-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

نهاية مُفجِعة للثورة المصرية

حسين لقرع
  • 5920
  • 22
نهاية مُفجِعة للثورة المصرية

بعد مُرور عامين ونصف عام فقط على ثورة 25 يناير 2011، وضع الجيشُ المصري نقطة النهاية لها بالانقلاب على الشرعية الشعبية وتعليق العمل بالدستور الذي صوّت لصالحه ثلثا الشعب واعتقال الرئيس المنتخَب واغتصاب الحكم وتعيين رئيس يقبل أن يكون مجرد واجهة لجنرالات الجيش الذين سيحكمون البلد من وراء الستار، بغطاء ديني مهترئ ومدني علماني يمثله البرادعي وموسى والصباحي وغيرهم من “الديمقراطيين” المزعومين الذين أيّدوا الانقلاب على الشرعية، وبتواطؤ مخجل لدول العالم التي طالما رددت أكذوبة “قداسة إرادة الشعوب”.

   والغريب أن هؤلاء الأزلام لا يكفون عن تضليل العالم والترويج لفكرة أن ما حدث في مصر ليس انقلاباً على الإرادة الشعبية، بل هو فقط “تصحيحٌ لمسار ثورة 25 يناير” وإنقاذٌ لمصر مما أسموه “استبداد الإخوان؟”.

    مُرسي المتهم بالاستبداد، لم يوقف أيَّ قناةٍ فضائية أو صحيفة، على كثرة الفضائيات والصحف التي كانت تهاجمه وهو في الحكم بشراسة منقطعة النظير وتتكالب عليه بحملات تضليلية مسعورة مليئة بالتهجم والذاتية المقيتة وقلب الحقائق، ولم يعتقل أي رئيس حزب ولم يقمع أي مظاهرة شعبية خرجت ضده وتعامل حتى مع الفلول بتسامح.. ولكم أن تقارنوا ذلك بما يقع حالياً للإخوان وقادتهم وفضائياتهم ومتظاهريهم لتعرفوا من هو الديمقراطي ومن هو المستبد الحقيقي.

   أيُّ مصيبة أصابت قيادة هذا الجيش ودفعتها إلى الانحياز المفضوح للأقلية العلمانية المدحورة في الانتخابات التشريعية والرئاسية الماضية، بدل أن تنحاز إلى الشرعية وتدافع عنها؟ كيف تسمح هذه القيادة لنفسها بالانقلاب على الرئيس المنتخَب واغتصاب الحكم وتعيين شذاذ الآفاق من العلمانيين وفلول النظام السابق في الحكومة الجديدة غير الشرعية؟ أليس هذا فشلاً ذريعاً لثورة 25 يناير وعودة إلى الوراء؟

   لقد سمعنا من يقول إنه فشلُ الإخوان ونهايتُهم وليس نهاية الثورة، وهذا الكلام ينطوي على مغالطات وتضليل؛ فالثورة قامت لإنهاء حكم مبارك الاستبدادي الفاسد الذي كبت أنفاس المصريين وقزَّم دور مصر الإقليمي الرِّيادي والحضاري وأخرجها من خندق الأمة وجعلها مجرد بيدق تابع لأمريكا والكيان الصهيوني، وسمح لأولاده وبطانته الفاسدة بنهب خيراتها وإفقار الشعب على نطاق واسع، ولكن فلوله تعود إلى الحكم الآن باستعمال المتظاهرين كغطاء للانقلاب السافر على الشرعية الشعبية المعبَّر عنها بوضوح في انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، والجيش الآن سيحكم من وراء الستار وسيعيد ديمقراطية الواجهة إلى مصر مجدداً وبمباركة فاضحة من العلمانيين المتهافتين على الاستوزار في حكومة الأمر الواقع.

