-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

هكذا يموت الأبطال…

ياسين معلومي
  • 802
  • 0
هكذا يموت الأبطال…
ح.م

عادت بي الذاكرة اليوم إلى سنة 2010 حين قدمت استقالتي من يومية الشباك التي كنت مديرا لها، حيث اتصل بي يومها زميلي سمير بوجاجة وقال لي بالحرف الواحد “سي علي يريدك للالتحاق بيومية الشروق رفقة الزميلين سمير حمزة وجمال أومدور، قلت له سأتنقل إلى إسبانيا في عطلة، وبعدها لنا كلام آخر.

مباشرة بعد عودتي، دعانا علي فضيل لوجبة غداء فأقنعنا بجملة واحدة “مرحبا بكم والأبواب مفتوحة أمامكم”، اليوم وبعد مرور تقريبا عشر سنوات على انضمامي إلى الشروق… لم أندم على قراري أبدا، لأني عرفت أن الإرادة تصنع المعجزات، فإرادة الأستاذ علي رحمه الله مكنته من بناء مجمع إعلامي بأتم معنى الكلمة، جريدة من أشهر وأنجح الجرائد في إفريقيا والوطن العربي وفي العديد من دول العالم… ثلاث قنوات تلفزيونية من الأنجح في الجزائر والوطن العربي، ومجلة تنافس أحسن المجلات في الوطن العربي ووو… ووراء كل هذه النجاحات مهندس رائع اسمه علي يملك “خلطة سحرية” يصعب تفكيك شفرتها، وطاقم متلاحم ومتآزر لم تستطع الهزات التي ضربته في السنوات الأخيرة من تهديمه، فظل صامدا، يؤدي رسالته النبيلة على أكمل وجه، ويعطي دروسا لكل المتآمرين على أن قوة الشروق في وحدة طاقمها، وفي وفائهم لمديرها الذي فتح الأبواب للجميع دون استثناء، فكان نعم الأخ والأب للجميع، أبواب مكتبه مفتوحة للجميع ودون استثناء، يستمع يوميا لعشرات الموظفين، محاولا بحنكته إيجاد حلول لكل الطلبات التي تصله، رغم أن البعض منها قد يكون تعجيزيا، لكنه، دائما ما يقنع الجميع بوجهة نظره، وفي العديد من المرات تجده يتريث ليأخذ قرارات أغلبها صائب، جعلت من أبناء الشروق عائلة واحدة.

عرفت منذ سماعي بوفاة “سي علي”،ا لقيمة الحقيقية لهذا الرجل الذي أفنى حياته خدمة للإعلام الجزائري، منذ التحاقه بجريدة الشعب مرورا بجريدة المساء، ووصولا إلى القمة ببناء أكبر مجمع إعلامي في الجزائر، أنه يسعى دائما لتحقيق الأفضل والأحسن، ويحاول قدر المستطاع إرضاء قارئ الجريدة، وإمتاع المشاهد ببرامج مستوحاة من الواقع الذي نعيشه. ورغم العراقيل والمشاكل المصطنعة، إلا انه استطاع الوصول إلى القمة والبقاء فيها، تاركا لنا أمانة من واجبنا الحفاظ عليها، رغم صعوبة المهمة، فمن الصعب على قائد فريق أفنى حياته في بناء أسس مجمع إعلامي كبير يضم اليوم خيرة الصحفيين والتقنيين، يؤدون رسالتهم النبيلة مثلما هندس لها الراحل علي فضيل الذي ورغم أنه فارقنا إلى الأبد إلا أن بشاشته، وابتسامته لن تغيب عنا أبدا.

الذين ودعوا أمس الأستاذ علي فضيل إلى مثواه الأخير والذين جاؤوا من كل حدب وصوب، أجمعوا أن الأبطال يموتون بهذه الطريقة، كل منهم له حكاية يريد أن يرويها، ليعرف الجميع خصال هذا الرجل الذي كان همه الوحيد هو إسعاد الآخرين ربما على حساب نفسه، سمعت الكثير من القصص، لكني مجبر أن أقدم شهادتي ليعرفها الجميع، رغم أني نسيتها، لكن والدتي أطال الله في عمرها ذكرتني بها، وقالت وهي تتابع قناة الشروق نيوز، “تذكر يا ابني يوم وفاة والدك الحاج علي مسعود رحمه الله، أن علي فضيل جاءك إلى البيت ومعه لحم وبطيخ، إنه إنسان طيب، رحمه الله”.

رحم الله الأخ والصديق علي فضيل وأسكنه فسيح جنانه، وأن نواصل العمل على نفس الدرب الذي سطره… آمين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!