-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مأزق السردية الصهيونية

عمار يزلي
  • 1565
  • 0
مأزق السردية الصهيونية

قبل 12 سنة، كان المثقف الفرنسي اليساري، “باسكال بونيفاس”، قد نشر مؤلفه الذي أحدث ضجة في الأوساط الفرنسية اليهودية والصهيونية، تحت عنوان “المثقفون المزيفون”. هذا الكتاب، كان لي الحظ أن أترجم جزءا منه، لاسيما مقدمة الكتاب التي كتبها زميلنا عالم الاجتماع، الراحل عبد القادر لقجع، التي أردت العودة إليها اليوم لما للموضوع من صلة بما يحدث اليوم بشأن العدوان على غزة والإسلاموفوبيا بشكل عام.

“يتضح أن المثقف المزيف يمكن تعريفه على أنه ذلك الذي قرر أن يتوقف عن أن يكون اختار أن يكون في خدمة لوبي من اللوبيهات. كلاب الحراسة الجدد هؤلاء. الاختيار الأكبر الذي يواجه المثقف هو الآتي: إما أن يتحالف مع الغالبين والمسيطرين، وإما ـ وهو الطريق الشاق ـ اعتبار هذه الانخراط أمرا منذرا ووضعية تهدد الضعفاء والخاسرين بالانطفاء التام، وعندما ينتهي هؤلاء كمثقفين ـ هذا إذا كانوا يوما كذلك ـ فإن هؤلاء، سيتحولون إلى إيديولوجيين وهميين مجندين في حروب صليبية في القرنين العشرين والحادي والعشرين”.

أمثلة عديدة، وبراهين متعددة موثقة يقدمها “باسكال بونيفاس” للبرهنة عن الأدلة المغالطة التي يمتشقها بعض المثقفين الفرنسيين، وهم يتحرقون لتجييش الرأي العام لدى مواطنيهم ضد الإسلام والعرب والفلسطينيين، من خلال التعاطي مع هذه التمارين التي يحلل فيها ويختبر ويفكك شيفرات خطاب فلاسفة مفترين، أمثال “برنار هنري ليفي”، وصحفيين وعلماء اجتماع، منهم “كارولين فوريست”، ومؤرخين، أمثال “ألكسندر آدلر” ورجال اتصال وعلى رأسهم (Val)، ومثقفين آخرين بشكل عام.. وهذا، منذ السنوات الثلاثين الماضية، التي عرفت رحيل سارتر وصعود اليمين المتطرف.

بالنسبة إلى برنار هنري ليفي، فإن الإسلام قريب من الشيوعية والنازية، بل إنه نسخة أخيرة منهما: “يفضح بونيفاس البروز الإعلامي لعبارة مدمجة، يراها مغشوشة وكثيرة الاستعمال لدى هؤلاء المثقفين، وبرنار هنري ليفي على رأسهم: الخلط بين الإسلام والفاشية. وعليه، فقد يتواجد على مستوى المشهد الفكري الفرنسي “عدو مشترك”. إنه الإسلام الراديكالي قياسا مع الإسلام “المعتدل”: “هكذا، سيقول برنار هنري ليفي “التعفف الخطير” بأن “الإسلاموية ليست سوى العنصر الثالث لأداة، كانت الشيوعية والنازية نسختها السابقة”. فلقد جعل القرن الحادي والعشرون من الإسلام هوسه، كما مثلت اليهودية ذلك خلال القرن التاسع عشر وإلى بداية القرن العشرين. غير أنه وكما يشير إليه بونيفاس تبعا لـ”تزفتان تودوروف”، فإن الغرابة تكمن في كون “من ينتقدون بشدة المسلمين، هم من يتجرؤون على التمثل بفولتير”.

من جهة أخرى، يشير ملاحظ آخر ضمن المشهد الفكري الفرنسي إلى وظيفة “الشاشة” التي يقوم بها هؤلاء المثقفون المحتالون تجاه الرأي العام: “نجد كل هذه الأماكن المشتركة، كل هذه الأصناف من الشعارات، باختصار، كل العناوين التي تفيد في تبرير حرب الحضارات. لا أحد بإمكانه تجاهل الخطر والطبيعة التحررية للحركات الجهادية… فالعبارات من نوع “فاشيسلامية” تحتل الشاشات ولا يمكن عندها الحصول على ذكاء للعالم”. يرى باسكال بونيفاس في هذه النزوع نحو إنتاج هذه المفاهيم المغلوطة، وذلك بفعل التأثير الفعلي على التصورات والتمثلات التي يتخذها الفرنسيون إزاء المغاربيين والإسلام”.

الواقع اليوم، أن كل مسلم هو مشروع متطرف، وكل متطرف هو مشروع إرهابي، يغذي هذا كله سرديات الإعلام الصهيوني في الغرب المجاري لما حدث ويحدث في غزة ضد حماس والمقاومة الإسلامية في كل مكان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!