   أما الإخوان الذين يراهن الكثيرون على إنهائهم عسكرياً واجتماعياً من خلال جرِّهم إلى العنف ومواجهة الجيش في معركة غير متكافئة، فلن ينجرّوا، على الأرجح، إلى فخ الجيش والعلمانيين وحلفائهم من فلول الطغيان والفساد، ولن يخرجوا عن إطار الدفاع عن الشرعية بالمظاهرات والاعتصامات السلمية مهما كان حجمُ التنكيل بهم.

   ليس هناك جماعة سياسية في العالم تعرّضت للقمع والتنكيل والمطاردات وشتى صنوف الأذى والقهر والاضطهاد مثل ما تعرّضت له جماعة الإخوان منذ تأسيسها في عام 1928 إلى الآن، ولكن كل محاولات الاحتلال الانجليزي، ثم الملَكية، ثم عبد الناصر والسادات ومبارك انهاء هذه الجماعة انتهت إلى الفشل الذريع، ورحل كل هؤلاء الجبابرة غير مأسوف عليهم، وبقي الإخوان إلى اليوم وتجذّروا أكثر في المجتمع، فهل ينجح السيسي وأزلامُه من العلمانيين والفلول فيما فشل فيه كل هؤلاء طيلة 85 عاما؟

 

   والجواب القاطع أن زبد الأنظمة الاستبدادية الفاسدة يذهب هباء، أما إرادة الشعوب وما ينفع الناس فيمكث في الأرض؛ رُفعت الأقلام وجفّت الصحف.  

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
22
  • بدون اسم

    لن تكون النهاية بادن الله وانما هدا الشوط الثانى الدى سيكون لصالح الاخوان ومن ورائهم الشعب المصرى الرائع الدى ابهر العالم بصموده واصراره وانظباطه وتعريته للمتشدقين يالعروبة والوطنية والدفاع عن الامة ارى ان الدكتاتورية العتيده فى العالم العربى والتى افرزت لنا دكتاتوريات فى بلداننا العربية ستنكسر انشاء الله على يد الشعب المصرى الدى وصع ثقته فى الاخوان لقد شهدلهم خصومهم انهم لم يكونوا ديكتاتوريين ولم يعتقلوا ولم يغلقوا قنوات انا كمان متفق مع الاستاد عوض

  • nadjib

    هنالك فيديو على اليوتوب لاعلامي محرض اسمه عكاشة قال بالحرف أن رجال الاعمال المصريين صرفوا 6 مليارات دولار من أجل اخراج المصرييين للثورة ضد الاخوان ويفهم من هذا طبعا أن هذه الاموال سخرت في المجال الاعلامي بشكل أكبر ...لقد تفطنوا الى أن الشعب المصري جله أمي وساذج وهو مجرد تربية ايادي اعلاميه لذلك راهنوا على الاستثمار في مجال الاعلام من أجل ربح المعركة ضد الاخوان

  • نجوى

    هذه افرازات الحرية بدع الكبت والتجبر ووالله أن مبارك لا باركه الله سيتحمل الكثير من الوزر..فتبت يداه...ندعو الله ورمضان على الابواب أن يطفيء نارالفتنة في هذا البلد الشقيق...بعيدا بعيدا عن النظره الضيقة للامور...لك الله يامصر

  • قاسم

    سيدي الفاضل مقالك هذا اروع ما قرات في هذا الموضوع، ردي سيكون لل"سي صالح" من قال لك ان 22 مليون توقيع حقيقية هل تصدق قنوات الفتنة التي ملات الدنيا نباحا منذ تولي مرسي الحكم اتق الله في فيما قلت ،الذين كانوا في رابعة العدوية اليس مليونيات كذلك ،وما حصلوا عليه الاخوان في الانتخابات شهد لها الجميع بنزاهتها اليس مليونيات ؟؟؟

  • mohamed zeraoula

    السلام عليكم ورحمة الله لا اعتقد انه يحصل ما حصل للجزائر

  • د/ محمد فتحي

    مقالة سيئة ومضللة ، فكيف لك أن تعتبر خروج (33) مليون، حسب حسابات جوجل، في الشوارع على هذا الرئيس وتعتبره مثلما يقول أوباما أنه انقلاب

  • أبو سهيل

    الذي يقول أنا مسلم يتهم بكل التهم البذيئة وتتكالب عليه قوى الشر في كل مكان . الانسان الذي لا يفهم بأن هذه السياسات قد نبهنا عنا الله منذ 15 قرنا ( ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) اىنسان الذي لم يأخذ الدروس من كل ما يجري في العالم الاسلامي إنما هو قريب إلى الأنعام منه إلى البشرية.

