-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

استوردوا السم ولو من الصين..

عمار يزلي
  • 961
  • 0
استوردوا السم ولو من الصين..

منذ أن بدأنا في عملية التحول الاقتصادي من الاقتصاد المركزي المسير، إلى الاقتصاد المنفتح على القطاع الخاص ورأس المال الأجنبي، على إثر الفشل المنهجي الذي أنجزناه خلال أكثر من 50 سنة من الاستقلال و60 سنة من الثورة، وجدت نفسي أعيد النظر حتى في القاعدة الاستثمارية 51ـ49، التي كثيرا ما أسالت الحبر والبصاق والمال! قاعدة أريد لها في البداية أن تحمي رأس المال الوطني والبرجوازية الناشئة عندنا ( والتي ولدت من رحم وميشيما قطاع الدولة وميزانيتها وبنوكها وصناديقها!).

 غير أنها سرعان ما تحولت إلى قاعدة للفساد الداخلي أستغل “القاعدة” القانونية هذه في قانون الاستثمار، ليصبح مستثمرا بـ51 في المائة كل من له علاقة بالقوة والسلطة والنفوذ بدون أن يكون له نقود! إذ يكفي أن يكون الرجل نافذا وله على من يتكئ في السلطة العليا، ليصبح رجل أعمال مشترك بأكثر من النصف من أجل حماية “السيادة الوطنية”!. هذه القاعدة، هي من ستكون وراء ظهور القواعد الخلفية للفساد! 10 في المائة عن كل مشروع رشاوى.. ليست بدعة جزائرية! بل بدعة فساد قانوني أريد له أن يحمي السيادة والاقتصاد الوطني، فإذا بالبدعة تتحول إلى شماعة لتعليق كل أدران وأوساخ ومهازل هزال الاستثمار الخارجي عندنا. لقد صار المستثمرون الأجانب يهربون منا نحو البلدان الجارة (المغرب مثلا) بسبب الاستقرار أولا، ثم بسبب المرونة في التعامل مع الإدارة. رجال الظل عندنا، الذين هيمنوا على المال العام والسلطة والأمن العام، لن يروقهم أن يستثمر الأجنبي أمواله بدون أن يتدخل هو بـ “لاطاي” ليفرض نفسه وشروطه على المستثمر! أنا بأكثر من النصف وإلا فلا استثمار! مع كل ما شاب هذه العمليات من فساد جانبي وقلة المهنية وتدخل عناوين أخرى في تسيير المشاريع مع كل الضغوط والمتاعب البيروقراطية التي لولا وجود شفيع مستثمر بالكلام لا بالمال، لما تمكنت أية شركة من الخروج من تحت الأنقاض على أرض النقائض!

وجدت نفسي أخيرا مكلفا برفع الحواجز الاستثمارية وإدخال قواعد جديدة غير قواعد “تطوير البرجوازية الوطنية” من لحم المال العام وعظم ضرائب الشعب العظيم!

