-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

كل عام ونحن متفائلون

كل عام ونحن متفائلون
أرشيف

لم يَعد الأملُ اليومَ تَرفًا نتطلع إليه، بل أصبح حاجة حيوية لِنبقى، أي علينا صِناعته والعمل على إحيائه حتى وإن صاح البعض أن اليأس قد عمّ، والنهاية البائسة أصبحت محتومة، ولِيَفِرّ من استطاع الفِرار…!

وبداية صناعة الأمل تكون بإبرازِه حيث تجلى، بإشعالِ نورٍ ضمن دائرة التشاؤم التي ازداد مَن يُغذِّي عَتَمتها، بالتوجه نحو مُلامَسة تلك الإشارات الحاملة للمستقبل الواعد بداخلنا وحولنا.

بداخلنا أولا، حيث ذلك الشعور بالخطر الداهم الذي أصبح يعم الجميع، ضد الاستسلام، وضد محاولة زرع نار الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، وحتى بين الإخوة الأشقاء. وذلك الاتفاق غير مرئي بيننا أنه ينبغي لروح التسامح أن تغلب غريزة الانتقام، ولقيمة الأخوَّة أن تُغلِّف باقي القيم وتكون حَكَما بينها. وأنه علينا جميعا أن نَصُمَّ آذاننا عن سماع أبواق الفتنة وهي تُحرِّض هذا على ذاك، وتُعبِئ هذا ضد ذاك، وتوهم هذا بأن عليه أن يقضي على ذاك مُستغِلّة الصعوبات الجمة التي يعرفها الكثير ومُستفيدة من ضغطِ الجائحة وما تَرتب عنها من مصاعب ومِحن.

وبداخلنا ثانيا، حيث تلك القناعة التي ازدادت رسوخا، أن الجزائر تسعنا جميعا، ولا بديل لنا عنها، وأنّ على جميع أبنائها أن يتعايشوا وإن اختلفت أفكارُهم، أو ميولُهم السياسية، أو طريقتهم في رؤية المستقبل وكيفية إصلاح ما فسد والشروع في البناء على أُسسٍ صلبة وقواعد متينة.

وبداخلنا ثالثا، حيث ذلك الانتصار لمنطق العقل وروح الحكمة اللذين أصبحا يدفعان الجميع وبقوة لِنتحول من الاتفاق السهل حول الهدم إلى الاتفاق الصعب على البناء. وقد رأينا ما حدث لغيرنا ممن سارعوا بالهدم فغرقوا جميعا تحت الركام.

وبعد هذه وتلك، يأتي البحث عن الأمل حولنا، حيث اتحدنا مع فلسطين، وإن شذ البعض بالقول “ما لنَا ولها”، وحيث مازلنا نتمسك بقضايا الشعوب العادلة، ونسعى قدر جهدنا لنَصنع شخصياتنا ونَستعيد هيبتنا الدولية.

وهكذا، انطلاقا من أنفسنا، وبالتعامل الصحيح مع محيطنا، بوعي وإرادة وإصرار، نستطيع أن نمنع دائرة اليأس الضيقة من أن تحتل مساحة الأمل الواسعة. وأن نُترجم أقوالنا إلى أفعال تمسّ كل فردٍ منا حيثما وُجد بَدءًا بتلك الفئات الهشة التي كانت في كل مرة تدفع ثمن الهدم ولا تستفيد من مزايا البناء.

لقد دفعت هذه الفئات الثمن غاليا منذ حرب التحرير، وقد حان الوقت اليوم لكي تستعيد حقوقها، إن كانت في مناطق الظل أو كانت من الذين هُضمت حقوقهم أومِمَّن ظُلموا لأجل المطالبة بحقوقهم أو قول كلمة الحق… منها وبها يتعزز الشعور بأننا بالفعل نقوم بصناعة الأمل ونقضي على الإحباط واليأس، وتلك مهمة ليست بالعسيرة على أبناء هذا البلد، وهم الذين خبروا أكثر من غيرهم الأزمات، وعرفوا كيف ينبغي الانتصار فيها.

وإنا لمنتصرون أيضا هذه المرة بإذن الله، وكل عام ونحن متفائلون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • ياسين

    و ليكن أملنا مثل أمل يعقوب عليه السلام في رؤية ابنه "يوسف عليه السلام" ...بعد أن تآمر عليه اخوته ورموه بالبئر...لكن ارادة الله كانت أقوى وسخر من أنقذه من ظلمات البئر ...إلى أن وصل إلى ما وصل إليه من مسؤولية لأمانته وعلمه...لكن أبوه لم ينس يوسف إلى أن جاء اليوم الموعود و التقى يعقوب بابنه يوسف عليهما السلام...لقد كان الأمل كبيرا عند يعقوب عليه السلام ولم يستسلم لليأس أبدا...والأمل كما قال ذات أخي الذي لم تلده أمي "أن الأمل هو ذلك الخيط الرفيع الذي نرى من خلاله المستقبل"...

  • ابن الجبل

    هل أصبح عندنا الأمل تسلية نسلي به أنفسنا ؟! ، أو احتفال يتجدد علينا كل سنة ؟! كان أملنا أن تتحسن حالتنا الصحية فجاءت كورونا فقضت على كثير من أقربائنا وكفاءاتنا ..!. كان أملنا أن تتحسن اوضاعنا الاجتماعية والاقتصادية ، فأضحى الجوع يهدد الكثير من الأسر والأفراد ...! كان املنا أن تتحرر عقولنا ونفوسنا من الظلم والحرمان ، فاذا بها تزدداد سوءا ونقمة ...!! هل كتب لنا أن نعيش في مؤخرة الشعوب والأمم ، رغم امكانياتنا الضخمة...؟! . اذا لم تعد للأرض قيمته وللانسان حريته وللوقت قيمته ، فان الأمل الذي يراودنا يصبح حلما بعيد المنال !.

  • جزائري حر

    كل عام وأنت يا إما حابسين في لبلاصة يا تسيرون للخلف