-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

54 “نعم”.. لنوفمبر 20

عمار يزلي
  • 613
  • 3
54 “نعم”.. لنوفمبر 20
ح.م

أسبوع واحد يفصلنا عن الذكرى المزدوجة هذه السنة لإحياء الذاكرة التاريخية وإحياء نفس الثورة بعد أن غُيِّبت لثلاثين سنة مضت، عبق الثورة ووهج حب الوطن وذاكرة الشهداء ورموز الحركة الوطنية والعلم الوطني، حتى كادت هذه العناصر أن تتحول إلى رمز لنظام يشتغل بها دون العمل لها، فيما الشعب ينأى عن الاحتفاء برموز صارت لصيقة بنظام يقول ما لا يفعل ويدّعي ما لا يعمل.. أقرب ما يكون لفرنسا قلبا وقالبا: تجلى هذا خاصة مع العشرين سنة الماضية تحت حكم بوتفليقة والعصابة التي كانت تسبح في فلكه وتسبِّح بحمده.

ذكرى مزدوجة هذه السنة: الاحتفاء الجديد، في توجُّه جديد، لتكريس جزائر جديدة، متصالحة مع تاريخها النضالي الثوري وتوجُّهها الديمقراطي الشعبي، وهذا بمناسبة إعلان انطلاق شرارة الثورة المظفرة يوم 01 نوفمبر 1954، والذي تزامن هذه السنة مع تنظيم استفتاء على تعديل دستوري من شأنه أن يقطع العلاقة مع الممارسات السابقة ويؤسِّس لرؤيةٍ جديدة بنظام متجدد، أساسه قيم الفاتح من نوفمبر الذي دُنست مبادئه وتحولت إلى مجرد شعار أجوف يعلَن عنه ببرودة من طرف سلطة أدارت ظهرها له وأعطت صدرها لمستعمِر الأمس، سياسيا اقتصاديا ولغة وتعليما…

اختيار يوم أول نوفمبر كرمز لتنظيم الاستفتاء على الدستور، هو بحد ذاته دليل على الرغبة في طي صفحة الماضي وإحياء عبق الوطنية الثورية والعمل على أساسها ولأهدافها التي كرستها تضحيات الشهداء وقبلهم شهداء المقاومات الشعبية منذ بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر في 1830، والدليل، هو العمل على استرجاع رفات وجماجم شهدائنا المهرَّبين المعروضة للفرجة في متاحف المستعمِر، وتكريمها أيما تكريم، والعمل المتواصل من أجل استعادة الأرشيف الوطني المسروق وكل ما نُهب من تراثنا التاريخي الرمزي بدءاً من عظام العظماء وانتهاء بمدافع العظمة.. مدفع بومرزوق الذي يمثل لدى الفرنسيين رمزا للتفوُّق الجزائري والإصرار على نسف كل من كانت تسول له نفسه المساس بسمعة وسلامة البلد قبل الاحتلال.. ولو كانوا دبلوماسيين.. فرنسا التي استولت على المدفع العملاق، المدافع عن المحروسة بكل جبروت وحرس، اليوم تطالب الجزائر باستعادته إلى موضعه الأصلي كجزءٍ من استعادة التاريخ المنهوب، أكثر ما نُهب من خزينة الدولة بالأمس وحتى اليوم… أمول الخزينة الجزائرية التي ذهبت لتعويض نفقات حرب هي من بدأتها، تهرُّبا من مشاكلها الداخلية.. إذ كانت باريس على أبواب ثورة ستعلن عنها من مرسيليا في 23 جويلية 1830، أياما فقط بعد إعلان احتلال الجزائر، لتسقط حكومة باريس التي ورَّثت الاستعمار للجمهورية الجديدة المتأزِّمة والتي ستسقط هي الأخرى بعد سنوات..

1 نوفمبر 2020، تاريخ ومناسبة بوجهين لعملة واحدة: تاريخ التحرير، وتحرير التاريخ؛ فالدستور المعَدّْ للتصويت، رغم أن كل مواده قد لا تُرضي كل الجزائريين على مختلف مشاربهم وميولهم وتصوراتهم وولاءاتهم العقائدية والفكرية والسياسية والإيديولوجية، إلا أنه يمثل الحد الأقصى للإجماع على الأقل في المرحلة الحالية.. هذا الدستور سيكون من شأنه أن يعطي للرئيس القدرة على المرور إلى السرعة القصوى في التغيير والتحول الديمقراطي والانتقال إلى جزائر جديدة، ممارسة وليس أقوالا فقط.. وسيكون الإقبالُ الشعبي على الاستفتاء رغم جائحة كورنا، اختبارا جديدا لجدية التحوُّل، ليس للسلطة فحسب، بل أيضا لغالبية الشعب الذي خرج قبل نحو سنة في انتخابات رئاسية أخرجت البلد من عنق القارورة.. كما سيخرجه بعد أسبوع قول “نعم” من نفق الماسورة.. بهدف تحقيق الانتقال من دولة الفساد وسلطة “الكانون” إلى دولة الحقوق وتطبيق “القانون”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • دوادي

    1 نوفمبر 2020، تاريخ ومناسبة بوجهين لعملة واحدة: تاريخ التحرير، وتحرير التاريخ

  • دونا

    البعض من الشعب الذي ينتقد الدستور الجديد دستور التغيير والتوجه الجديد نحو جزائر عصرية جديثة متقدمة علي جميع المستويات يرفض بشدة هذا التحول يريد البقاء في العالم المتخلف بذهنيات بالية اكل الدهر عليها وشرب
    رؤساء بعض الاحزاب المذبذبة كحمس مثلا لا تعرف عما تتحدث ام انها تبحث عن مكان لها تحت الشمس بالجزائر ومناصب ووظائف لعضاء حزبها البالي القديم
    دستورنا ينادي بالجمهورية الثانية والديموقراطية حيث الجميع سواسية تحت طائلة القانون بغض النظر عن دينه او عرقه او جنسه او لونه وبدون تمييز عنصري او احتقار للاخر او ظلم او غدر او ارهاب او خيانة
    الجزائر للجميع

  • قناص بلا رصاص

    بارك الله فيك ولك.
    مقاربة رائعة و و اقعية أقرب مايكونش بلعقل و التوازن.