-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كتب عليكم العلم أيضا

كتب عليكم العلم أيضا

لو قدّر لأحد من الناس أن يستمع في وقت واحد لأئمتنا ووعّاظنا في المساجد حيثما وجدت هذه المساجد لما سمع في هذه الأيام إلا آيات الصيام من سورة البقرة، وهي قوله – عز من قائل – “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم..” ولا اعتراض لأحد على هؤلاء السادة الأئمة والوعّاظ، فالمناسبة تستوجب التذكير بهذه الآيات الكريمات التي ما أنزلها رب العالمين إلا بعد خمسة عشر عاما من إنزاله قوله “اقرأ”.
ولكن الذي يغيب عن بال أكثر السادة الأئمة والوعاظ هو أن هذه الآيات ما أنزلها العليم الخبير إلا في السنة الثانية من هجرة الرسول الأكرم إلى المدينة المنورة، ولكنهم لا يذكرون أول ما أنزل الله – عز وجل – من هذا القرآن الذي يهدي للتي هي أقوم.
إن الآمر بالصيام هو الله العلي القدير، كما أن الآمر بالقراءة هو نفسه العليم الخبير، وإن المأمورين بالصيام هم أنفسهم المأمورون بالقراءة، فلماذا نسارع للصيام ولا نسارع للقراءة والعلم، فكأننا نطبق على أنفسنا من حيث ندري أو لا ندري تلك الآية التي يشنّع فيها الله – عز وجل – على “الذين جعلوا القرآن عضين”، فآمنوا ببعضه وأعرضوا عن بعض.
إن هذا القرآن أنزله الله – عز وجل – في شهر رمضان “شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان”. فلماذا لم يأمر الله – عز وجل – رسوله – عليه الصلاة والسلام – بالصيام، لأنه بالتأكيد سيكون صياما بغير علم.. كما لم يأمر بأي عبادة أخرى، لأن الإسلام الحنيف لا يريد أي عمل من أعمالنا أن يقام على غير العلم. ورحم الله – عز وجل – إمامنا المرتضى الفقيه عبد الحميد ابن باديس الذي قال: “العلم وحده هو الإمام المتبع في الحياة، في الأقوال والأفعال والاعتقادات”. (آثار الإمام ابن باديس – وزارة الشؤون الدينية. ج1. ص139). ومن قبل إمامنا قال أحمد شوقي:
ونودي اقرأ تعالى الله قائلها لم تتصل قبل من قيلت له بفم
إن م ارد المسلمين أسفل سافلين هو إعراضهم عن العلم بأوسع معانيه وميادينه، وهو ما أدى بهم إلى أن يصيروا عبيدا للأمم العالمة، التي خادعت بادي الرأي منا إذ أوهمتهم أن “الإسلام” هو الذي أخرهم فصدّقوها وهجروا الإسلام وشنوا حربا عليه وعلى دعاته، وما أجمل رد الشاعر معروف الرصافي على هؤلاء جميعا إذ يقول:
يقولون في الإسلام ظلما بأنه يصد ذويه عن طريق التقدم
فإن كان ذا حقا فكيف تقدمت أوائله في عهده المتقدم
وإن كان ذنب المسلم اليوم جهله فماذا على الإسلام من جهل مسلم؟
إن الصيام على فضله وقيمته لا ينفع إلا صاحبه، وأما العلم المدعم بالإيمان فجدواه عامة تصيب الفرد والمجتمع، فمتى يفقه أكثر المسلمين هذا الفقه؟ ندعو الله – عز وجل – أن يفقهنا في ديننا، وأن يبلغنا رمضان فنصومه عن علم وبعلم، ونصر إخواننا المجاهدين في فلسطين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • بوزيد

    ندعو الله – عز وجل – أن يفقهنا في ديننا، وأن يبلغنا رمضان فنصومه عن علم وبعلم، ونصر إخواننا المجاهدين في فلسطين.آمين والحمد لله رب العالمين.