  • أبو سهيل

    بارك الله فيك أخي حسين والله لقد عبرت عما في نفوس أحرار العالم وبينت الحقيقة وكشفت عن الداء وفضحت الأوباش وكذا الأنعام الذين يسيرون مع كل تيار بلا إرادة ولا وعي سواء منهم الذين يصفقون للإنقلاب على الشرعية وهم يدفعون بأنسهم إلى المذبحة كالأغنام، وسواء بعض القراء الذين لا يفهمون الواقع المعيش فيتجاهلون أو يجهلون الحقائق ويدافعون عن الباطل . غير أن الباطل كان زهوقا فالانسان الذي لا يأخذ العبرة والدرس مما حدث ويحدث لكل بلد في العالم يريد الرجوع إلى أصله ( الاسلام) العادل يتهم إما بالارهاب أو التح

  • kader

    هذه هي الحقيقة بعينها شكرا على المقال

  • Msila ezzarga

    يعطيك الصحة الحسين ولكن مع قراءة العنوان تحس وكأن كل شيء توقف في مصر لا يا أخي الثورة لم تنته بعد ولكن أراد الله بها أن تبدع أكثر فتصبح أكبر وأحسن ثورة في التاريخ المعاصر. إصبر قليلا يا الحسين وسنرى معا معجزات الله في هاته الثورة المباركة...

  • Dr Mohna3li

    بارك الله فيك و في جرأتك على قول كلمة الحق.
    لقد عبرت حقيقة على ما يخلج في نفوس الأحرار الذين لا يرضون بالباطل و يقفون مع الحق.
    تحليل جرئ و منصف. لقد رأينا يأم أعيننا كيف انقلب المدعون بالدمقراطية على الشرعية و قبلوا بعد سعيهم للحكم على ظهر الدبابات و الاستعانة بالعسكر كما حدث عندنا عام 92.
    يا لجرأتهم! ألا يستحون?

  • عبد الله

    بارك الله فيك لقد عبرت عن الوضع في مصر بكل موضوعية واحترافية.

  • احمد

    رغم كرهي الشديد للأخوان و اختلافي معهم الا اني اقولها لك انك تزور الحقيقه حالك حال جنرالات مصر الصهاينه ما حدث في سيناء حاربه الاخوان و مرسي من وجه الجيش لقتال المتطرفين في سيناء و قتلوا منهم العشرات . اما استنادك للمليونيات لاعطاء الشرعيه للانقلابيين فهذه كذب بواح لان من خرج لا يتجاوز مئتي الف في افضل التقديرات ثم من متى كانت المظاهرات تلغي حكم منتخب ؟ هنا في فرنسا خرج ثلاث ملايين منذ اسابيع معارضين لهولاند فهل عليه ان يخرج من الأليزيه ؟ كما ترى ضحاله مستواك الفكري لم يخطأ من سماكم عالم ثالث

  • بادي صحراوي

    هي ديمقراطية انصار التحرير وجبهة الانقاذ.....فحساسيتهم من الاسلاميين سببت لهم حكة..بلغت حمرتها انف السيسي ومجلس حربه... فبدل ان تكون عطسة ديمقراطية......كانت ترويثة انقلابية .. ولهذا اقول ان منطق ديموس كراتوس الذي يعني عند اليونان حكم الشعب قد تم تحويره في مصر الى ديموس سيسيتوس ...

