-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

مناورات ماكرون لتعويض الليبيين عن العقيد بمارشال

حبيب راشدين
  • 1772
  • 2
مناورات ماكرون لتعويض الليبيين عن العقيد بمارشال

طموحات الرئيس الفرنسي ماكرون ليس لها حدودٌ سوى افتقار فرنسا للقوتين الناعمة والصلبة التي تسند اليوم سعي الدول العظمى لفرض حلول خارج أحكام القانون الدولي، فكيف يحلم الرئيس الفرنسي بتصدُّر حل الأزمة الليبية المستعصية على الفرقاء الليبيين وعلى المجموعة الدولية منذ سبع سنوات في لقاءٍ دولي خُصِّص له أربع ساعات للمداولات بين ثلاث قوى رئيسية متناحرة داخل مشهد ليبي معقد بحضور 19 دولة من بينها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن.
لا أحد من الذين لبُّوا دعوة ماكرون يراهن على نجاح اللقاء، الذي لم يخف جدول أعماله من ثماني نقاط رغبة الرئيس الفرنسي في القفز على الاستحقاقات التي تعطل الحل منذ سنوات، ومحاولة حمل الفرقاء الليبيين على اتفاق يفضي إلى تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية السنة، يريد لها ماكرون وحلفاؤه أن تفتح الطريق أمام رجلهم الأول المارشال حفتر والقفز على عقبة الاستفتاء على مسودة دستور كانت ستخرجه من اللعبة بوجود بند يمنع حاملي الجنسية المزدوجة من الترشح للرئاسة.
الرئيس الفرنسي المشتبك في أكثر من نزاع في المنطقة، يبحث عن فرصة لتحقيق مكسب دبلوماسي في الأزمة الليبية قد يساعده في التغطية على الاخفاقات الفرنسية في نزاعات دولية استثمرت فيها فرنسا الكثير دون عائد يذكر، بدءا بالأزمة السورية التي لن يكون فيها نصيبٌ للفرنسيين ساعة تقسيم الغنيمة، وانتهاء بالأزمة المالية التي تحولت إلى مستنقع قاتل للقوات الفرنسية وفق آخر تقرير لمجلس الشيوخ الفرنسي، دون نسيان الاخفاقات الفرنسية في ملف الصحراء الغربية.
وكما أخفقت فرنسا مع ساركوزي وهولاند في استيعاب قوة اللاعبين الجدد في أزمات الشرق الأوسط فانخرطت في مغامرات أطلسية أهدرت فيها موروث السياسة العربية لديغول، فإنها تتجاهل أيضا موازين القوة الجديدة في شمال إفريقيا والساحل، يأتي على رأسها تنامي قوة التأثير التي تمتلكها اليوم الجزائر في إدارة النزاعات الإقليمية، ليس فقط بتنامي قوتها العسكرية، بل بفضل ثبات مواقفها السياسية التي تناضل لصالح حق الشعوب والدول في حل نزاعاتها بالطرق السلمية.
التقرير الأخير لمجلس الشيوخ الفرنسي حيال وجوب تكثيف الضغوط لإغراء الجزائر على المشاركة في حل الأزمة في مالي، واعترافه باستحالة التوصل إلى تسوية تنقذ فرنسا من التوحُّل في المستنقع المالي دون إشراك الجزائر في الحل، يُفترض أن يلهم الرئيس الفرنسي للبحث عن مسار آخر للتعامل مع الملف الليبي خارج الخيار الذي اعتمده سلفه ساركوزي وهولاند، وسعيهما لإقصاء الجزائر من مسارات التسوية، والسعي إلى إفشال المبادرات التي اشتغلت عليها الجزائر مع جميع الأطراف الليبية وبمشاركة دول الجوار.
مشاركة الجزائر في هذا اللقاء وبهذا المستوى العالي من التمثيل إنما يريد أن يبعث برسالة واضحة لماكرون: أنه لن يكون بوسعه الانتفاع من سياسة الكرسي الشاغر، وأن الجزائر التي قاطعت مبادرات فرنسا السابقة في إدارة الأزمة المالية لن تترك لماكرون الساحة الليبية شاغرة ليبيض فيها ويصفر كما يشاء، وبوسع الجزائر أن تراهن على ما في الأزمة الليبية من تعقيدات داخلية، وتضارب للمصالح بين دول عظمى لن تسمحا لفرنسا بالتفرُّد بالحل وباقتطاع موطئ قدم، وساحة نفوذ لها في بلد كانت هي من سعى إلى خرابه وإلى تخريب الأمن في شمال إفريقيا والساحل.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • الطيب / الجزائر

    يقول الأستاذ راشدين : "وأن الجزائر التي قاطعت مبادرات فرنسا السابقة في إدارة الأزمة المالية لن تترك لماكرون الساحة الليبية شاغرة ليبيض فيها ويصفر كما يشاء"
    هاذ الهدرة يا أستاذ غير كيما ولا عندها شحال !!؟ انا راهي تبانلي شغلي جديدة !

  • عبد النور

    وهل تلعب الجزائر اكثر من دور احتياطي الان يا استاذ راشدين وانت العارف ؟ اما كان لمؤتمر الوفاق هذا ان ينعقد في الجزائر بحكم ما بذلته من جهود ؟ ..اما عن المارشال فالرجل اثبت انه الاقوى في الميدان بينما الاطراف التي راهنا عليها نحن كعبد الحكيم بالحاج وغيره اندثر حسهم .