-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

قانون لتجريم التكفير وخطاب الكراهية

حسين لقرع
  • 1065
  • 9
قانون لتجريم التكفير وخطاب الكراهية
ح.م

إذا كان معهد غالوب الأمريكي قد صنّف الجزائرَ في المرتبة السابعة عالمياً والأولى إفريقياً في قائمة الدول الأكثر أمناً في العالم، فإن الحفاظ على هذا المكسب الثمين، يتطلّب الحرص على صياغة قانون تجريم الكراهية الذي كشف وزيرُ الشؤون الدينية محمد عيسى عن الشروع في تحضيره، بشكلٍ يحارب فعلا خطابَ الكراهية والطائفية والنزعات الجهوية والعرقية.. حتى لا تكون سببا في عودة العنف أو تهديد وحدة الوطن وتفكيك النسيج الاجتماعي للجزائريين.
ينبغي أن نعترف أن هناك استسهالا شديدا لتكفير المسلمين، وتبديعهم وتفسيقهم والحكم بضلالهم وزيغهم وبأنهم أهلُ أهواءٍ وبدع.. وغيرها من الأوصاف النابية البعيدة عن روح الإسلام الذي يأمر بالدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والدفع بالتي هي أحسن، ويكفي إلقاءُ نظرةٍ على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الانترنات عموما، لنرى كيف تعجّ تعليقات بعض الجزائريين بالكثير من الحقد والكراهية والعداوة لكل من يخالفهم الرأي أو اختار لنفسه منهجا آخر غير منهجهم، وقد علّمتنا التجارب أن خطابا اقصائيا متشنِّجا عنيفا من هذا النوع ينزع أصحابُه إلى ممارسة العنف والإرهاب في مرحلةٍ لاحقة.. اليوم يقال لك “اتبعني أو أنت ضالٌّ مبتدع”، وغدا يقال لك “اتبعني أو أقتلك”.
ننتظر أن يشمل مشروع قانون تجريم خطاب الكراهية هذه المسألة بعمق، حتى يكون رادعا لكل الخطابات الإقصائية التي يتحامل فيها أصحابُها على مختلف طوائف المجتمع، ويتسبّبون في التوترات والصراعات، وهذا حتى يُجبَروا على تعلّم التعايش مع الآخرين وقبولهم.
ولا ريب أن خطاب الكراهية لا يقتصر على ذلك الخطاب الطائفي الإقصائي العِدائي ضد المخالفين، بل يمتدّ أيضاً إلى جوانب أخرى جهوية وعرقية قد نشاهد تجلِّياتها في تصريحات فرحات مهني مثلا، أو حتى في ميادين كرة القدم، وتكون نتيجتُه سقوط قتلى من مختلف جهات الوطن وانتشار البغضاء والكراهية بين أبناء الوطن الواحد، فتتوتّر الأجواء ويتوعّد أبناءُ بعض الجهات أبناءَ جهاتٍ أخرى بالويل والثبور وعظائم الأمور كما شاهدنا مؤخرا بعد نهاية مقابلة شبيبة القبائل ومولودية الجزائر بقسنطينة.
وإذا كانت مكافحة مظاهر العنف هنا ضرورية، فإن الأهمّ من ذلك هو محاربة خطاب الكراهية الذي يفجّر هذا العنف ويدفع أبناء الوطن الواحد إلى ما يشبه الاحتراب في الملاعب، ثم مواصلة “المعارك” في مواقع التواصل الاجتماعي التي عجّت بخطابات كراهية شديدة بين أبناء الجزائر العاصمة والقبائل وقسنطينة في الأيام الأخيرة فاقت ما عشناه بين الجزائريين والمصريين عقب مقابلة أم درمان الشهيرة في 18 نوفمبر 2009. أليس مروّجو خطاب الكراهية بين الجزائريين من مسؤولين رياضيين وإعلاميين وغيرهم أجدرَ بالعقاب من فتى مناصر تأثّر بهم ورمى حجرا ليقتل به أخاه الجزائري؟ إذا كانت كرة القدم ستخلق نعراتٍ جهوية وعرقية خطيرة، فلماذا لا نوقفها حفاظا على وحدة الجزائر والجزائريين؟
لقد بات حتمياً وضعُ قانون يجرّم خطابَ الكراهية بشتّى أنواعه ويعاقب مرتكبيه بشدّة، إذا أردنا فعلاً وضع حد للانزلاقات التي تحدث بمسميات طائفية أو جهوية أو عرقية.. لا بدّ من معالجة المسألة بـ”تبصّر” كما قال رئيسُ الجمهورية في رسالته بمناسبة يوم العلم، ولكن بشجاعةٍ أيضاً، وكل تأخّر أو تقاعس قد يكلف الوطن غاليا في وحدته وأمنه واستقراره.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
9
  • محمدي الأحمدي

    إلى السي الفوضيل صاحب التعليق رقم 1. من مهنيك نحكم عليك . أنت تهاجم طرف و تحامي على آخر و هذا هو التطرف . إذن من الفاعل و من يرد الفعل ؟ لا يمكن أن تفوتك اللافته التي سار بها قوم الربيع الأمازيغي و العبارة المتطرفة العنصرية . فهل من يسب اللغة العربية و يخاطبنا بلغة المستعمر سنرش طريقة بعبق الريحان ؟ فماذا طلب الكاتب حتى ترد عليه و علينا بمدحك طرفا و تحجب عن الآخر حقه في الشمس ؟ نعم سن قوانين تجرمني و تجرمك و تحميني و تحميك . فأين المشكل الذي استشاطك و أشبعتنا عنصرية هذا الصباح ؟ نعم شئت أم أبيت فالجزائر عربية و ستبقى عربية فما هي نسبة الأمازيغ في الجزائر حتى تنزل علينا بمعولك .