  • hamelum

    كلام معـبر ، جــميل ،، و واقعـي ،،
    شكرا و بارك الله فيك

  • صالح

    لماذا لم يقم اخوان مصر ، الذين يزعمون انهم وصلوا الى سدة الحكم بالديموقراطية ، بالشفافية ، وبارادة الشعب ، بما قام به " العلماني " شافيز ، الذي دعا ، لإسكات المناوئين من مواطنيه ومن امريكا ، الى انتخابات مسبقة وربحها ؟ .
    الاخوان في مصر رفضوا الانصياع الى ارادة " المليونيات" ، وهي التي اوصلتهم الى الحكم ، في تنظيم رئاسيات مسبقة ، لانهم يعرفون تمام المعرفة انهم ارتكبوا اخطاء وحماقات جسيمة كانوا سيدفعون ثمنها غاليا لدى الشعب " العلماني " في الاستفتآت وفي الانتخابات الرئاسية ان وجدت.
    مصر اولا

  • صالح

    الم يكن الاخوان يرددون ، قبيل وبعيد تنحي(؟) الرئيس الاسبق ، بانهم سيكتفون بالاقلية في البرلمان وبانهم لايسعون ولا يقدمون مرشحا الى الرئاسيات ؟ لماذا انقلبوا على انفسهم اولا قبل ان ينقلبوا على شركائهم في الانتفاضة ( الثورة ؟) وعلى الجيش بعد الاغتيالات في صفوف الجيش في سينا ؟ . هل كانت الاغتيالات مدبرة ؟ . نفس الاغتيالات تقع اليوم في صفوف الجيش في نفس سينا . لماذا رؤساء الاخوان انفسهم متعطشون ، باسم الجهاد ، الى دماء اخوانهم في الديار ؟ .
    هل سمعت ان " هؤلاء الازلام " يدعون الى سفك الدماء ؟ .

  • صالح

    الرئيس الاسبق ، الذي يزعم انه تنحى حفاظا على الارواح ، استجاب ل " مليونيات " ميدان التحرير ، فلماذا لم يستجب الرئيس المعزول ل 22 مليون طلب وتوقيع ، و 14 مليونية في 30 جوان 2013 يطالبونه بالرحيل ؟ . لماذا لم يستجب لرغبة الشعب ويرحل ويحافظ على ارواح المصريين ، كل المصريين ؟ .
    ما السر يا ترى في ان جنرالات الجيش كانوا ، قبيل وبعيد تنحي(؟) الرئيس الاسبق ، وانحيازهم الواضح الى صف الاخوان ، بإيعاز ممن يصنعون " الربيع العربي " ، ينعتوا بانهم مع الشعب ، وينعتون الآن بالانقلابيين ؟ هل تغير الجيش؟

  • صالح

    ليس دفاعا عن الانقلابات العسكرية .
    هناك فعلا واجهة الحقيقة ولب الحقيقة او الحقيقة نفسها .
    واجهة الحقيقة تتجلى في ان الرئيس المصري الاسبق تنحى ولم ينحى . حتى المديرون العامون الاقل شانا ينصحون ويجبرون ، حفاظا على كرامتهم ، على التنحي .
    لب الحقيقة يتجلى في ان جنرالات الجيش ، وعلى راسهم الجنرال الذي كان على راس المخابرات ويعرف ظاهر ولب الاخوان ، والذي عينه الرئيس المعزول خلفا للجنرال المعزول الى التقاعد ، هم الذين ، بدون شك ، نصحوا واجبروا الرئيس الاسبق على التنحي حفاظا على ارواح المصريين .

  • محمود

    مقال اقل مايقال عنة انة اكثرر من رائع

  • اسحاق

    اخشى ان تكون النهاية مثل ما وقع للجزائر من حمام من الدماء الى يومنا هدا.

  • brahim

    salam, un article tres objectif et clairevoyant. Monsieur Housseine , vous etes un ecrivain qui ne mache ses mots , clair et tranchant . un article court plein de sens et qui resume tout . continuez a nous eclairer et on attend votre plume avec impatience .