-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

إعصارهم وأعاصيرنا

الشروق أونلاين
  • 5326
  • 0
إعصارهم وأعاصيرنا

علّمتنا فرنسا منذ القديم أنه كلما تساقطت الأمطار في باريس وجَب علينا رفع مطارياتنا حتى ولو كُنا نياما في بيوتنا، وتفرض علينا الولايات المتحدة الأمريكية الآن أن ننسى أعاصيرنا كلما هبّ عليها إعصار في الغالب لا يسجل أي قتيل، وعندما نحفظ إسم إعصار “أيرين” ونتابع وصوله كما نتابع وصول الغزاة إلى افغانستان والعراق ونحن الذين لا إعلام لنا يجعلنا في موقع الاختيار، فمعنى ذلك أننا نعيش إما الإعصار الذي تفرضه علينا أمريكا أو الإعصار الذي يضرب أمريكا ويمكنكم تصوّر حال الذي تعصره الأعاصير من كل مكان.

  • أوباما قال أن الإثنين والسبعين ساعة القادمة ستكون عصيبة على الأمريكيين، والعالم العربي يعيش أزيد من نصف قرن عصيب، وأوباما قال أن ما يخشاه هو أن تعيش نيويورك يوما أو بضعة أيام من دون كهرباء، ومدن في افغانستان والعراق وفي جنوب لبنان وفلسطين لم تعرف الكهرباء منذ بداية الاستعمار الأمريكي أو العدوان الإسرائيلي مع بداية القرن الحالي، وأوباما يخشى ضياع ستة مليارات دولار ضريبة عدم تمكن الأمريكيين من الذهاب إلى عملهم بسبب الإعصار ونصف العالم العربي مشلول منذ جانفي الماضي ولا أحد بكى أو قدّر آلاف المليارات التي ضاعت بسبب هذا الشلل.
  • منذ زمن بعيد ونحن نحفظ أسماء المغنيين والممثلين والراقصين الأمريكيين ومازلنا نحفظها ليس من باب معرفة ما يحدث هناك وإنما من أجل نقله إلى هنا، لكننا الآن صرنا نحفظ أسماء هاته الأعاصير التي تؤلم الأمريكيين معنويا من كاترينا وصولا إلى أيرين الذي قطع لأجله أوباما عطلته التي كان يتسلى فيها بين الحين والآخر بأخبار الموت القادمة من صنعاء ودمشق وطرابلس ليفاجئه إعصار أيرين الذي أنساه وأنسانا الأعاصير المندلعة في أوطاننا.
  • لا جدال في أن أمريكا هي القوة الاقتصادية والعسكرية الأولى وربما الوحيدة في العالم، وإذا كان من المنطق أن نتألم بسبب الأعاصير الاقتصادية والسياسية والأمنية التي نفختها في أرضنا فإنه من غير المنطق أن ننسى آلام الورم الخبيث المزروع في جسدنا لأجل التألم بالحمى التي ضربت الآخرين، ونحن نتابع ما تفعله الولايات المتحدة مع حلفائها “المحترمين” الذين تدفع لهم مقابل تحالفهم معها من الكعكة الليبية كما دفعت من الكعكة العراقية، بينما يبقى تحالفنا الأعمى مع هذا الجبار أسوأ من ممارسة أقدم مهنة في التاريخ عطاء بلا مقابل.
  • لقد تزوّج الأمير وليام من كيت ميدلتون في بريطانيا ففرحنا إعلاميا، وعصف إعصار أيرين في الولايات المتحدة فتألمنا إعلاميا، وبعد كل هذا نبحث عن أنفسنا في خارطة عالمية تتبعثر أحيانا وتسقط عنها رقع تاريخية أحيانا أخرى ومازلنا على مقعد التفرج رغم أننا موضوع المسرحية ومهرجيها، لأننا ارتضينا أن نكون “أصفارا” فصار غيرنا كل الأرقام.. أو كما قال صاحب اللافتات أحمد مطر الذي سكت في زمن الكلام المباح الذي لو عاشته شهرزاد لكانت لياليها مليون ليلة وليلة.
  • ما معنى أن يملك لص أعناق جميع الأشراف
  • ليس اللص شجاعا أبدا .. لكن الأشراف تخاف
  • والثعلب قد يبدو أسدا .. في عين الأسد الخوّاف
  • ما بلغ “الواحد” مقدارا .. لولا أن واجه أصفار
  • فغدا آلاف الآلاف.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!