  • صالح

    هناك بلد عربي نموذجي في التعايش بين مختلف المذاهب كان للشروق مقالا حوله وهو سلطنة عمان.
    وراء ذلك أسبابا منها وجود قانون ردعي صارم في مسألة النعرات الطائفية والتكفيرية.
    بالإمكان الاسفادة من التجربة.

  • **عبدو**

    4- و الزكاة و نشر التآلف و المحبة و الامانة و الصدق سواء بين الاخ و اخيه و او الزوجة و زوجها او الفرد و المجتمع او بين الصغار و الكبار ...

    لماذا لا يكون التشجيع من دون سب و شتم ( قد يكون السبب الرئيسي لهذه المصائب ) او قتال او تناحر ؟؟!!
    ان انهاء هذه المظاهر ينبغي ان تكون بالقضاء على الجهل و الامية و التعليم ترافقه تنشئة تحصن الفرد و توجهه حتى يتمكن الجميع من فهم حالهم ، لأن الامر عند البعض بالغ التعقيد و مبهم
    و الله اعلم
    يتبع

  • **عبدو**

    3- النبوية فيها سؤال و جواب ، و كذلك القرآن ، فآياته كانت نتاجا لسؤال معين او حادثة معينة تبنى عليها المعاملات بين الناس في كل زمان و مكان فالنهي عن السرقة و الغش و التكبر و السخرية و القتل و الاعتداء باللفظ او الفعل و حتى سوء الظن و عن شرب الخمر و القمار و الربا و الحسد و التمييز في اللون و العرق ...الخ ،كلها جاءت للحفاظ على الاستقرار و انهاء العداوة و البغضاء و الحفاظ على حياة الانسان و ماله و عرضه و اللجوء الى المحكمة (احكام الاسلام طبعا) بدل الوسائل الخاصة (لأن الانسان قد لا يعرف انه على خطأ مثل اكل مال الغير...او غير ذلك)
    ودعا الى التسامح و التعاون و الصدقة

  • **عبدو**

    2- يهتم ببناء الشخص منذ صغره، و يبنيه حتى و هو كبير و سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم دليل على ذلك، اذ كان كل من اتبعه لا يعرف عن الاسلام شيئا او ممن كان من اهل الكتاب (مذكور عندهم في التوراة و الانجيل فقط علموا ببعثته مسبقا) ،فهم اما كان مثل عمر او عليا او سلمان الفارسي او بلال -رضي الله عنهم- ،او حتى كانوا اعداء له، و آيات القرآن تشهد على ذلك قال تعالى ( إذا جاء نصر الله والفتح، ورأيت الناس يدخلون فى دين الله أفواجا، فسبّح بحمد ربك وإستغفره إنه كان توابا).و بطبيعة الحال لم يكن هؤلاء المتبعون من الجهلاء او الفقراء ... بل من المتعلمين و الاغنياء و الاذكياء ... ايضا و الاحاديث

  • **عبدو**

    1- قبل ذلك كله يمكننا ان نتساءل ،لماذا يلجأ احد المشجعين الى السب و الشتم و الضرب و حتى القتل دون اي وازع ديني ينهاه اولا فالاسلام ينهى عن ذلك بل يتوعد صاحبه لأن ذلك من الظلم الذي نهى الله عنه، فهذا بالفعل ينبهنا الى وجود خلل عميق بدأ منذ الصغر او طبيعة الناس الذين نشأ بينهم، او حتى البحث في ما يتلقاه من التلفاز او الشارع (رسوم متحركة و مسلسلات و افلام تشجع على التمرد و العنف و اللفظ البذيء و الفعل البذيئ و السرقة و الانتقام ... الخ ) .
    إن الاسلام يختلف عن بقية الاديان و الفلسفات ذات النشأة الانسانية البحتة التي تكون عرضة لأهواء اصحابها و حتى اخطائهم،إنه يهتم ببناء الشخص منذ صغره ، و يبنيه

  • الجزائر

    قال الله تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " (الحجرات 13)
    - قال لتعارفوا وليس لتحاربوا.

    قال الله تعالى: ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ (النحل 125)

    عن أبي هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله( ص) : ((والذي نفسي بيده، لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلَا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم))؛ رواه مسلم

  • الجزائر

    صح الكلام ...بوركت. الله يهدي بعض الجزائريين ، يتعصبون لأي شيء ...لابد من نشر ثقافة تقبل الآخر بكل رحابة نفس مهما تضادت الآراء.

  • فوضيل

    تجريم خطاب الكراهية مرتبط بإصلاحات سياسية وثقافية وبترسيخ مفهوم الدولة الوطنية الديمقراطية وتجديد الخطاب الديني، فإذا كان فرحات مهني "عنصري"- كما يحاول البعض الترويج له - وهو صاحب ردة فعل، فماذا نسمي النظام الذي حارب تمازيغت والديمقراطية منذ الاستقلال وهو بهذا صاحب الفعل؟ وماذا سنسمي أنصار القومية العربية والنزعة العروبية والتيار الإسلامي في الجزائر الذين هم شركاء في الفعل؟ تمنيت لو تعرفون معنى التسامح وقبول الوطن للكل وليس لكم و لفتواكم، لان الغباء هو لما ترفض تمازيغت في الجزائر وتدعي أنها دولة عربية والمغرب العربي والدجاج العربي ...وفي نفس الوقت تنزعج من "فرحات مهني" وتتهمه بالعنصرية!!