-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

من النفخ في بعبع إيران إلى شيْطَنة الجزائر!

حسين لقرع
  • 3474
  • 4
من النفخ في بعبع إيران إلى شيْطَنة الجزائر!
ح.م

من أعظم ما رُزئت به الأمة في السنوات الأخيرة، أن أمريكا قد خلقت لها عدوا جديدا وهو إيران، وراحت تخيفها من هذا البعبع وتزعم أنه سيلتهم دولَها الواحدة تلو الأخرى، قصد حلبِ ثرواتها بصفقات سلاح ضخمة ودفعِها إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني والاحتماء به، فابتلعت دولُ الخليج الطُّعم، وأضحت تروّج لفكرة أن الكيان لم يعد عدوا لها، ويمكنها التحالفُ معه لصدِّ “العدو المشترَك”، ومن ثمة، أخرجت الإمارات والبحرين علاقاتِهما مع الاحتلال من السر إلى العلن، وفضَّلت دولٌ أخرى مراقبة التطورات في عهد الرئيس المنتخب جو بايدن قبل الالتحاق بقافلة المهرولين في الوقت المناسِب، وبدأ الجميع يحضِّر لتحالفٍ غريب وضد الطبيعة ستقف فيه يوماً، ولأول مرة في التاريخ، جيوشٌ عربية جنبا إلى جنب مع جيش الاحتلال لمحاربة إيران وحلفائها في المنطقة، ما يعني أن جيوش هذه الدول الخائنة لفلسطين والأقصى لن تدخلها يوما لتحريرها من دنس الاحتلال، بل لمساعدته على إنهاء حكم حماس في غزة، وتصفية القضية الفلسطينية وتحقيق “السلام” الذي أضحى هؤلاء المهرولون لا يكفّون عن تبشيرنا به منذ توقيعهم اتفاقات التطبيع.

موضة استبدال العدوّ امتدّت مؤخرا إلى المغرب؛ إذ طفق مثقفوه وإعلاميوه بدورهم يبرِّرون خيانة “أمير المؤمنين” لفلسطين والانبطاح للاحتلال، بعرقلة الجزائر طيلة 45 سنة كاملة لـ”استعادة الوحدة الترابية للمغرب”. ولتحويل الأنظار عن هذه الخيانة، بالغ بعضُ المغاربة في شيطنة الجزائر والتهجُّم عليها وتحميلها كل مصائب المخزن، حتى سمعنا من يردِّد في بعض الفضائيات العربية بلا أدنى حياء أن “إسرائيل أكثر رأفة بنا من جنرالات الجزائر”؟! وكأنَّ جنرالاتنا قد شنوا حربا على المغرب واحتلوا أراضيه وشرَّدوا شعبه وارتكبوا المجازر بحقه!

اليوم، يمكن القولُ إن الكيان الصهيوني قد حقق نصرا سياسيا أكبر أهمية من النصر العسكري الذي أحرزه على جيوش العرب مجتمعةً في حرب 5 جوان 1967؛ فهو لم يتمكن من اختراق الصفِّ العربي وبداية عزل فلسطين عن محيطها فحسب، بل كرَّس الانقسامات الطائفية والسياسية التي تنخر صفوف الأمة، وحوّل الصديق إلى عدوٍّ والعدوَّ إلى صديق، ودفع عرباً إلى تغيير المسلّمات وتزييف الحقائق التاريخية وتبنِّي وجهة نظره إلى الصراع مع الفلسطينيين، وجعل دولا تستنجد به ضد دولٍ أخرى بالمنطقة على طريقة ملوك الطوائف بالأندلس ولسان حال حكّامها يردّد مُغازِلاً الصهاينة: “هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا”!

الجزائر لم تستنجد بالاحتلال الصهيوني حينما هاجمها الجيشُ المغربي في سنة 1963 (حرب الرمال)، برغم أنّها خرجت منهَكة من حرب التحرير ولم تكن تملك جيشا نظاميا، واعتمدت على آلاف المجاهدين وإمكاناتِها الذاتية المحدودة لصدّ العدوان، والرئيس العراقي الراحل صدام حسين أيضاً لم يستنجد بهذا الكيان العنصري البغيض خلال حرب 1980- 1988 مع إيران، ولم يسعَ إلى التحالف معه ضدّها بذريعة أنها “عدوٌّ مشترَك” للطرفين، بل حارب وحده وصمد إلى نهاية الحرب، وبقي ثابتا على مواقفه الداعمة لفلسطين إلى أن سار إلى المشنقة في 30 ديسمبر 2006 وهو يلعن عدوّيه معاً. إنها مواقف خالدة تبيّن لنا الفرق الصارخ بين الوطنيين والخونة المنبطحين.

هي فعلا تطوراتٌ دراماتيكية كبرى تعصف بالمنطقة لا نعتقد أن أكثر المتابعين والمحللين تشاؤما كان يتوقَّعها قبل سنواتٍ قليلة فقط من الآن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • كمال

    الى صاحب التعليق 3 قال الامام الشافعي رحمه الله :

    لا تأسفن على غدر الزمان لطالما ...رقصت على جثث الأسود كلاب
    لاتحسبن برقصها تعلو على أسيادها ...تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلاب
    تموت الأسد في الغابات جوعاً ...ولحم الضأن تأكله الكلاب
    وذو جهل قد ينام على حرير ...ذو علم مفارشه التراب

  • nacer

    اللهم أرحم ضحايا صدام حسين الأبرياء

  • سي صالح

    رحم الله صدام حسين.

  • مفهوم

    قال الرسول الكريم «ستكون فتنة في الشام من قبل اليهود تنجلي حين تنجلي و أنتم قليلون نادمون» ربي يلطف بينا