-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

فرنسا “الإمبراطورية” التي لا تشرق عليها الشمس

فرنسا “الإمبراطورية” التي لا تشرق عليها الشمس

وجدت فرنسا نفسها في حرج كبير، أمام حلفائها، وأمام الذين ظنت أو ربما اقتنعت بأنهم تحت سيطرتها إلى الأبد، في قضية النيجر، كما كان حالها في العديد من النقاط الساخنة، وحتى الباردة في العالم، وعلى رأسها القضية الأوكرانية، ولم تجد غير التريّث في اتخاذ القرار، الذي يبدو أنه لن يكون، لعبا بالزمن، وانتظارا لمعجزة تنقذها من الورطة التي وضعت نفسها فيها، خاصة أن الذي لم يكن يعلم سبب اهتمام فرنسا بمنطقة الساحل صار يعلم، ولم تعد تمرّ دقيقة من الأخبار إلا وكشفت ما فعلته فرنسا على مدار أكثر من ستين سنة في النيجر وأخواتها من أوطان القارة السمراء، التي أغناها الله بثرواتها، فأفقرتها أوروبا وفرنسا على وجه الخصوص.

يشهد التاريخ المعاصر أن فرنسا استعمرت في القارات الأربع في العالم من إفريقيا وآسيا وأمريكا واستراليا، ما لا يقل عن ثلاثين بلدا، استعمارا من دون حماية ولا انتداب، ويشهد بأنها من دون بقية المستعمرين القادمين من القارة العجوز، هي وحدها من زعمت بأنها ناقلة للحضارة والتقدم، وبأنها أنفقت على المستعمرات مئات الملايير من الدولارات، في مشاريع مزعومة للبنية التحتية والتعليم والصحة، ومن حقها أن تبقيها تحت تبعيتها حتى ولو خرجت أو دعونا نقول خسرت عسكريا أمامها، لأجل ذلك تعاقبت الأحداث في السنوات الأخيرة وكشفت مزيدا من النقاط السوداء الفرنسية التي كانت مخفية عن الكثير من الشعوب، ليس في القارة السمراء المكتوية بنار الاستعمار القديم، الذي أراد أن يبقى حديثا، وإنما في بقية البلدان التي لم تكن تعلم من أين يأتي “يورانيوم” فرنسا المزدهرة به، وبالثمن البخس الذي تدفعه فرنسا لبلاد النيجر، وأحيانا من دون أن تدفع دولارا واحدا أو فرنكا إفريقيا واحدا، فتضيء فرنسا بنور اليورانيوم ويعيش أكثر من تسعين بالمائة من سكان النيجر من دون كهرباء، ولم تكن تعلم من أين يأتي قطن فرنسا المنهوب من بلاد مالي التي يعاني شعبها من رثّ الثياب وانعدام الأفرشة والأغطية، ولا يعلم من أين يأتي أرز فرنسا، المستورد من بلاد بوركينا فاسو التي لا يكاد يأكل أهلها حتى في حالة الجوع.

تعلم فرنسا بأن خساراتها المتكررة في مستعمراتها القديمة، خاصة في القارة السمراء، هو بداية نهاية دولة، قدمت شعارا لا علاقة له بممارساتها، وقد تخسر حتى تلك البلدان التي مازالت تحت سيطرتها مثل غويانا والمارتينيك وبولينيزيا، حيث تجني فرنسا سنويا 16 مليون أورو من ثروات السمك فقط من هذه الجزر المترامية في قارات العالم.

قديما قيل عن بريطانيا بأنها الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، بعد أن وطئت قدماها، شتى أراضي قارات العالم، ويبدو أن فرنسا تسير وبسرعة لتكون “إمبراطورية” لا تشرق عليها الشمس!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!