قلت لبعض الخواص من الجزائريين الذين أفسدوا في الأرض أكثر مما أصلحوا، لما راحوا يستوردون السموم لأخوتهم من الصين وبلدان أخرى تحت غطاء عدم وجود رقابة على السلع المستوردة! هؤلاء الخواص، هم من طالبوا بحماية الدولة لهم من رأسمال الأجنبي بفرض 51 في المائة للمال الداخلي و49 في المائة للمال الخارجي، لعل 51 في المائة تلتهم الـ49 في المائة الباقية! قلت لهم: أيها الخواص، يخصكم تبرهنوا على كفاءتكم في مجال الاستثمار. من الآن، وأنتم والأجانب متنافسون شرفاء! من يقدم خدمة للبلد، تكون له الأولوية! أولوياتنا هي التشغيل، ثم تنشيط السوق الداخلية، ثم التصدير، ثم اكتساب الخبرات والمهارات والتقنيات في كل المجالات، ولهذا، التشغيل سيكون أساسا من الجزائريين، لاسيما الإطارات. العمال، نقلل من الشناوة ونقضي على السوق الموازية وعلى الشوماج والشكارة. التشغيل لن يكون إلا بمستوى علمي عال التكوين التأهيل، ولا يقبل العامل إلا إذا كان ذا كفاءة! فالجامعات والمعاهد، عليها أن تتكلف بتخرج رجال قادرين على الدخول مباشرة في سوق العمل، تخرج عمالا وإطارات عملية قادرة على رفع التحدي، ولا تخرج حياطين بزناسة وحشاشين! هذه شروط التنمية الاقتصادية. ومن أراد أن يربح المال بدون تعب، فليذهب ليبحث عن مكان آخر غير هذا البلد! من الآن، لا سلطة إلا سلطة العلم والكفاءة! انتهت سلطة القوة والنفوذ والنقود! لن نقبل بتبييض المال الوسخ. الأجانب سيعملون بطريقة قانونية وبرقابة صارمة وفق المعايير الدولية ووفق دفتر أعباء محدد الشروط. الخواص أنتم، إذا لم تتمكنوا من المنافسة، فادخلوا عمالا عند أسيادكم أبناء الاستعمار! الاستعمار سيعود، وأنتم من أردتم ذلك! فترقبوا النتائج! الدولة أعطتكم إمكانية الاستقواء، وأنتم رضيتم بمبدأ الاستضعاف! أضعفتم أنفسكم وأضعفتم الدولة وأضعتم ثقتنا فيكم، كما أضعتم ثقة الناس فينا!

ماذا قال لي أحد الخواص الذي لم يكن يعرف حتى كيف يتكلم، والشمة تخرج من تحت شدقيه: دزاير نتاعنا، أحنا حررناها من الاستعمار، ما تردوناش الاستعمار وإلا رانا نعاودوا نديروا ثورة كي ثورة أول نوفمبر! قلت له: أنت باقي لك ما تدير الثورة؟ اللي ذاق “الثروة” يعاود يفكر في الثورة!هئهئ! راه في عمرك 70 سنة! غدوة تصبح مقلي! الاستعمار هم أنتم! اللي ما فيكم لا خير لا بركة لا شفقة لا رحمة! الأجانب أحنا من يتحكم فيهم، وهناك محاكم دولية..مختصة.. أما أنتم فلا محاكم معكم نفعت، لا وطنية ولا دولية! تعبنا..عيينا من الفساد..لكن الفساد  هو اللي عيا منكم! تقوى وصار أقوى من الاستعمار. لأن الفساد لا أخلاق له ولا ملة ولا دين! رد علي آخر: صحة خلونا غير 10 في المائة لنا و90 في المائة للأجانب، بشرط أحنا من يتحكم في المشروع وفي ملكية العقار وفي التشغيل وهم فقط يسيرون لنا.. أي خدامين عندنا..! ضحت حتى بانت لي “ضرسة قلة العقل” مع هذا القوم! وقلت له: مبروك عليكم الفهامة آصحاب الشمة..! منذ متى تعلمتم هذا الكلام؟ قال لي آخر: هذا ما كنا نقوم به مع الشركات الأجنبية! أحنا هم الأسياد، حاجة ما تكونش بلا رأينا وموافقتنا! بولون ما ينخدمش وبوشون ما يخرجش بلا ما نوقعوا عليه أحنا! قلت له: هههه.. وهذا ما توقعت حدوثه عندما قلت لهم بأن هذه القاعدة الاستثمارية ستكون بالنسبة لكم كحمير كالعصا والجزرة! أنتم لم تركبوا الحمار ولم تقدموا له الجزارة، بل أشبعتموه ضربا بعدما وضعتم الجزرة خلف ذيله والجزائر خلفكم جميعا..ولهذا، هذا ما جنيتم على أنفسكم، بعدما جنيتم علينا كلنا جميعا.


 

وأفيق وأنا في ليرجانس على إثر تسمم عائلي شامل بسبب تناول سكر مغشوش غير حلو.. من صناعة محلية!!! 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!