-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
دعوة إلى تعزيز صلة الرحم وتحذيرات من الانغماس في الظاهرة

التهاني الإلكترونية أفقدت نكهة العيد وحوّلت الناس إلى كائنات افتراضية

صالح سعودي
  • 1895
  • 0
التهاني الإلكترونية أفقدت نكهة العيد وحوّلت الناس إلى كائنات افتراضية
الأرشيف

لم يخف الكثير من المتبعين والأخصائيين والأساتذة الجامعيين التطورات السلبية التي تسود أجواء الأعياد الدينية في السنوات الأخيرة، وهذا موازاة مع التطورات التكنولوجية، وهو ما جعل الكثير حسب محدثينا يتخلون عن مهامهم التي تصب أساسا في صلة الرحم، وغرقوا في بدائل أخرى وصفوها بغير الناجعة، على غرار الرسائل الهاتفية والتهاني الإلكترونية، وغيرها من المستجدات التي فرضها العالم الافتراضي على شخصية وسلوك الفرد.

طرح الفنان فؤاد ومان ظاهرة استفحلت في المدة الأخيرة، جعلت الكثير يقف على سلبياتها وتجاوزاتها، وتتعلق أساسا بالتهاني المبكرة حول العيد، من خلال بعث رسائل خاصة عبر وسائط التواصل الاجتماعي، أغلبها مستنسخة، وتخلف الكثير من الغضب من طرف مستقبليها، خاصة حين يتم التهنئة بالعيد قبل أسبوعين أو 3 أسابيع، في سيناريو مشابه لما حدث خلال عيد الفطر المبارك، حيث إن شهر رمضان كان في بداياته الأولى، وإذا بالبعض يسارع إلى تهنئة أصدقائه بعيد الفطر المبارك، وهي آليات تسببت في إفساد طعم الحياة، وتعكير صفو الفرد مع اللحظات التي يعيشها، وقد كتب الفنان فؤاد ومان على صفحته في مواقع التواصل الاجتماعي: “منذ أسبوعين تقريبا بعث إلي أحد الأصدقاء يهنئني بحلول عيد الأضحى فتفاجأت بالخبر وظننت أنه غدا أو بعد غد، ما أريد قوله: لا تفقدوا العيد طعمه وحلاوته ولونه ورائحته.. دعوه يجيء على مهله كما عودنا ونحيا شعيرته كما اعتدنا، لا تستبقوا الأحداث ..سمطتولنا الفايسبوك ورايحين تسمطولنا المعيشة”.

“حالة استعجالية لمجتمع استهلاكي”

يرى الأستاذ عزوز بركاني في حديث إلى “الشروق”، بأن التهاني المبكرة حول العيد هي ظاهرة جديدة طغت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي. ولم يخف محدثنا انزعاجه من هذه الرسائل والتصرفات التي تنم حسب قوله عن جهل أو فراغ روحي، فبدل استغلال وإلهاء النفس بأشياء مفيدة كالمطالعة التفتنا إلى الاهتمام بأشياء لم يحن وقتها بعد، وربما البعض يريد أن يتخلص ويتفرغ من هذه “المسؤولية” التي تنتظره مستقبلا، لذا تجد البعض حسب عزوز بركاني يستبق الأحداث وهذا يعود إلى عوامل نفسية تختلج المجتمع تحتاج في نظره إلى دراسة من قبل أهل الأخصائيين في علم النفس والاجتماع. ويقول الدكتور نور الصباح عكنوش لـ”الشروق” بأن ما يحدث هو نوع من الحالة الاستعجالية التي يعيشها المجتمع الاستهلاكي الذي نعيش فيه، الذي يستهلك حتى الأعياد، ويمكن مقاربة ذلك حسب محدثنا من خلال التعبير العامي الذي يلخص هذه الحالة في كلمة “اللهفة” التي تعكس الوضع النفسي للمجتمع بسبب محاولة الاستباق والجري وراء الغد بشكل عاجل جدا، وهو في الحقيقة خوف من المستقبل وتضييع لقيمة اللحظة وجماليتها ورمزيتها.

وإذا كان الدكتور عمار شوشان من جامعة باتنة قد اعترف بأن الفضاء الإلكتروني ملك علينا قلوبنا وعقولنا فلم نعد نعلم بأننا أصبحنا آلات تتفاعل افتراضيا وتعيش افتراضيا في عصر السرعة والتسارع الذي نعيشه في كل شيء، إلا أن الفنان علي جبارة انتقد طغيان التهاني الإلكترونية التي تحولت حسب قوله إلى ظاهرة سيئة في مجتمعنا، مؤكدا أن الزيارات العائلية وصلة الرحم في تراجع كبير، ووصل إلى قناعة بأن الفضاء الأزرق والهاتف النقال أثر سلبا على عاداتنا وتقاليدنا، فيما وصفت الأستاذة سارة قطاف من جامعة بجاية أن ما يحدث قد ينم عن شوق وتشوّق، أو ناجم عن ملل من الروتين، ورغبة في اقتناص فرصة للفرح، مع أن تهاني العيد يجب أن تكون مع حلول العيد، معترفة في الوقت نفسه بأن العيد فقد نكهته، والجميع متسبب في ذلك بوعي ودون وعي منهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!