-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

ميناء أمريكي مشبوه في غزة!

حسين لقرع
  • 717
  • 0
ميناء أمريكي مشبوه في غزة!

بدلا من الضغط على حليفها الصهيوني لوقف حرب الإبادة والتجويع التي يشنّها على الفلسطينيين منذ أزيد من خمسة أشهر، وفتح المعابر جميعا لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شتى أنحاء غزة التي تدقّ المجاعة أبوابها بقوّة.. بدل ذلك، فضّلت الولايات المتحدة الأمريكية حلولا أخرى التفافية؛ إذ شرعت منذ أيام في الإنزال الجوي لمساعدات غذائية في مناطق متفرّقة من القطاع، ثم قرّرت بناء ميناء عائم بشاطئه لاستقبال المساعدات الإنسانية الدولية وتقديمها لعشائر فلسطينية تقبل التعاون مع الاحتلال وتوزيعها على سكان غزة.

باعتراف وزير دفاع الاحتلال يوآف غالانت، فإنّ هذا المخطّط الجهنّمي الصهيوني- الأمريكي، يهدف إلى تقويض حكم “حماس” من خلال “العشائر المتعاونة” التي ستكون نواة الإدارة المدنية الفلسطينية التي يريد الاحتلال إنشاءها في غزة لمساعدة جيشه على إدارتها بعد نهاية الحرب، لتفادي عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع لأنها تريد توحيده مع الضفة وإنشاء دولة فلسطينية، وهو ما يرفضه الاحتلال جملة وتفصيلا.

إلى حدِّ الساعة، ليس هناك ما يؤكّد وجود عشائر بغزة تقبل “التعاون” مع الكيان ضدّ بلدها على طريقة “الصحوات” العراقية العميلة للاحتلال الأمريكي، وقد أصدر قبل يومين “تجمّع العشائر والعائلات الفلسطينية” بيانا يؤكّد فيه مواصلة دعم المقاومة، ورفض أيّ محاولة لضرب الجبهة الداخلية، وأفتى بحرمة التعاون مع العدو، وأصدرت “حماس” بدورها بيانا توعّدت فيه بضرب كلّ من يتعاون مع الاحتلال بـ”يد من حديد”. وإلى حدّ اليوم، أبدى الفلسطينيون تمسّكهم الشديد بالمقاومة، ولم تفلح كل محاولات الكيان بتأليبهم ضدّها برغم كل ما أصابهم خلال هذه الحرب، لذلك، نعتقد أنّ هذه المناورة الجديدة من الاحتلال وحليفه الأمريكي ستلقى فشلا ذريعا ولن يجدا عشائر فلسطينية تقبل خيانة تضحيات عشرات الآلاف من الفلسطينيين، بدليل أنّ جهات صهيونية وأمريكية أجرت 12 لقاء مع قادة عشائر فلسطينية ولم تنجح في إقناع ولو واحدا منهم بـ”التعاون” معها.

ومع ذلك، تصرّ الولايات المتحدة على بناء هذا الميناء لتحقيق عدّة أهداف، وفي مقدمتها تبييض وجهها وارتداء قناع إنساني زائف يخفّف حدّة كراهية شعوب العالم لها، وتحويل الأنظار عن مجازر الاحتلال بحقّ الأطفال والنساء والمدنيين بغزة، وتهميش معبر رفح، وتقويض حكم “حماس”، وتشديد الحصار القائم على غزة منذ 17 سنة، والاستغلال المشترك مع الكيان للثروة الغازية البحرية المقابلة لشواطئ غزة، لكنّ أخطر هدف لهذا الميناء المشبوه هو تشجيع الهجرة الطوعية للفلسطينيين عبر البحر إلى أوروبا ودول الغرب عبر قبرص، وقد طرح الوزير الصهيوني المتطرّف إيتمار بن غفير منذ نحو ثلاثة أشهر فكرة “تشجيع الهجرة الطوعية للفلسطينيين” وعودة الاستيطان إلى غزة، لكنّه لم يوضّح كيفية تحقيق ذلك، حتى ظهرت مبادرة الميناء الأمريكي الذي سيفتح على مصراعيه لهجرة الفلسطينيين إلى الخارج عبر البحر بعد أن رفضت مصر بشدّة مخطّط تهجيرهم وتوطينهم في سيناء. لكنّ احتمالات نجاح هذه الفكرة أيضا ضئيلة جدا؛ فإذا كان الفلسطينيون قد تحدّوا كلّ مجازر الاحتلال وأبدوا صمودا أسطوريا طيلة 5 أشهر من القصف والقتل والهدم، وفضّلوا الاستشهاد في أرضهم على تهجيرهم إلى سيناء، فكيف يتركونها الآن و”يهاجرون طوعا” إلى أوروبا عبر ميناء قبرص؟

مثلما فشل مخططٌ التهجير، سيفشل أيضا مخطّط “تشجيع الهجرة الطوعية” إلى أوروبا والغرب ولو فتحت هذه الدول أبوابها على مصراعيها للفلسطينيين وقدّمت لهم كل الإغراءات والتسهيلات.. قد يهاجر الآلاف أو حتى عشرات الآلاف، ولكن أزيد من مليوني فلسطيني لن يتركوا بلدهم لقطعان المستوطنين ولن يساهموا في تصفية قضيتهم.

قد تتمكّن الولايات المتحدة من بناء الميناء العائم في غضون شهرين كما تخطّط، وقد تتمكّن من تحقيق بعض أهدافها الظرفية، لكنّ الأعمال بخواتيمها كما يقال؛ فإذا هزم جيش الاحتلال وأجبر على الرحيل مجدّدا عن غزة كما حدث في أوت 2005، فسيرحل الميناء معه إلى غير رجعة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!