-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
إعلام القصر ينتقم من ماكرون بالنبش في حياته الخاصة

تقارب فرنسا مع الجزائر يدفع نظام المغرب إلى الجنون

محمد مسلم
  • 7359
  • 0
تقارب فرنسا مع الجزائر يدفع نظام المغرب إلى الجنون

في الوقت الذي تتجه فيه العلاقات الجزائرية – الفرنسية لاستعادة عافيتها المفقودة، انزلقت العلاقات المغربية – الفرنسية إلى مستوى سحيق وغير مسبوق، بنشر صحيفة مملوكة من قبل الرجل الثاني في القصر العلوي بالمغرب، وهو الكاتب الخاص للملك، محمد منير الماجدي، مقالا قدح من خلاله في الحياة الخاصة للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون.

وأعقب هذا المقال، البعيد عن أخلاقيات المهنة، الذي نشر في صحيفة “المغرب 360″، وعودة التواصل بين المسؤولين في كل من الجزائر وفرنسا، ما يؤشر على أن النظام المغربي غير قادر على استيعاب إقامة باريس علاقات قوية مع الجزائر على حساب العلاقات التاريخية مع النظام المغربي، والتي انتكست، كما هو معلوم، منذ انفجار فضيحة تجسّس الرباط على هاتف الرئيس الفرنسي، فيما عرف بقضية “بيغاسوس”.

وترأس الخميس المنصرم بباريس، الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، لوناس مقرمان، رفقة نظيرته الفرنسية، آن ماري ديكوت، أشغال الدورة العاشرة للمشاورات السياسية الجزائرية – الفرنسية، وهو اللقاء الذي جاء بعد أزمة صامتة استمرت لأشهر بين البلدين، بسبب تورط فرنسيين في تهريب أميرة بوراوي، المطلوبة للعدالة الجزائرية، عبر الحدود التونسية.

ومنذ تفجّر “فضيحة بيغاسوس” وثبوت ضلوع النظام المغربي في التجسّس على مسؤولين فرنسيين كبار وعلى رأسهم ماكرون، لعبت المملكة العلوية كل ما بيدها من أوراق، من أجل الضغط على باريس لتعديل موقفها من الرباط واستعادة الدفء المفقود، غير أن الرئيس الفرنسي بدا غير مكترث بـ”توسلات” رأس النظام في المغرب، الذي قضى أشهرا عديدة في قصره بالقرب من العاصمة الفرنسية، في أكثر من مرة وآخرها أثناء زلزال مراكش، بحيث لم يكلف نفسه عناء تخصيص استقبال للملك محمد السادس، كما جرت العادة.

كما لم تنفع كل التوسلات التي صدرت عن مثقف البلاط المغربي، الفرانكوفيلي الطاهر بنجلون، عبر العديد من المنابر الإعلامية الفرنسية، وخاصة مجلة “لوبوان”، والتي كانت في مجملها تحذيرا من التقارب الجزائري – الفرنسي على حساب العلاقات مع المملكة العلوية، غير أن الرياح كانت تسير عكس اتجاه بوصلة ما كان يتمناه النظام المغربي، المصدوم من غضب حليف الأمس الذي لم يتبدّد.

والمثير في الأمر هو أن النظام المغربي كان قد راهن على تأزيم العلاقات الجزائرية – الفرنسية من خلال مناورات وممارسات اللوبيات اليمينية الموالية له في دواليب الدولة الفرنسية، التي سلّطت حملة سياسية وإعلامية مركّزة لاستهداف المصالح الجزائرية، مثل الدعوة إلى إلغاء اتفاقية 1968، وتسميم الأجواء قبل وأثناء موعد زيارة الرئيس، عبد المجيد تبون، إلى باريس الربيع المنصرم، غير أن كل هذه المحاولات باءت بالفشل الذريع، وهو ما يفسّر خروج صحافة القصر عن أخلاقيات المهنة باستهداف الحياة الخاصة للرئيس الفرنسي.

ولم تكن الغيوم التي خيّمت على العلاقات الجزائرية – الفرنسية خلال الأشهر الأخيرة سوى سحابة صيف عابرة، وما يؤكد على ذلك، هي الأرقام التي كشفت عنها الجمارك الفرنسية مؤخرا، بخصوص صادرات الغاز الجزائري إلى فرنسا، والتي ارتفعت خلال النصف الأول من العام الجاري، بنحو 92.1 بالمائة، وهي الأحجام التي تعادل نصف ما اشترته باريس من الغاز من خارجها.

ووفق تلك الأٍرقام، فإن واردات فرنسا من الغاز الجزائري ارتفعت لتسجل ما يعادل الـ49.9 بالمائة من إجمالي واردات باريس من الغاز عالميًا، بما قيمته 1.5 مليار أورو، (1.6 مليار دولار)، فيما بلغت الصادرات الجزائرية من المحروقات إلى فرنسا ارتفاعًا كبيرًا خلال النصف الأول من 2023، لتصل إلى ما قيمته 2.9 مليار أورو، (3.1 مليار دولار)، وهو ما يعادل نموًا يقدّر بنحو 35.1 بالمائة، بالمقارنة مع المدة نفسها من السنة الماضية.

وتعني هذه الأرقام تجسيدا لرغبة فرنسية كان قد عبّر عنها المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، أوليفيي فيران، غداة زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر شهر أوت من السنة المنصرمة، فقد تحدث، حينها، عن “إعلانات ستصدر قريباً” بشأن زيادة محتملة لشحنات الغاز الجزائري إلى فرنسا. كما أشارت إذاعة “أوروبا 1” إلى وجود مفاوضات بين مجموعة الطاقة الفرنسية “إنجي” و”سوناطراك” الجزائرية من أجل رفع كميات الغاز المصدّر إلى 50 في المائة من الكميات التي كانت قبل نهاية 2022.

ومعلوم أن العلاقات الجزائرية – الفرنسية لم تلبث أن انتكست خلال النصف الأول من العام الجاري بسبب مناورات اللوبيات اليمينية المدافعة عن مصالح النظام المغربي، غير أن تلك الممارسات لم تؤثر على رغبة الطرفين في الرفع من وتيرة صادرات الغاز والمحروقات الجزائرية عموما نحو فرنسا، وهي اليوم تستعيد عافيتها، فيما أدت السلوكات المارقة للنظام المغربي إلى تدمير علاقاته بباريس.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!