-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
يسرقون الكوابل والعدّادات وأعمدة الإنارة وحتّى لافتات المرور

لصوص النحاس والبلاستيك.. خطر على الأحياء

نادية سليماني
  • 1331
  • 0
لصوص النحاس والبلاستيك.. خطر على الأحياء
أرشيف

بات كثير من تجّار خُردة الحديد والبلاستيك، يسرقون ما يرونه نافعا من أيّ مكان تطاله أيديهم، حتى ولو كان لمنفعة عامّة، فينتزعون كوابل وخيوط الكهرباء، حارمين حيّا كاملا من الإنارة، وينزعون أغطية البالوعات غير مُبالين بتسببهم في فيضانات قد تسقط قتلى، وآخرون يسرقون حاويات القمامة بعد ما ينثرون ما بداخلها في الشّارع، والبعض تسبّب في تأخير تسليم مشاريع سكنية، ينتظرها أصحابها منذ عقود.
انتشرت كثير من الصور والفيديوهات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، توثّق حالات سرقة ممتلكات عمومية من طرف أشخاص يتاجرون في خردة الحديد والبلاستيك، غير آبهين بخطورة العمليّة على سكان حيّ أو مدينة بكاملها. فسرقاتهم تسبّبت في اندلاع احتجاجات وغضب على المسيرين، في حين أنّ أصل المشكل هم أفراد من عامّة الشعب، فمن غير المعقول أن تضع الدولة حارسا أمام كل سلك أو عدّاد كهربائي..!!
والجديد في هذا الموضوع الذي تحول إلى ظاهرة خطيرة، أنّ المواطنين باتوا يقفون بالمرصاد لمثل هذه السلوكيات، إمّا عن طريق النهي وإبلاغ مصالح الأمن، أو تصوير الفاعل وفضحه على العلن وهذا أضعف الإيمان.

سرقة كوابل الكهرباء على الطريق السريع بتيبازة
وفي هذا الصدد، التقط مواطنون بولاية تيبازة مؤخرا، صورا لشاب أقدم على نزع الكوابل النحاسية الناقلة للكهرباء، من وسط الطريق السريع. والغريب أن الفاعل كان يجرّ الخيوط خلفه وفي وضح النهار وبين السيارات، وكأنها ملكه الخاص. وألقت مصالح الأمن لاحقا، القبض على الفاعل وأودعته السّجن.
والمؤسف أن هذا “اللصّ” سيتسبب بفعلته في إدخال الطريق السريعة في ظلام دامس، مع ما يشكله الأمر من خطر على السائقين ليلا.

يسرقون الحاويات بعد نثر القمامة في الشارع
أما المُتاجرون في البلاستيك، فكثير منهم يقدم على سرقة حاويات القمامة البلاستيكية الخضراء، غير مبالين بنتيجة فعلتهم، وهي غرق الحيّ في القمامة وانتشار الروائح والحيوانات المتشردة بالمكان. كما أن هذه الحاويات تكلف البلديات ومؤسسات الدولة ميزانية كبيرة.
وتتسبب ظاهرة سرقة البالوعات، كل مرة في غرق أحياء كاملة في فيضانات الشتاء، بعد تجمع الفضلات الصلبة والأتربة والأوحال داخل البالوعات، بسبب غياب أغطيتها. ووصل الأمر حدّ تسجيل وفيات لأشخاص بعد أن جرفتهم مياه الفيضانات، واللص غير آبه تماما، فكل ما يبحث عنه بضع دنانير “حرام”.
والمارّ على الطريق الرئيسي وبالقرب من مركز التكوين المهني ببلدية دويرة بالعاصمة، يتفاجأ من الغياب الكلي لأغطية البالوعات، ما جعل الأخيرة مملوءة بالحجار والأخشاب والأتربة، فكيف يكون الحال إذا سقطت الأمطار بغزارة.

سرق حنفيات 11 شقة جديدة
وفي مدينة المحمل بولاية خنشلة، تمكن كهل في الأربعين من عمره مؤخرا، من توقيف شاب في العقد الثالث من عمره متلبسا بسرقة شقته، فالأخير وحسب مصالح الأمن، احترف منذ أشهر سرقة الأنابيب النحاسية والحنفيات، من شقق العمارات الجديدة الشاغرة، بحيث بلغ عدد ضحاياه 11 ضحية.
وبمدينة سيدي بلعباس، ألقت قوات الشرطة بالأمن الحضري الرابع عشر، القبض على شخص تورط في سرقة أعمدة كهربائية خاصة بالإنارة العمومية، التي يقوم بتفكيكها لغرض بيعها لاحقا.

