-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هكذا اقتبس أوباما من فقه الشاطبي

بشير مصيطفى
  • 7313
  • 12
هكذا اقتبس أوباما من فقه الشاطبي

قررت الحكومة اليونانية الاثنين الماضي طرح سندات حكومية للبيع في السوق المالية بحجم مليار يورو، ما يعادل 1.35 مليار دولار في مسعى من سلطات أثينا لتطويق أزمة السيولة في الاقتصاد.

  • ويصعب حاليا ايجاد مشترين جيدين لتلك الأوراق، ولكن قرار البنك المركزي الأوروبي بإعادة شراء سندات الخزانة اليونانية إضافة الى موقف الصندوق الأوروبي من أزمة الديون الحكومية المتعثرة في منطقة اليورو “اليوروزون” سيساعد على انجاح العملية  ولكن بأية تكاليف؟
  • وكان الرئيس أوباما اقترح على الكونغرس شهر سبتمبر الماضي ضريبة جديدة سميت بضريبة “بافيت” نسبة الى رجل الأعمال الأمريكي “وورين بافيت” ضمن خطة قومية لإسعاف الاقتصاد من نوبة عجز الموازنة، ومن ثَم الديون السيادية التي أتت على 96 بالمئة من الناتج الداخلي الخام لأكبر قوة اقتصادية وتجارية في العالم على الاطلاق.
  • وتقضي الضريبة الجديدة التي يأتي اقتراحها بعد شهر واحد من إقرار خطة أوباما للتقشف في الميزانية بفرض ضريبة جديدة على الأغنياء ورجال الأعمال ممن يتجاوز دخلهم السنوي مليون دولار، وتستهدف تحصيل 467 مليار دولار إضافية ستسمح بإطلاق مناصب شغل جديدة وتجنب الأسوأ أي الاقتطاع من النفقات الاجتماعية. ولكن مقاومة أخرى يتوقع لها أن تحد من طموحات الرئيس الأمريكي في تمرير الاقتراح على مجلس النواب الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري، ولو أن التجربة السابقة أثبتت أن المصلحة الأمريكية تتجاوز بأشواط مصلحة الحزبين الكبيرين في واشنطن؛ أي الحزب الجمهوري ونظيره الديمقراطي. فإلى أي حد يمكن للسياسة المالية المتبعة في كل من أثينا وواشنطن أن تتغلب على صعوبات الموازنة؟ وماذا يعني أن يلجأ واضعو السياسات في البيت الأبيض الى فرض ضرائب استثنائية على أغنياء الناخبين؟
  • حدود الربا في ضمان توازن السوق النقدية
  • إذا ما أذن الله لضريبة “بافيت” أن تتحقق فإن مشروعا آخر من المشاريع الأمريكية المتصلة بأسماء الأشخاص يتحقق بعد مشروع “مارشال” العام 1947 والذي اقترحه عسكري أمريكي عمل في الحرب العالمية الثانية هو الجنرال “جورج مارشال”.
  • ويرمز “وورين بافيت” الى البرجوازية الأمريكية الوطنية، وهو أقرب الى أفكار المدرسة الديمقراطية التي تميل الى السياسات المالية القائمة على الجباية، في حين تراهن السياسات الاقتصادية للجناح الجمهوري على اسهامات المدرسة النقدوية؛ أي على سعر الفائدة الربوية كمتغير فاعل في تفسير الطلب على النقود.
  • وإذا ما عدنا الى اتجاهات الأسواق في البلدان الصناعية وخاصة أسواق النقود والمال اتضح جليا أن اتجاها بدأ ينمو داخل هذه الأسواق نحو مؤشرات الاقتصاد الحقيقي؛ أي السيولة الناتجة عن الثروة والناتج أو ما يسميه الفقه الاسلامي “الثروة العائمة” و”عروض التجارة” بدلا عن “الائتمان” و”اشتقاق القروض” و”بيع الديون”. ويعني ذلك بالدرجة الأولى مفردات السياسة الجبائية التي يبدو أنها تتفوق عن السياسة النقدية من حيث النجاعة في تأمين توازن الأسواق.
  • وشرعت النظم المالية في الغرب أياما قليلة بعد الأزمة المالية – 2008 في ضبط نفسها من خلال: دراسة أسلوب التمويل التشاركي المعروف اصطلاحا بالتمويل الاسلامي، وقد سبق لجامعة “ستراسبورغ” الفرنسية فتح تخصص أكاديمي في هذا المجال، تدشين التعامل -على أوسع نطاق- بالقروض اللاربوية، وقد نزلت أسعار الفائدة في اليابان الى الصفر بالمئة وتتراوح في الدول الصناعية الأخرى بين الصفر والنصف بالمئة، تعديل قوانين البورصة للترخيص بتداول “الصكوك الاسلامية” التي تصدرها المصارف اللاربوية في الخليج والشرق الأوسط.
  • يقول الإمام الشاطبي…
  • وفضلا عن الشروع في ضبط النظم المالية في الدول الصناعية على هندسة التمويل الشرعي في الاسلام، ها هي ضريبة “بافيت” تعيد التفكير الاقتصادي الى أواخر القرن السادس الهجري؛ أي الى أواخر القرن الحادي عشر للميلاد وبالضبط الى اسهامات أحد علماء الاسلام واسمه “أبو اسحاق الشاطبي”.
  • يقول الشاطبي في مؤلفه “الاعتصام”  “إذا قررنا إماما مطاعا مفتقدا على تكثير الجنود لسد حاجة الثغور، وحماية الملك المتسع الأقطار، وخلا بيت المال، وارتفعت حاجات الجند إلى ما لا يكفيهم، فللإمام إذا كان عدلا أن يوظف على الأغنياء ما يراه كافيا لهم في الحال إلى أن يظهر مال في بيت المال، ثم إليه النظر في توظيف ذلك على الغلات والثمار وغير ذلك، وإنما لم ينقل عن الأولين مثل هذا لاتساع مال بيت المال في زمانهم بخلاف زماننا فإنه لو لم يفعل الإمام ذلك النظام، بطلت شوكة الإمام، وصارت ديارنا عرضة لاستيلاء الكفار”.
  • ويعني كلام الشاطبي ما عناه اقتراح “وورين بافيت” بالضبط وما اقتنع به الرئيس الأمريكي أيضا؛ أي أن معالجة وضعية اللاتوازن في موازنة الدولة تقتضي فرض ضريبة استثنائية على أغنياء الناس تؤخذ من الثروة الحقيقية لهم ولا ينبغي الاستنجاد بخلق النقود بناء على السياسة النقدية للبنك المركزي. ويدير الضريبة -أي السياسة المالية للدولة- “الامام العادل” أي الحكومة التي تساوي بين المواطنين في الجباية وليس البنك المركزي الذي يتبع سياسة التدخل عن طريق السوق المفتوحة، وهو جوهر ما عناه “بافيت” عندما قال بأن الطبقة المتوسطة وطبقة الموظفين في أمريكا تدفع ضرائب أعلى بكثير مما يدفعه رجال الأعمال. ربما يكون الحل الأمريكي الجديد أفضل من الحل اليوناني المتكرر، وربما تلفت ضريبة “بافيت” نظر واضعي السياسات المالية في العالم الاسلامي لفقه منسي بين المسلمين هو “فقه الاقتصاد”.
  • Messaitfa.bachir@gmail.com
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
12
  • عبد الوهاب

