث عن الشهرة و رجْع الصدى، وإنْ جاز مثل ذلك في مضْرب السياسة العفنة، فإنّنا لا نقبلُ أن يجعل السّفلةُ من ديننا المفدّى مرتعًا يدوسون فوق طُهره بنعالهم الوسخة!

بقي أن ننبه إلى جريرة الإعلام في الترويج لمذهب السفهاء، فإنْ كان ولا بُدّ من تقديمهم للجمهور، بذريعة الرأي الحر أو حرية الفكر و المعتقد، فإنه لا مناص من انتقاء أكثرهم علمًا، أو بتعبير أدقّ أقلّهم سوءً، ليكون الجدال بالتي هي أحسن في حضرة جهابذة المعرفة الإسلامية، أما الاكتفاء بالدعاية المجانية لهم، فهي تجارة قذرة على حساب مقومات الأمة، تنتهك قواعد المهنة الصحفية التي تفرض الموضوعية والتوازن، قبل مساسها بمشاعر المواطنين ومقدساتهم!

نتفق معكم أن الرهان الوطني ومصير الجزائر يُوجب تثبيت بوصلة النقاش نحو آفاق الحراك الشعبي ومستقبل الأجيال، بيْد أنّ ركيزة الهويّة  خطّ أحمر تلزمنا في كل الأحوال بالذود عن حياضها الحصين!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!