-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نصومُ وهم جائعون

نصومُ وهم جائعون

يُجمع علماء الأمة الإسلامية، على أن من حِكم الصوم، هو استشعار حاجيات الفقراء والبؤساء والجياع بالخصوص، فيصبح الصوم الحقيقي هو وضع النفس في موقف الجائع، الذي لا يجد طعاما ولا ماءً طوال اليوم، ويبقى الهدف من الصوم بصريح الآية القرآنية، هو بلوغ التقوى كما جاء في سورة البقرة.
لكننا في الحالة الفلسطينية الراهنة، أمام أمة دخلت في صوم قهري، ليس عن الأكل والشرب فقط، وإنما عن الحياة الطبيعية التي تعيشها كل الكائنات الحية، في الوقت الذي يعرف العالم بأن أمة الإسلام هي الأغنى والأكثر امتلاكا للثروات الربانية، ومنها من بلغت أرصدتُها المالية المجمدة في البنوك “ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة”، على الطريقة القارونية الغابرة.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به”، والجار هنا ليس بالضرورة أن يكون مسلما، والجوع هنا غير محدد، كما أن الشبع أيضا غير محدد، بينما في الحالة الفلسطينية، فإن الجوع قد أودى فعلا بحياة أطفال وشيوخ، وقد بلغ من التعمير خمسة أشهر وأكثر، كما بلغ الشبع أيضا الموت من التخمة والسمنة والسكري وضغط الدم، ولم يكن الجار إلا فلسطينيا يدافع عن مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثبات سيدنا إبراهيم وقوّة سيّدنا موسى وصبر سيدنا أيوب وتضحيات سيدنا عيسى، من أجل مسرى سيدنا محمد عليهم جميعا الصلاة والسلام.
عندما ألّف المفكرُ الإسلامي، محمد قطب وهو أخ مفسر كتاب الله “في ظلال القرآن” سيد قطب، مؤلفه الشهير: “هل نحن مسلمون؟”، وطرح فيه الكثير من التناقضات التي لا تصلح أن تكون من طباع وسلوكيات المسلمين، ردّ الكثير من القراء ومنهم مفكرون على عنوان الكتاب ومحتواه وسؤاله الكبير بالنفي “لا”.
ولا ندري الآن إن كان السؤالُ الكبير المشتق من الحديث الشريف: “ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع”، عن حقيقة إيماننا في الوضع الفلسطيني الراهن، إن كان له إجابة أخرى غير “لا”؟
من عادة بعض الأمم أن تلغي الاحتفال ببعض المناسبات الوطنية بالخصوص، عندما تعيش المصائب والمحن، وقد فعلتها الجزائر في شهر نوفمبر الماضي، عندما ألغت الاحتفال بذكرى ثورة عزّتها وكرامتها تضامنا مع أهل فلسطين، كما ألغت بلدانٌ ومقاطعات احتفالات رأس السنة الميلادية، ولكننا في عيد رمضان أمام فريضة العطاء والقرآن والصوم والجهاد والشهادة، مجبرون على أن نلغي بهرجة المواسم الماضية، التي جعلنا فيها رمضان مجرَّد موائد إفطار لا تنتهي من الطعام، وسهراته مجرد مرح ومزاح حول “كاسات” الشاي والمكسرات، وأيامه نوم عميق أو متابعة للمسلسلات وحصص الترفيه، ونصوم كما صام الذين ضربوا لنا أمثالا رمضانية في غزوة بدر وفتح مكة وانتصارات القادسية ومعركة عين جالوت.
عندما كتب محمد قطب مؤلفه “هل نحن مسلمون؟” سنة 1959 لم يتطرق كثيرا إلى القضية الفلسطينية، ومع ذلك طرح الكثيرَ من الخذلان والتقاعس عن نصرة المسلمين، والآن بعد أن قهر الصهاينةُ إبليسَ وجبابرة التاريخ بجرائمهم التي لم تشهد البشرية مثيلا لها، يحقُّ لنا أن نعاود السؤال ونحن على مشارف شهر الصيام وجوار فلسطين في زمن الموت جوعا: هل نحن مسلمون؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • حمودي

    نتنياهو يتحدي كل العرب من المحيط الي الخليج ولا احد يرفع التحدي ولا عربي ولا اعرابي يرد فالجميع خائفون يرتعدون . فهل انتم مسلمون يا عرب ؟؟؟ لقد فرض ربكم الجهاد عليكم