طريق بلا لافتات مرور.. لأنها سُرقت
وأخطر السرقات، التي كشفتها مصالح الأمن مؤخرا، وأوقفت المتورطين فيها، هي إقدام شباب على سرقة لافتات وإشارات المرور الحديدية ليلا، من حوافّ الطرقات، وهذا أخطر ما يمكننا توقعه، ليتسبب الأمر في حوادث مرور مميتة.
والمُؤسف، أن لصوص خردة الحديد والبلاستيك، تسببوا في تأجيل عمليات توزيع سكنات ينتظرها المواطنون منذ عقود، بسبب سرقاتهم المتكررة لعدادات الكهرباء والغاز وأنابيب توصيل المياه، وحتى الحنفيات يقتلعونها من مكانها. فتضطر السلطات المحلية لتأجيل عملية تسليم السكنات لغاية إصلاح ما تم إفساده. وآخرون لم يفرحوا بسكناتهم، فبمجرد تسلمها تعرضت للسرقة والنهب.
فمثلا سكان العمارات 1 و2 و3 جزيرة “L”، يؤكدون بأنهم منذ تسلم مفاتيح شققهم، يتفاجأون كل مرة بظاهرة سرقة عدادات الماء والكهرباء وأنابيب الغاز النحاسية، والتي تخصّ شققا لم يدخلها أصحابها بعدُ.
ويؤكد السكان، أن اللصوص ينتهزون فرصة غياب أصحاب الشقق، وينفذون عمليات السطو في أوقات الصلاة، خاصة يوم الجمعة.

كادوا يفجرون عمارة بعد سرقتهم أنبوب الغاز الرئيسي
وبموقع 3000 مسكن عدل بسيدي عبد الله، أبدى ما يزيد عن 500 مكتتب مستفيد من 18 عمارة عن استيائهم من بطء وتيرة أشغال التهيئة الخارجية، والتي عطلت عملية تسلم شققهم المنتظرة منذ 2013، وأكّد لهم مسؤول بالوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره “عدل”، بأن عراقيل تسببت في تأخير عملية توصيل الكهرباء والغاز إلى العمارات 18، ومن بينها سرقة عدّادات الكهرباء والغاز.
بينما واجه سكان إحدى العمارات بحي جديد بالجزائر العاصمة، خطرا حقيقيا لحدوث انفجار كبير في الغاز. والقصة أن لصوص الخردة سرقوا الأنبوب الرئيسي لتوصيل الغاز، من دون علم السّكان، وقد تفطّنوا قبل حدوث الكارثة بقليل.
ويستقبل بعض أصحاب المصانع، ما يُحضره لهم لصوص الخردة، دون السّؤال عن مصدرها، ورغم علمهم بأنها أغراض لا يستعملها أفراد خواص، بل هي ملك للدولة، ومع ذلك يسددون ثمنها لمن أحضرها. أما أغلبية الأشخاص الذي يسرقون هذه المُعدات، فيلجأون إلى تفكيكها وتحويلها إلى نفايات حديدية أو بلاستيكية لإخفاء حقيقتها، أما أغطية البالوعات فتباع على صفتها..!!

لصوص يستغلون القصّر في السرقات
وحسب ما رصدناه في احدى القضايا من هذا النوع، والمعروضة على المحاكم، هو تورط قصر في عملية السرقة، بحيث يؤكدون للقضاة بأن شبابا أو كهولا، طلبوا منهم مثلا إحضار حاوية قمامة أو غطاء بالوعة، مضيفين “استجبنا لهم، لأننا حسبناهم عمالا بالبلدية”، والحقيقة أن هؤلاء القصّر يتحصلون على أموال مقابل خدماتهم.

دعوات لتشديد العقوبة على المتورطين
وصرّح في هذا الشأن، رئيس بلدية القصبة، عمار زطيلي لـ”الشروق”، بأن الأحياء تعاني من ظاهرة سرقة أغراض عمومية، يستعملها المواطنون في حياتهم اليومية، وعلى رأسها أغطية البالوعات، وحاويات القمامة البلاستيكية، وأعمدة الكهرباء.
وقال “وبات اللصوص يقدّمون على تكسير مصابيح الإنارة العمومية المتواجدة في الشوارع الرئيسية، لأجل قيامهم بسرقاتهم بأريحية، وهو ما يجعلنا ننسق مع المؤسسة الولائية “إيرما” لتغيير المصابيح كل مرة”.
وحسبه، إذا كانت البلدية تمتلك ميزانية مناسبة، فقد تعيد شراء ما تم سرقته، من هذه الميزانية، بينما تلجأ البلديات الفقيرة، إلى المؤسسات الولائية، أو تستعين بإعانات الولاية.
وتأسف محدثنا، لانتشار مثل هذه الظواهر، التي يكون ضحيتها الأول، هو المواطن والمتسبب فيها هو مواطن أيضا..!! داعيا إلى تشديد العقوبات على هذه الفئة، والتي تسببت في تعطيل مشاريع التنمية المحلية.

بعض أصحاب مصانع الخردة متورطون
وبدوره، أكد المحامي بمجلس قضاء الجزائر، نجيب بيطام في تصريح لـ”الشروق”، بأنّ سرقة أملاك الدولة أو ممتلكات المواطنين، يعاقب عليها قانون العقوبات بأحكام مختلفة وذلك حسب ظروفها، فالعقوبة الأصلية لجريمة السرقة تتراوح بين سنة إلى 5 سنوات، وترتفع العقوبة بين 10 إلى 20 سنة سجنا، في حال ارتكبها أكثر من شخص، وتمت تحت ظرف الليل وباستعمال الكسر والاستعانة بمرْكبات.
وقال بيطام “على السلطات القضائية متابعة المشترين لهذه الخردوات الحديدية المسروقة، بتهمة عدم التبليغ وإخفاء أشياء مسروقة، سواء كانوا أصحاب مصانع أو أفراد، لأنهم يساهمون في دفع اللصوص إلى ارتكاب هذه السرقات”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!