-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشيخ‮.. ‬والرئيس‮!‬

الشروق أونلاين
  • 2155
  • 0
الشيخ‮.. ‬والرئيس‮!‬

إبراهيم‮ ‬قارعلي: ibrahimkarali@ech-chorouk.com

تعد ملفات الفساد الإقتصادي من أخطر القنابل السياسية الموقوتة، والأخطر من كل ذلك هو أن تنفجر مثل هذه القنابل أو الألغام في وجوه الذين يحملونها بين أيديهم. وذلك للأسف ما يكون قد حدث للشيخ أبي جرة سلطاني الذي ادعى أنه يمتلك قائمة بأسماء كبار المسؤولين السامين‮ ‬في‮ ‬الدولة‮ ‬المتورطين‮ ‬في‮ ‬ملفات‮ ‬الفساد‮ ‬والنهب‮ ‬والاختلاس‮ ‬وراح‮ ‬يدعو‮ ‬السلطة‮ ‬التي‮ ‬يتقلد‮ ‬فيها‮ ‬منصبا‮ ‬حكوميا‮ ‬برتبة‮ ‬وزير‮ ‬دولة‮ ‬إلى‭ ‬رفع‮ ‬الحصانة‮ ‬القانونية‮ ‬عنهم‮ ‬وتقديمهم‮ ‬إلى‭ ‬العدالة‮.‬إن مثل هذه الحصانة القانونية التي تمتع بها رئيس حركة مجتمع السلم ضمن تشكيلة الفريق الحاكم التي يعد أحد الوزراء في طاقمها الحكومي، لم تشفع له في شيء أمام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي راح يهدّده بالمتابعة القضائية من أجل تقديم الأدلة، والأكثر من ذلك يدعوه‮ ‬إلى‭ ‬الاستقالة‮ ‬من‮ ‬الحكومة‮ ‬التي‮ ‬ينتمي‮ ‬إليها‮!‬

لا أحد يستطيع أن ينكر بأن الجزائر قد أصبحت تغرق في مستنقع الفساد الإقتصادي إلى حدّ الأذنين! مثلما كادت تغرق من قبل في مستنقع الدم والدمار، وكأن الجزائر قد خرجت من الإرهاب الأصغر ودخلت في الإرهاب الأكبر الذي يتمثل في هذا الفساد الاقتصادي الخطير.

وللأسف، أننا كثيرا ما نسمع جعجعة بلا طحين من خلال الملفات التي تثار هنا وهناك بين كبار القوم! والنتيجة أننا في كل مرة لم نحصد من الزوابع غير الغبار الذي يصيب العيون، وكم من مرة يُذرّ الرماد في عيون المواطنين ليصيبهم المزيد من الرمد الذي يحرمهم من رؤية الكثير‮ ‬من‮ ‬الحقائق‮ ‬الغائبة‮ ‬أو‮ ‬المغيّبة‮!‬

وإذا كان من المستحيل أن تكون الصحافة كلها قد أخطأت في نقل تصريحات الوزير أبي جرة سلطاني حين يتراجع ويقول أنني لا أملك قائمة بأسماء المفسدين من المسؤولين، فقد كان من السهل جدا أن يقدم توضيحاته في الحين إلى الصحافة ولا يترك النشوة تنسيه ذلك بعد ما أصبحت صوره‮ ‬المكبرة‮ ‬تتصدر‮ ‬الصفحات‮ ‬الأولى‮ ‬للجرائد‮ ‬المكتوبة‮!‬

إن الممارسة السياسية تكون قد فقدت طعمها، بل إن السياسة قد أصبحت تمارس بدون أخلاقيات، فالرئيس قد أصبح يتهم الوزراء على المباشر وفي اجتماعات مجلسهم الموقر بأنهم يكذبون عليه! ومع ذلك، فإنهم لا يستقيلون من الحكومة ولا يقيلهم منها، ويواصلون مهامهم ويبقون في مناصبهم‮.‬

من الصعب جدا، أن يتحوّل رئيس حزب إلى مجرّد وزير دولة بدون حقيبة بعد ما كان يتطلع إلى منصب رئيس الجمهورية، مثلما هو الشأن بالنسبة إلى أبي جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم. فالظاهر أن الإخوان في الجزائر لا يرضيهم أن ينتهي الأمر بخليفة شيخهم المرحوم محفوظ نحناح‮ ‬إلى‮ ‬هذه‮ ‬النهاية‮ ‬المأساوية‮!!‬

لاشك أن مشكلة حركة مجتمع السلم تكمن في أنها لم تستطع أن تحسم خياراتها السياسية، هل هي في السلطة، أم هي في ا لمعارضة، ويظهر هذا التناقض جليا في الشعار الذي ترفعه في كل مرة: نحن في الحكومة ولسنا في الحكم! وذلك ما جعلها تفقد مقاعدها البرلمانية التي راحت تعوّضها‮ ‬بمناصب‮ ‬حكومية‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬انخراطها‮ ‬في‮ ‬التحالف‮ ‬الرئاسي‮.‬

تحتاج كل من الإستقالة أو الإقالة إلى شجاعة أدبية كبيرة، بل يتعيّن على صاحبها أن يكون صاحب قرار سياسي حر وسيّد، ولكن مثل هذه الثقافة السياسية تفتقد إليها كل من السلطة والمعارضة في آن واحد.

يمثل الرئيس القاضي الأول في البلاد، ولكن يجب على العدالة ألا تنتظر تعليمات الرئيس حتى تتحرك في الميدان. أما إذا كانت النزوات الانتخابية هي التي تنفض الغبار على الملفات النائمة، سواء من أجل البقاء في السلطة أو الوصول إليها، فذلك هو العبث، وقمة العبث أن تسيّر‮ ‬شؤون‮ ‬الدولة‮ ‬بعيدا‮ ‬عن‮ ‬منطق‮ ‬المؤسسات‮.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!