-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ليث.. بأي ذنب اختطفوه؟

ليث.. بأي ذنب اختطفوه؟

مثل الأمراء، عاد زوال أمس، الرضيع ليث، إلى منزل العائلة، في موكب فرح أسطوري، كان، أوله عند باب بيت والديه، وآخره عند باب المستشفى الجامعي بقسنطينة، الذي فاز من مخابره، عام 1907 أحد أطبائه الفرنسي “ألفونس لافران” بجائزة نوبل في الطب، وصار يُسرق منه الرضّع من أحضان أمهاتهم في عام 2014.

لو كانت المشكلة في مستشفياتنا العمومية، باختطاف جسدي، لرضيع أبصر النور ليعيش في حضن أمّه، فوجد نفسه مع امرأة أخرى، أرضعته الخداع قبل الحليب لهان الأمر ربما، وذكّرونا بأحداث مشابهة، وقعت في باكستان والهندوراس وزامبيا، ولكن المصيبة أن الاختطاف المعنوي طال البلد بأكمله، في كل القطاعات، ولا أحد منشغل بردّ الأمانة إلى أهلها، فقد اختطفوا الصحة من أيدي أهلها ومنحوها لمرضى الضمير، واختطفوا العلم من أهله، وسلّموه للجهلة، فصارت الأحداث المأساوية تتوالى حتى تشابهت وما عادت تهزّ أحدا، وإذا كانت مصالح الأمن مازالت تحقق في قضية الرضيع ليث، وستقدم بالتأكيد الكثير من نقاط الضوء، كما يقال، فإن المجتمع مازال لم يجد جوابا عن هذا الانحدار الأخلاقي الذي طال طيشه الطفولة، في ما يشبه الانتحار مع سبق الإصرار والترصد الذي تمارسه الأمة في حق نفسها.

الرضيع ليث الذي أبصر النور في المستشفى، لم يجد من حواليه في ساعة الجريمة، غير دعاء والديه، فامتدت إليه أيادي الإجرام، وسافرت به عشرات الكيلومترات، إلى حيث لا يدري، وعاد والده ليتفقده، فوجده قد أصبح نِسيا منسيّا، مسافر إلى ولاية أخرى، لا زاد له، غير دعاء والديه، وعاش الجزائريون رحلة البحث عنه، حتى صار ليث، وهو لا يدري عن الدنيا شيئا، أشهر إنسان في الجزائر، إلى أن تم تحريره من طرف رجال الأمن بمختلف فصائلهم، ليعود إلى أحضان والديه، ولكن هذه المرة ليس نِسيا منسيا، وإنما مثل أبناء الأمراء، حيث جنّدت له الدولة جناحا كاملا لوحده بمستشفى، يرقد بعض مرضاه، في سرير واحد، وقد رقد ليث أيضا في نصف سرير من أسرّته التي يقطنها البرغوث والصراصير والعناكب، وجنّدت له طاقما من الحراس الخصوصيين داخل المستشفى، قارب تعدادهم الثلاثين، بعد أن كان وحيدا في السابع عشر من شهر ماي الماضي، عندما امتدت نحوه يد الإجرام، ووجد نفسه الآن محاط بقرابة الإثنى عشر طبيبا مختصا من كبار رجالات الطب، هم في الغالب غائبون، أمام أنين الآلاف من المرضى، الذين يؤمون المستشفى وغيره من مستشفيات الجزائر، من شتى المدن والقرى.

الجزائر بمتناقضاتها وجنونها وأسرارها، عاشها الرضيع ليث، الذي لم يزد عمره عن الشهر، فقد أهملوه وهو لا يدري لماذا؟ واختطفوه وهو لا يدري لماذا؟ واحتفلوا به وهو لا يدري لماذا؟.. المشكلة أن الرضيع ليث، ليس وحده، من لا يدري لماذا.. فكلنا مثله لا ندري شيئا؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
6
  • Algerian person

    Thank you for this article

  • نور

    لا فض فوك لقد اوفيت

  • البسكرية

    الحمد لله على عودته سالما الى اهله ولا اله الا الله ولا حول ولا قوة الا بالله...

  • مجهول

    لا اله الا الله

  • مجهول

    الله وكيل الظالمين

  • namoussa

    يا سي عبد الناصر انا اقول لك باي ذنب اختطفوه: بذنب اسمه الغريب!!!اي نعم ان كلمة ليث ليست غريبة كmلمة عربية وهي تعني اسد ولكنها غريبة كاسم نطلقه على ابنائنا!!منذ متى سمى الجزائريون ابنائهم باسماء الحيوانات حتى لو كان اسدا او فهدا? انا لا افهم عقدة النقص لدى الجزائريين اللتي تجعلهم يقلدون العرب المشارقة في اسماء ابنائهم وحتى في الكلام!!فهناك الان موضة لدى البعض رجالا ونساءا و هي اقحام بعض الكلمات والعبارات المصرية في لهجتنا كقولهم مثلا: حنروح,حنخدم, حيجيبو ,بعدين,بس, الخ على كل حال مبروك العودة