-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“التاريخ” أخطر العقاقير… ولا تتركوه للهواة

مولود قرين
  • 456
  • 0
“التاريخ” أخطر العقاقير… ولا تتركوه للهواة

يقول المؤرخ الكاتب الفرنسي “بول فاليري”: “إن التاريخ أخطر العقاقير التي ابتكرها كيمياء العقل”، وذلك لما للمعرفة والثقافة التاريخية من دور في بناء أي مجتمع وتماسكه، فمتى كانت الثقافة التاريخية على اختلاف مستوياتها ثقافة بناءة، فإنها تعزز بلا شك تلاحم وتماسك المجتمع والعكس صحيح. وهذا ما جعل من موضوع التاريخ والذاكرة الجماعية تحظى بأهمية كبيرة في كل المجتمعات، إذ لا تقتصر أهميته في دراسة أحوال الأمم السابقة وإبراز مآثرها، والاستفادة من تجاربها فقط، وإنما تتعدّاها في بناء شخصية الأفراد والمجتمعات، وتحديد أطرها المرجعية الحضارية والفكرية.

لذلك قد آن الأوان أكثر من أي وقت مضى للاهتمام بموضوع الذاكرة الوطنية ونشر وترسيخ الثقافة التاريخية لدى كل شرائح المجتمع خاصة لدى فئة الشباب، لا سيما في ظل تنامي ظاهرة التشويه والتخوين التي طالت رموزا كثيرة من تاريخ الجزائر في كل عصوره، وأصبحت السمة الغالبة في مواقع التواصل الاجتماعي. وما يجعل الموضوع أكثر إلحاحاً تلك الحملات المغرضة التي يشنها أعداء الجزائر، المشككة في تاريخها العريق الذي يمتد إلى ملايين السنين.

ومسؤولية التصدي لتلك الثقافة الخطيرة، والحملات المغرضة، تقع على كل مؤسسات الدولة، وعلى المؤسسات التربوية، وعلى الإعلام، والنخب، وبدرجة أكبر على المؤرخين، الذين يجب أن لا يبقوا في موقع المتفرج، فهم وحدهم من يملك الحجة والدليل للتصدي إلى مثل الحملات، ولعلّ أنجع السبل لكتابة تاريخنا والحفاظ على الذاكرة الجمعية التسلّح بأدوات البحث التاريخي ومناهجه، والتحلي بالموضوعية، والابتعاد عن العاطفة، والاستغلال الأمثل لمختلف الشواهد المادية واللامادية، وذلك من بهدف كتابة بحوث تاريخية منافسة للبحوث التي تنجز في مخابر وراء البحار التي للأسف مازال أغلبها حبيس نظرة المركزية الأوروبية ونظريات الاستعلاء.

والجدير بالذكر هنا، أن كتاباتنا يجب أن توجه كذلك إلى فئة الشباب، وهذا ما يفرض على المؤرخ مسايرة ثقافة العصر في نشر المعرفة التاريخية الصحيحة والحفاظ على الذاكرة الوطنية، والمتمثلة أساساً في الانخراط بقوة في شبكات التواصل لما لها من دور في توجيه الرأي العام والتحكم فيه، هذا من جهة ومن جهة أخرى أن نراهن على الإعلام خاصة السينما، لتخليد بطولات وأمجاد الأسلاف، لأن الصورة اليوم أصبحت أكثر تأثيرا من الكلمة. فالذاكرة هي مسؤولية الجميع وليس المؤرخ فقط، لذلك يجب ألا تبقى الدراسات والبحوث التاريخية حبيسة في رفوف المكتبات الجامعية وعلى مستوى أقسام ومعاهد التاريخ ومخابر البحث، فيجب أن تطبع، وتترجم على شكل أشرطة وثائقية وأفلام تاريخية كما قلنا سابقا، حتى تستفيد منها طبقات المجتمع على اختلاف مستوياتها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!