ثورة نظيفة على نظام قذر
بالأمس أًُطلق على الثورة في تونس “ثورة الياسمين”، واليوم يمكن أن يطلق على الثورة الجارية في مصر “الثورة النظيفة” أو الثورة المسالمة أو السلمية، وعلى الثورة في اليمن يمكن أن يطلق وصف “الثورة الجميلة” وعلى الثورة في الأردن “ثورة البلابل” وغدا ثورة الزيتون أو النخيل أو الأرز في الجزائر ولبنان والمغرب وغيرها..
-
وهذه كلها صفات ونعوت لحقيقة الشعوب العربية تنفي عنها ما لحق بها من صفات القذارة والوسخ والقبح والعنف لدى الغرب وبقية دول العالم بفعل قذارة الأنظمة العربية والتصرفات الهمجية التي تمارسها ضد هذه الشعوب سواء عبر القمع والإجهاز على الحقوق والكرامة الإنسانية أو عبر الفساد والسرقة والرشوة وإنفاق الثروات الوطنية والمال العام في ما لا يرضي لا الله ولا الأديان ولا أبسط المبادئ الأخلاقية والسلوك الإنساني، وهو ما تستغله القوى المعادية للشعوب العربية كالكيان اليهودي الذي يستغل هذه التصرفات للترويج لصورة مقيتة عن العرب في العالم.
-
وفي مصر بالتحديد تتجسد اليوم صورة الشعب النظيف والثورة النظيفة على النظام القذر من خلال ما يجري في ميدان التحرير الذي أصبح القلب النابض لهذه الثورة، حيث يعمل الشعب المصري المنتفض على جبهتين : جبهة الثبات على المواقف ومواصلة الاعتصام ومواجهة سياسة الحصار والتجويع والتخويف وجبهة تطهير الميدان من فضلات الوحوش البشرية القذرة من بلطجية وقوات أمن التي أطلقتها زبانية الرئيس مبارك على المتظاهرين ومن روث البغال والخيول وبعر الجمال التي اقتحمت بها هذه الوحوش ميدان التحرير يوم الخميس الماضي، وفي عملية تعبر عن قمة همجية النظام المصري والأنظمة التي تسانده وانتمائها إلى عصور أخرى غابرة لا علاقة لها بالعصور الحديثة ولا بالقرن الواحد والعشرين أو الألفية الثالثة.
-
إن ما حدث في تونس وما يحدث اليوم في مصر واليمن والأردن وما سيحدث غدا في بلدان عربية أخرى ليدعو إلى الكف عن انتظار أي خير أو نظافة أو رحمة من الأنظمة العربية تجاه الشعوب وثوراتها المتتالية، ولا يغرنا تصريح رأس من رؤوس هذه الأنظمة مهما كان معسولا فهي كلها نسخ طبق الأصل من بعضها البعض في فسادها وقسوتها وهمجيتها كما هي الشعوب العربية نسخة طبق الأصل من بعضها البعض في نظافتها وكرامتها وفي ما تعانيه من هذه الأنظمة من ويلات التجويع والترهيب والتعذيب وانتهاك أبسط الحقوق والسطو على الثروات، حتى أصبحت العلاقة بين الجانبين كالعلاقة بين النار والماء، بحيث لا يمكن أن يكون هناك مجال للحلول الوسطى بل لا بد من منتصر ومنهزم وهذا هو المنطق الذي فرضته الأنظمة العربية على الشعوب.