    ربي يحفظك يا أستاد

  • عمر

    السلام عليكم : لا جعل الله سامعا لهذا المقال في هذه الأيام مع هذه الحكومات الجائرة المتعدية على حقوق الضعفاء قبل الأغنياء . إن نظرية الشاطبي الإقتصادية لا تصلح للإنزال في وسط الظلم ، بل تطبيقهم لهذا القانون الإنساني الرائع بطريقتهم ظلم ثاني و تطبيقهم هم للشريعة ظلم محض ، فأتمنا من الدكتور المحترم أن لا يمدهم بعصى رداؤها الإسلام .

  • الوسطي

    بسم الله الرحمن الرحيم. والله إن هدا لغيض من فيض ففقه المعاملات في الاسلام غني وثري بالحلول لكل مشكلات العالم الاقتصادية فإلى متى نغض الطرف عن دلك .اللهم اهدنا

  • narjes

    بارك الله فيك و اكثر من امثالك

  • Toufik

    Comme nous a mentrer l'hisoire ces américains ne sont pas nés de la dérniére pluie ils sont malins et rusés jusqu'au point ou d'aller chercher des solution dans l'islam sachant qu'ils combattent l'islam mais le plus grands malheur est dans nos pays musulmans la où toutes les opérations financiaires ou banquaire sont aec des intérets

  • amel

    من فضلك يا دكتور أجب عن تساؤلاتي التي أبعثها لك على بريدك. شكرا

  • الآولفي

    جزاك الله خيرا أستاذنا الكريم...أما نحن فنعتقد أن كل ما هو إسلامي فهو متخلف ورجعي....أما هم فهمهم المصلحة أينما كانت ولو في غير عقيدتهم ودينهم.

  • nasima

    سبحان الله ، برافو يا أستاذ انني لم اقرأ في حياتي تحليلا مثل هذا ، أرجو من كل القراء اعادة نشر هذا المقال في كل وسائل الاعلام وشكرا للشروق على مثل هذه المقالات

  • البحري

    والله كلام جميل من خبير اقتصادي. ولكن أنا اطلب منك أن تكتب وتحلل وتعطي نتائج مدللة على مانت تؤمن به فعلا، على ان الحل في الاسلام. وجه دراساتك الى الحكومة الجزائرية التي لا تحب القول لها ان الاسلام فيه الحل لمشاكل البلد، ومن بينها نصحها بالتخلي عن الفائدة الربوية، وبعدها يمكن للناس من إطلاق مشاريعهم الاستثمارية الناجحة فعلا(المحبين للجزائر العربية..) . أنت تعرف ذلك بحكم موضوعيتك التي تتكلم بها. يمكن أن تؤثر في القرارات الحكومية المصدرة بتوضيح عيوبها الكثيرة، وتقديم البديل الاسلامي الملائم.

  • لحسن

    بارك الله فيك يا دكتور كل مقالاتك و مشاركاتك رائعة و الله يجيب من يسمع.

  • بدون اسم

    نصرالدين فرنسا
    بارك الله فىك على هدا المقال

  • صابر

    لله درك يااستاذ بشير ولكن هل من مجيب قال صلى الله عليه وسلم (اذا تبايعتم بالعينة واخذتم اذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا الى دينكم)رواه ابوداود