-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الاستقلال الكامل  

الاستقلال الكامل  
ح.م

تُجدّد بعض الشعوب ثوراتها الكبرى بين الحين والآخر، وتكتشف أخرى، بأن ما حققته من انتصارات وتحرّر، كان مبتورا وغير مكتمل، فتعود بسواعد من حققوا هذه الانتصارات أو أبنائهم وأحفادهم، لتصحيح ما انحرف عن المسار، واستكمال ثمار الحرية، غير منقوصة، وتحاول كل أمة أن تسمي ثورتها الثانية، أو ما تبقى منها على طريقتها الخاصة، وقد حاولت الجزائر فعلا بعد عشر سنوات من الاستقلال، استكمال ثورتها التحريرية بثورات صناعية وزراعية وثقافية، ولكنها فشلت.

تمرّ العقود ليكتشف الجزائريون بأن بعض الأهداف التي ثاروا من أجلها قد تلاشت، وبأن بعض المكاسب التي حصلوا عليها بشلال من الدماء، قد اختُطفت، حتى إن بعض الجزائريين الذين طردوا الاستعمار، صاروا يسبحون نحوه محاربين أمواج البحار، ويطلبون منه الشفاء، وكان سببا لمرضهم، والغذاءَ، وكان هو مُجوّعهم.

الجزائر الجديدة التي يحلم بها الخيّرون في البلاد، هي التي تمنحهم الاستقلال الكامل الذي يقيهم ترصّد أسعار النفط يوميا، واستشراف حاويات الأدوية والطعام التي تصلهم بشكل دائم، حتى صارت الجزائر هي المستورد الأول للقمح والسكر والحليب في العالم. وقد بيّنت المحاكمات الماراطونية التي شهدتها مختلف المجالس في الأيام الماضية، بأن ما قام به بعض الجزائريين من الذين خانوا الأمانة، كان استكمالا لسنوات الاستدمار الطويلة التي تميّزت بتهميش الوطنيين والمتمكّنين، وسرقة قوت الجزائريين، ونهب ثرواتهم وسجن قدراتهم، إلى درجة إصابة البلاد بشلل وقنوط، لم تعرفه حتى خلال قرن وثلث قرن من الاستعمار.

 لم يعد لائقاً بورثة ثورة أصيلة أن يقدِّموا أنفسهم قرابين لثقافات وبارونات مال واقتصاد أجانب، لا يهمُّهم غير مصّ دماء الشعوب، ولم يعد لائقا أن نشاهد بأم أعيننا كيف يصير حلم بعض الناس من الشباب والشابات، أن يغادروا البلاد التي هي بحجم قارة، وأن يكون مصير آخرين الجوع والفقر، برغم أنّ ما تكتنزه أرض الجزائر من خيرات يكفي لحياة مليار نسمة، بل لم يعد من اللائق التغني بالحرية وهي منقوصة من أهمّ الأساسيات التي لا يمكن العيش من دونها، فالجزائري يستحق  الاستقلال الكامل، الذي يمنحه العزة الحقيقية التي تقدّمه للعالم على أنه مبتكرٌ وعالم وقادر على شؤونه، والكرامة الحقيقية التي تجعله يمتطي ما يصنِّع من مراكب، ويأكل ما يَزرع من قمح، ويرتدي ما ينسج من ثياب، ويعلن القطيعة مع ممارسات تجذّرت في المجتمع الجزائري، وساهم في سقيها مستعمرٌ سابق، كان همّه أن لا تنعم الجزائر بالاستقلال الذي ضحّت لأجله بخيرة أبنائها.

في كل عيد تتكرَّر نفس المشاهد في مختلف الولايات، مسؤولون يتنقّلون إلى مقابر الشهداء، محاطين بعددٍ هائل من المنتخبين لقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء، ورفع العلم الوطني والاستماع إلى القسَم الخالد الذي خطّه مفدي زكرياء في زنزانته، وتذكّر بطولات الجهاد في جزائر الماضي التي رسخت في الأذهان، من دون الانطلاق في رسم الجزائر الحديثة، التي تحقق ما في الأذهان.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • محمد

    لا تتكلم عن الغائبين والذين يقبعون في السجون.حتى هؤلاء لم تسترجع منهم الأموال الطائلة التي سرقوها ومن قال لك أنهم لا يعودون مبرئين مما اتهموا به مبجلين محترمين.وجه نصائحك لمن تربعوا مكانهم ولم يعتبروا ما مر بأصحابهم وأصدقائهم واتبعوا سبيلهم واعتبروا الشعب بليدا لا يرى مكائدهم وابتزازهم لأموال الخزينة كما فعل أسلافهم.انصحهم حين أصبح أبناؤنا لا يدخلون المدرسة سوى 13 ساعة في الأسبوع لانعدام استيعابها للجميع حتى يكملوا حقهم الأسبوعي في التعلم والتربية بينما تهدر أموال الدولة في التجمعات الزائفة وتنفق في مشاريع لا نعلم كنهها.انصحهم على القيام بواجباتهم التي عاهدوا الله عليها يوم تنصيبهم.

  • عابر سبيل

    انت تعلم لا جزائر جديدة ولايحزنون بل جزائر الكوارث والمصائب والانهيار العظيم انت تكذب على نفسك و على من يقرا لك من اجل لقمة العيش بضنكه ف متى تتخلون عن ذالك القاموس المتعفن ولغة الخشب التي اهلكت البلاد والعباد وتسحق البشر والحجر فيقوا من مخذر بوخروبة و اتباعه فقد اوردكم المهالك ف على الاقل تبرؤوا و فروا بجلودكم حتى لا تحشروا معه