-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تحديات السنوات المقبلة

عمار يزلي
  • 403
  • 0
تحديات السنوات المقبلة

الرهانات والتحديات التي تواجه الجزائر في شمال إفريقيا والساحل وعلى البحر الأبيض المتوسط شمالا، تعبّر عنها النشاطات المكثفة للدبلوماسية الجزائرية إن على الصعيد الدولي بمجلس الأمن أو على الصعيد القاري والإقليمي لمحاولة احتواء الهواجس الأمنية على حدودنا الجنوبية والشرقية والغربية والشمالية.

الرهانات الجزائرية هي أيضا رهاناتٌ اقتصادية ورهان على لعب دور محوري في القارة والعالم العربي وعلى الصعيد العالمي، وهذا ما يتطلب تنسيقا وتعاملا واقعيا مع المعطيات والواقع، لاسيما مع فرنسا التي باتت علاقتنا بها في حكم الأبدية والتاريخية، التي يجب أن “تُسيَّر” بما ينفع البلدين ولا يضرُّ بمصالح أحد.

هذا المنحى يبدو أنه يسير ولو بطء مع فرنسا يمين الوسط، وخاصة مع الرئيس ماكرون الذي يعمل على تفكيك عقد الماضي بشكل بطيء ولكنه مشجِّع، غير كاف  ولكنه مطمْئِن، على الأقل أمام تحديات فرنسا الداخلية ورهاناتها المستقبلية التي ليست في كل الأحوال جيدة اقتصاديا وأمنيا، وعليها أن تحسن علاقاتها مع شركائها الاقتصاديين ومنها الجزائر، كون العالم يتقلب ويتغير وتداعيات النزاعات والحروب في أوروبا والشرق الأوسط وفي آسيا قد تجعل من أوروبا بأكملها عرضة لتحديات صعبة في المجال الاقتصادي ولاسيما في مجال الطاقة.

الجزائر، تجد نفسها مضطرة اليوم وغدا لرفع تحديات النمو الاقتصادي والطاقوي، أولا من أجل تلبية حاجاتها التنموية المحلية، وثانيا من أجل التعامل مع المحيط الجغرافي والسياسي الإقليمي والدولي بناء على موقع قوة اقتصادية وموقف وازن في القرارات الدولية والإفريقية والعربية.

ملف الذاكرة مع فرنسا التاريخية، لا يسير بالسرعة التي يراد لها جزائريا أن تكون، فمشيُ السلحفاة أثقل كثيرا من القرارات والإجراءات التي كان يمكن أن تسرِّع تحسُّن العلاقات، وكانت ستكون أنفع لفرنسا بالأساس وللجزائر في المرحلة الثانية.

موازين القوى الداخلية في فرنسا وصراع اليمين فيما بينه من جهة وصراع اليمين واليسار من جهة أخرى، من شأنه أن يزيد من حجم الرهانات والتحديات للعلاقات الجزائرية الفرنسية التي يراد لها ثنائيا اليوم أن تُبنى وترمم على أسس وقواعد جديدة: قواعد الاحترام المتبادل والندية وقاعدة “رابح رابح”، فيما يتصور اليمين المتطرف والمراهنون على حنين الماضي الاستعماري الذي لم يهضموه بعد كل هذه السنوات ما بعد الاستقلال، أن الجزائر جزءٌ من أحلامهم الوردية الطامعة والشامتة وحديقة خلفية على غرار المغرب. الجزائر الجديدة تريد أن تقول وبشكل نهائي وصريح: لا داعي للحلم والبكاء على الأطلال ولا داعي لتحريك السكين في العظم واللعب على حنين زمرة النخبة المنبوذة تاريخيا والذين سيجدون أنفسهم على هامش التاريخ قريبا.

لهذه الأسباب كلها، مع أسباب أخرى، يعمل رئيس الجمهورية على ترتيب البيت الداخلي تمهيدا للدخول في مرحلة ثانية من التأصيل والتحصيل: تأصيل التوجه التنموي والسياسي الجديد للجزائر بعد أربع سنوات من إعادة ترميم البيت الذي كان على شفا حفرة من التداعي، والانطلاق نحو التأسيس لعمل اقتصادي وحكم سياسي جديد يخضع للقانون والأخلاق والعقلنة في تسيير الموارد المالية، لاسيما الاعتماد على الموارد من خارج مجال النفط والغاز والاعتماد على القطاع الخاص والرقمنة والذكاء الاصطناعي في عصرنة كل قطاعات التسيير التي كنا نعاني منها طويلا.

اليوم، بات ترتيب البيت تحسُّبا للاستحقاقات القادمة أمرا حتميا كون التحديات القادمة ستكون أقوى وسيكون علينا لزاما مواجهتها عبر الوحدة الوطنية أولا، ثم عبر العمل انطلاقا من القواعد التي أسس لها اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، والمضي قدما في لعب دور دبلوماسي نشط وقوي وفعّال على جميع الأصعدة لتعزيز قوة البلد ودوره المستقبلي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!