-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بوتفليقة… هل من مزيد؟

محمد دحو
  • 5862
  • 2
بوتفليقة… هل من مزيد؟

لم يخرج الرئيس عبد العزيز بوتفليقة حتى الآن عن حالة التكتم التي تميز بها دائما عند الإعلان عن بعض قراراته أو نواياه السياسية، وتبعا لذلك ظل الشارع الجزائري ولا يزال في حالة من التوجس والريبة التي يدفع ثمنها تارة بالانتظار الموحش…

  • وتارة أخرى باللجوء إلى بعض أشكال العناد السياسي الذي تعكسه سلسلة من إضرابات العمال والأساتذة والطلاب والأطباء وشرائح أخرى من ملايين الجزائريين الذين ملوا هذا الشكل المقيت من التقتير السياسي الذي يذكرهم باستراتيجية أسواق الفلاح فيما مضى من سبعينيات الجزائر عندما كانت الاشتراكية تعادي بعض البضائع ومواد الاستهلاك لما فيها من امبريالية على حساب المستهلك المسير حتى في طعام هو شرابه، فما بالكم الآن في ظل هذا المد العجيب من الثورة التي تنهش العالم العربي نهشا، وتأخذ من حكامه وأباطرته وطغاته كما تأخذ النارالحطب، وما بال الرئيس الجزائري يتكتم على ما وصف بأنه إصلاحات سياسية ينوي الرئيس بوتفليقة القيام بها، لكن قطار هذا الإصلاحات لا يزال حتى الآن في محطته الأولى بأعالي المرادية حيث قصر الجمهورية ومكتب الرئيس الذي تنام فيه تلك الوعود الوردية، وهو ما جعل الأحزاب السياسية الجزائرية تطالب بالكشف عن مضمون هذه الإصلاحات التي لا تزال حتى الآن مجرد نوايا في رأس صاحب الفخامة، وقد لايعرفها حتى رئيس الحكومة ولا من كلف بالحوار مع الأحزاب، وكأن لا برلمان في الجزائر ولا أحزاب في البلاد، ولا مستشارين للرئيس، ولا من يستطيع التوقع بما تم الإعلان عنه، حتى من طرف من يسمون في الجزائر بجماعة الائتلاف، حتى بعد أن عين الرئيس من يتحدث بالنيابة عنه مع الأحزاب، ومع من تعنيهم إصلاحات الرئيس التي تمشي مشي السلحفاة. لقد جرب الجزائريون ما يسمى الآن بالثورة التي تكتسح العالم العربي، وذاقوا مرارة ذلك بالحديد والنار في انتفاضة أكتوبر 1988، التي انتقلت بعدها البلاد من الحزب الواحد إلى مرحلة التعددية السياسية، والانفتاح الإعلامي وحرية التعبير، والاقتصاد الحر، لكن تلك الثورة ما لبثت أن سرقت من الجزائريين، بعد أن دخلت البلاد أو أدخلت (بفعل المجهول) إلى حرب كارثية ذهب ضحيتها أكثر من مائتي ألف قتيل ومليارات الدولارات، ومر على البلاد رؤساء وحكومات ووزراء كثر، لكن ذلك كله لايزال دون طموح الملايين من الجزائريين، فالمشهد الإعلامي عدا الصحف المكتوبة لايزال مغلقا بستين مفتاحا من حديد، وحرية الاقتصاد لاتزال مرهونة ببنوك تعمل بقوانين جامدة لا تناسب الانفتاح السياسي والاقتصادي، ولا يزال حال بورصة الجزائر كحال شباب الجزائر تعاني من بطالة أريدت لها من المتنفذين على المال العام في الجزائر، ولا تزال الانتخابات تشكو من عدم الشفافية وآلة التزوير، ولاتزال المناصب في الإدارت والشركات والمؤسسات فقط للمحظوظين من أبناء المتنفذين وأصحاب المال والمقربين من النظام، أو ممن ترضى عنهم الدوائر المغلقة، فمن أين تمر إصلاحات الرئيس بوتفليقة التي لاتزال طي الكتمان، وهل تسمح لوبيات السلطة والدوائر المغلقة بتنفيذ ما لم يستطع الرئيس تنفيذه خلال فترات حكمه السابقة؟ ولماذا هذه الفرملة المعتمدة في مباشرة تلك الإصلاحات كما قال الشيخ عبد الله جاب الله الرئيس السابق لحزبي النهضة والإصلاح، محذرا مما وصفه بالغضب الشعبي الذي يمكن أن يدفع إلى احتمالات ليست في صالح استقرار وأمن البلاد.
