-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لعبٌ هنا ولعبٌ هناك

لعبٌ هنا ولعبٌ هناك

في الوقت الذي لمس الجزائريون بروز عدد من ملاعب الكرة الفاخرة في العديد من الولايات، والتي تمنّوها أن تنقل محبّي هذه الرياضة الشعبية إلى الراحة والاحترام، وتنقل اللعبة من الهمجية التي دُفعت إليها، إلى المتعة التي وُجدت من أجلها، نجد أناسا مازالوا يريدونها أن تبقى على حالها، لا تقدِّم سوى الضجر والألم والضياع.

هناك إجماعٌ على أن ملاعب الكرة، بشعبية اللعبة وسط الشباب والأطفال، هي من أسّست للكثير من الممارسات والسلوكات في المجتمع، تجلت في نوع الهتاف وفي طريقة التشجيع وفي التعبير عن الأسى بعد الفشل، وعن الفرح بعد النجاح.

وبمجرَّد حضور أيِّ عرس عائلي يخص الزفاف، نلمس في الغناء وفي مواكب السيارات وفي الاحتفال بالعريس واستخدام الشماريخ، أجواء ملعب الثامن من ماي بسطيف أو حملاوي بقسنطينة أو بولوغين بالعاصمة، واحتفال الطلبة بالبكالوريا وحتى بالدكتوراه، هو جزء من مشاهد الاحتفالات بالانتصارات الكروية التي تشهدها ملاعبنا، وحتى خيبة الطلبة في الامتحانات تُترجم إلى أفعال نرى بعضها في فشل مباريات الكرة بالنسبة للأندية أو المنتخب الوطني.

في مباراة نصف نهائي كأس الجزائر، بين شباب بلوزداد ونجم مقرة، التي لعبت في مركب الشهيد حملاوي بقسنطينة الذي أعيد ترميمُه وتجهيزه، عدّ المشرفون على الملعب أكثر من مئتي مقعد كُسِّرت جميعا، وفي مباراة “الخضر” أمام تونس الودية التي لُعبت في ملعب عنابة المتجدد بالكامل، سجلت مديرية الشباب والرياضة بعنابة استنكارا بسبب عملية تخريب، إذ حُطِّمت دورات المياه وسُرقت الصنابير وخُرّبت الأبواب الالكترونية، وفي مباراة الداربي العاصمي بين اتحاد الجزائر والمولودية العاصمية، بملعب نيلسون مانديلا، لاحظ الجميع الكثير من الشماريخ والألعاب النارية تتهاطل على أرضية الملعب المعشوشبة وتضرّ به، وكلنا نعلم عقدتنا مع عشب الملاعب الكروية.

يوجد خللٌ ما، بين ما تقدّمه السلطات من أماكن لعب هناك، وما يقدّمه بعض المناصرين والمسؤولين من لعب خارج القواعد هنا، وواضحٌ بأن اللعب كله مازال بعيدا عن قواعده، من خلال التنظيم الحقيقي والتعامل الصارم مع أي مناصر يمتلك الجرأة على تخريب المنشئات العمومية التي هي ملكٌ للشباب وليس لغيرهم، لأننا في كل هذه المشاهد التخريبية لم نسمع عن متابعة فاعل أو فاعلين قضائيا، وهم بالتأكيد بالعشرات، بالرغم من أن القائمين مثلا على ملعب عنابة قد نبّهوا قبل انطلاق مباراة “الخضر” أمام تونس، إلى وجود كاميرات مراقبة، ستضع أي مخرِّب على مشارف الحبس.

مازلنا مصرّين على أن الملعب بإمكانه أن يكون مدرسة أخلاقية تقدِّم صورة بهية للجزائر، وتعلّم الشباب والمراهقين على وجه الخصوص التعامل مع “اللعب” كوسيلة تقارب ومنافسة شريفة، الفوز والهزيمة فيها دواليك، لأن كل من دخل ملاعب الكرة، أحصى كمية مهولة من الكلام الفاحش المتداول هناك، كلغة بين الشباب يرجمونها أحيانا على مناصري الفريق المنافس وعلى الحكام واللاعبين والإدارة، وكمية مخيفة من المهلوسات التي يتم استهلاكها، فكان الأمل في منجزات كبيرة تمنح الراحة والأمان.. وبقي مجرد أمل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!