-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (3)

خير الدين هني
  • 237
  • 0
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (3)

قال تعالى: ((لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ))، (آل عمران: 164)، وفي صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: “إِنَّ اللهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلَا مُتَعَنِّتًا وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا”.

وظيفة التربية والتعليم والتوجيه والتفقيه والاقتداء بهديه، هي ما نص عليها القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وهي ما عناها -صلى الله عليه وسلم- حين تحدث عن مواصلة الطريق على درب من سبقوه من الأنبياء والمرسلين، في تبليغ الوصايا والأخلاق التي توارثوها جيلا بعد جيل وبلّغوها لأممهم، وهي الوصايا المتعلقة بالتكاليف الشرعية، وبالتربية الحسنة والأخلاق الفاضلة، التي تستمد من التشريع المنزّل من السماء على لسان الروح الأمين جبريل عليه السلام، وفق ما ورد في الزبور والتوراة والإنجيل ثم في القرآن الكريم آخرة.

واتّباعا لمنهج القرآن الكريم وتسنّنا بأخلاق النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان الصحابة يقتدون بما يلاحظونه من أثر التربية الحسنة التي كان يتحلى بها سلوك النبي -عليه الصّلاة والسّلام- في أخلاقه العامة ومعاملاته المختلفة، فيما بينه وبين نفسه رفقا ولينا وتعطُّفا بصحته وراحته وهدوئه النفسي، وفيما بينه وبين أهله وأقاربه وأصحابه حين تعترضهم عوارض الحياة بمشاكلها وخطوبها، أو فيما بينه وبين خصومه وأعدائه في السلم والحرب، أو عند إبرام الاتفاقيات ومعاهدات الصلح أو الموادعة.

فكان -صلّى الله عليه وسلّم- يلتزم بالأخلاق كلّها، ولا يفاضل بين خُلُق وخُلُق، فكان التواضع هو سبيله وغايته ومقصده، وهو حِلْيَةُ مظهره وجوهر مخبره، وهو من يمثل مادة حديثه وكلامه ووصاياه وتعاليمه، فكان يخفض جناح اللين واللطف والرحمة لكل الناس، وكان إذا سار مشى بالتؤدة والرفق والهُوَيْنَا، وكان خفيض الصوت عند الحديث أو الدعوة إلى الله، أو عند الحثّ على البر والخير والمعروف، أو النهي عن المكر، وكان لا يضحك إلا متبسّما، وكان يغضّ الطرف ولا يحملق في الوجوه الغادية والرائحة، ولا ينظر إلى الناس شَزْراً، أو من زوايا العين وأطرافها، ولا يسعّر خده للناس، كما يحلو لكثير من الناس فعله، حينما يقابلون خصما  أو منازعا أو منافسا أو عدوا.

وكان يداعب نساءه وأصحابه ويمازحهم، وكان يحنو على الأطفال ويقبلهم، ويناغيهم ويلاعبهم ويجامل ذويهم تحبّبا وتعطّفا، كيما يدخل الفرحة والسرور والأريحية على قلوبهم، ويشعرهم بأنه واحد منهم، لا يختلف عنهم بطبيعة ولا  بمادة ولا بشكل ولا بصورة ولا بعواطف وغرائز، إلا بشرف النبوة والرسالة والدعوة إلى الله، وكان يخيط ثوبه ويخصف نعله (يخيطها ويخرزها)، بيديه الشريفتين، للدلالة على تواضعه الكبير ومساعدة أهله، وبعث دوافع حب العمل في نفوس أهله وأصحابه، لأنه كان لا يحب أن يتميّز عن غيره من الناس، وكان يأكل مما يليه ولا ينظر في وجه من يشاركه الأكل، وكان في الشدائد حينما تُلِمُّ بهم الخطوب ويَشحّ الطعام يُقدِّم أصحابه في الأكل، حتى إذا فرغوا أخذ في الأكل مما بقي في الآنية، وهذا أقصى ما يصل إليه خُلق المرء في إيثار الناس على نفسه.

وكان -صلى الله عليه وسلم-لا يخاصم ولا ينابز ولا يهمز ولا يلمز ولا يغمز، ولا يغتاب ولا يَنِمّ، ولا يسعى بالوشاية والإفساد بين الناس وإيقاع الخصومة والفتنة بينهم، ولا يسبّ ولا يشتم ولا يتفحّش ولا يَتبذّأ بالكلام القبيح، ولا يرفع صوته على الناس في الأسواق والأماكن العامة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!