  • ولأن الرئيس بوتفليقة يعشق التكتم السياسي ويعمل به، فقد دعت أحزاب جزائرية أخرى إلى الاستشارة السياسية وإشراك الأحزاب والطبقة السياسية في أمر هذه النوايا من الإصلاحات، وحذرت من الغموض الذي ينتهجه الرئيس في أمهات القضايا المصيرية للبلاد، وأن إضفاء المزيد من الضبابية كما قالت حول مشروع الإصلاحات هو محاولة من الحكومة ربح الوقت والهروب إلى الأمام، لكن يبدو أن تلك النداءات لم تصل إلى الرئيس أو أن الرئيس لا يريد سماعها، وقد يبدو هذا متسقا إلى حد بعيد مع الوجوه متعددة الألوان والمشاهد للحكومة الجزائرية في مواجهة العديد من أزمات البلاد السابقة واللاحقة في ظل البحبوحة المالية التي تنعم بها الحكومة الجزائرية، ولا يرى لها المواطن الجزائري إلا قليلا في واقع حاله المعيشي المتأزم بين سلسلة من الحلقات المسماة فقرا وبطالة وبيروقراطية ورشوة، وهي كلها من أثر غياب الحكم الرشيد، والإيمان بحقوق المواطن، والاستغلال الجيد للثروات النفطية للبلاد المكدسة في البنوك. إن الحديث عن إجراء تعديل دستوري ينتهي إلى تكريس فعل التدوال على السلطة، وتكريس مبدأ الفصل ما بين السلطات، وتعزيز التعددية السياسية والإعلامية، والبدء سريعا في إصلاحات موازية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، كل ذلك من صلب ما قيل إن الرئيس الجزائري عازم على إحداثه، لكن أين ذلك ياسي بن صالح؟ وماذا يفعل السيد رئيس البرلمان بصمته المريع؟ إن التأكيدات التي زعمت بأن موضوع هذه الإصلاحات ليس مرتبطا بما يجرى من ثورات في العالم العربي، وأن ذلك كان في أجندة الرئيس ضمن ورشات الإصلاح التي وعد بها خلال ترشحه لعهدة ثانية، هي من باب تطويل الأزمة الحالية إن لم نقل ااإلتفات عليها، ولكم تبدو محاولات إبعاد الجزائر عما يجري من حولها وعلى حدودها أمرا مستغربا ومستفزا للحقيقة وللجزائريين أنفسهم، وكما قال السفير الأمريكي في الجزائر (ديفيد بيرس) والمنتهية ولايته، إن الجزائر غير محصنة من موجة التغيير الحاصلة في العالم العربي، ودعا بيرس الحكومة الجزائرية إلى مزيد من الإصلاحات، وأن الولايات المتحدة تأمل في رؤية إجراءات أخرى سلمية تعمق التغيير الديمقراطي، ومع أن رفع حالة الطوارئ في البلاد هو إجراء إيجابي كما أشادت بذلك الولايات المتحدة الأمريكية، فإن فتح فضاءات جديدة أمام المجتمع المدني وممارسة حرية التعبير والتظاهر هي أكبر دليل على الفعل الديمقارطي في حياة الشعوب، بعيدا عن عصي الشرطة التي تفرق الجزائريين في ساحة أول ماي، وفي غيرها من الأماكن الأخرى، إن الرئيس بوتفليقة مطالب اليوم بأن يكون ديمقراطيا استكمالا للوعود الوردية التي قطعها على نفسه، وأن يخرج من حالة التكتم إلى حالة من الوضوح السريع والفعال برا بوعوده من أجل تلك الكرامة والعزة اللتين ظل يعد بهما الجزائريين طوال فترة حكمه، وأن يعجل بمشاريع الإصلاح التي أطلقها في السماء، مطلوب أن تنزل تلك الوعود إلى الأرض حيث يُمنع الجزائريون من أن يقولوا لا للفساد نعم للتغيير، بل ما الذي يمنع أن يتمتع الشعب الجزائري بنعمة التداول السلمي على السلطة (كما جاء في رسالة المثقفين الجزائريين للرئيس بوتفليقة)، وما الذي جعل النظام السياسي في البلاد عائقا أمام ازدهار وحرية أبنائه؟ هل تدركون وأنتم على رأس الدولة الجزائرية مرارة التهميش والحرمان التي تتجرعها أجيال كاملة من أبناء الوطن؟ وقال الموقعون على الرسالة التي أنقل منها حرفيا بعض المقتطفات الصغيرة: إننا نشعر أن نظام الحكم قد بات يهدد مستقبل الجزائر وسلامة استقلالها، ولهذا نقف اليوم وقفة صادقة رافعين أصواتنا عاليا.
  • وأضيف هل تسمعنا أيها الرئيس أم أن ذلك متروك لعهدتك القادمة؟
     bendahoum@gmail.com
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • بدون اسم

    الله يخليكم احنى نحب بوتفليقة ل داعي للتدخل ايها الصحافة انتم تردون تشعيل نار الفتنة في البلد ولهذا نعمةللعهدة الرابعة وللخامسة و لسادسة ولحكم ملكي

  • dahou med

    اصبت اخي محمد...