-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

غُلاة الأمور

عمار يزلي
  • 2148
  • 4
غُلاة الأمور

عندما يختلط الحابل بالنابل والنابل بالحابل، والحبلى بالحليب والحلابة بالحلاليب، يتحلب الإنسان ويستيقظ لتناول الحليب، فلا يجد لا حليبا ولا محلبة، وكل ما يجده: محلوبين، وحلابة.. البقرة الحلوب قد تم حلبها ولم يبق سوى ضرعها ينزف دما، مع ذلك لا يزال الحلابون من الأعراب، يعملون على محالبة من لم يتحلبوا بعد! والدليل، ما يحدث من اختلاط الحليب والدم في البلد: الشرطة تنتفض ضد الحكومة، كما أن الشعب ينتفض ضد الشرطة. الكل يشتكي من التحلاب والكل يبكي من قلة الحليب، والحليب يشتكي من جفاف الحالب والضرع المحلوب.

اختلط الحابل بالنابل، حتى إننا لم نعد نعرف إلى أين تتجه البقرة الحلوب: باتجاه مرعى لا عشب فيه، أم باتجاه مذبحة لا رحمة فيها، أم باتجاه هجرة خارجية لا أمل بعدها: الناس يهرّبون أموالهم إلى الخارج، ومن لا مال له، يهرب عبر قوارب الموت، ومن لا بوطي له يأمل في فيزا تمهد له أمد الموت البطيء.. الشرطة تعاني كما يعاني الجيش، وكما يعاني الشعب، وكما تعاني الحكومة (ولكن في أشياء أخرى!)، وغلاة الأمورعندنا، حتى هم، يعانون بطريقتهم (في كيفية جمع المال وتخزينه). الكل يعاني (يعني..) الرئيس يعاني، من ظلم الشعب له ومن تحرّش الشرطة بقصره، والجيش يعاني من تحرشات الحدود ومن تصعيد الشرطة وحرس الحدود وتحرش الحرس البلدي غير البعيد.

إزاء هذا الوضع، وجدت نفسي أنا الحاكم وقد خرجت في مظاهرةصاخبةومعيالكابينيالرئاسي والحكومي والأصدقاء والمقربون، السعيد منهم والشقي في سعادته: سعدي، ومسعود، وسعيدة ومسعودة، وبن مسعود، ومساعدية ومسعد وسعاد، وسعدية وسعادة وسعد السعود.. وأما قبلوأمابعد…! خرجنا في مظاهرة ضد الشعب نطالب بإسقاط الشعب الذي لم نتمكن منتسقيطهرغم الضربات المتتالية، حتى وكأن هذه الضربات، زادته قوة على صلابة وطورت من أصلابه!

تكاثر الشعب علينا رغم ما قتل منه وما هو مقتول وهو حي، وما هو حي وهو مقتول! لم نعرف إلى أين نتجه لنحتج ضد هذا الشعب الأعوج! باتجاه البرلمان؟ ممثل الشعب! البرلمان لا يمثل الشعب في شيء! إنما يمثلنا نحن في كل الأشياء! فإذن، باتجاه باب الواد! نعم! لكن السكان ردوا علينا بحجارة من سجيل! فصرنا، وأنا أولهم من الآخر! نهتف ضد أولاد باب الواد: “باب الواد لي فوايو.. “يضربوا بليكايو!”. جاءت الشرطة وانضمت إلى باب الواد، وراحوا يمطروننا بالهراوير والقزازيل! والدخاخين! جاء الجيش وراح يبعد الشرطة عن الشعب.. ويبعدنا نحن عن الجميع ونحن نردد: النظام.. يريد إسقاط.. الشعب!..

 

وأفيق على صوت جرس الباب: جاءتني فاتورة التلفون والتلفون مقطوع منذ عامين!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • عبد الرحمان

    الإجابة السهلة لحياة معقدة وضواهر جزائرية خاصة كأضراب المعلمين الابدي و الأصولية التي تختلف الوانها و لكن هدفها واحد تدمير الدين و الوطن وهذا لان المثقف الجزائري ان صح تسميته كذلك هو اما اصولي متخفي او محبط دائما ما يرى نفسه خصمًا للسلطة، سواء أكان هذا بإرادته أو كونه طوال الوقت بحكم كراهية السلطة للمعارضة كان خارج المؤسسة الحاكمة أو أجهزتها، وهو ما يعنى أنه محروم من المعلومة وتفاصيلها الحقيقية لن أندهش وأنا ارى من يطلق بثقة شديدة تفسيرا لإشكالية وطنية كبرى
    المحلبة

    يابن ابي محلبة ..

  • علي

    يا سي عمار كاش منامة تفاهمني فيها واش راه صاري بين الجزائر و المروك، يرحم والديك

  • سارة

    هنيئا للشروق بهذا الطاقم المتكامل من الكتاب المبدعين . و سي عمار على رأسهم . مقالاتك ( طاجين لحلو تاع الشروق ) . رب يحفظكم جميعا .

  • algérien

    بسم الله الرحمن الرحيم؛ أما بعد:
    مقالاتك يا أخي أكثر من رااااااااااائعة و الله إبداع صوري ذو معاني عميقة. شكرا لك. سلام