-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

جامعة الإمام الإبراهيمي

جامعة الإمام الإبراهيمي

باسم الأحرار من أبناء الجزائر وبناتها الحرائر أتقدم بأصدق عبارات الاعتذار إلى “علامَـة” الجزائر و”علاّمتها” الإمام محمد البشير الإبراهيمي، الذي لم يقتنع “الجاهلون” في الجزائر إلا بعد خمسين سنة من “الإحتقلال (*)”، وسبع وأربعين سنة من وفاته لإطلاق اسمه على جامعة جزائرية، وهو الأجدر والأحق أن تتشرف إحدى الجامعات الكبرى بحمل اسمه.

لقد كان يوم الثلاثاء 22 من هذا الشهر أحد الأيام الخوالد في تاريخ مدينة برج بوعريريج، فهو اليوم الذي قدّره الله ـ العليم الحكيم ـ لتتشرف جامعتها بحمل اسم العلامة المجاهد الإمام محمد البشير الإبراهيمي، الذي انتقل إلى رحمة الله ـ عز وجل ـ في العشرين من شهر ماي من سنة 1965.

لقد سعى ذوو الأفكار الرشيدة والآراء السديدة لإطلاق اسم الإمام الإبراهيمي على إحدى جامعاتنا الكبرى، ولكن أصحاب العقول الصغيرة، والأبصار القصيرة، والنفوس الحقيرة كانوا بالمرصاد…

لقد وقف المُعَوّقون عقليا، والمراهقون فكريا، والمُعقَّدون نفسيا، والحاسدون خُلقيا، وقفوا في وجه إطلاق اسم الإمام الإبراهيمي على إحدى جامعات الجزائر الكبرى.

لقد اجتهد المجتهدون، وبحث الباحثون لمعرفة هؤلاء المعترضين ليناقشوهم في سبب اعتراضهم، فلم يخرجوا من اجتهادهم وبحثهم إلا بنتيجة هي أن هؤلاء المعترضين هم من جُنود مَن يراكم هو وقبيله ولا ترونهم.

وقد فكّر المفكرون، وقدّر المقدّرون، ونظر الناظرون فلم يجدوا سببا كبيرا أو صغيرا، خطيرا أو حقيرا يحول دون إطلاق اسم الإمام الإبراهيمي على إحدى جامعاتنا، وتساءلوا في أنفسهم، وسألوا غيرهم: ماذا يَنقم الناقمون من الإمام الإبراهيمي؟

وسمع أولئك المفكرون والمقدّرون والناظرون هاتفا يهتف قائلا:

*) إنهم لا ينقمون منه إلا دعوته إلى الإسلام الصحيح كما جاء في القرآن الكريم، وفي سنة الرسول الأمين، عليه الصلاة والسلام.

*) إنهم لا ينقمون منه إلا حَربه الشديدة على الخرافات والأباطيل التي ألصقها المبطلون بالإسلام، فشوّهت وجهه الجميل، وجوهره النبيل، وجعلته “فولكلورا” يتفرج عليه الغربيون، ويسخرون منه، ويلتقطون الصّور لأولئك الغوغاء الذين صيّروا شعائره الجليلة ومناسكه الجميلة “مكاء وتصدية”.

*) إنهم لا ينقمون منه إلا دعوته إلى تحرير الأذهان قبل تحرير الأبدان، وتحرير العقول قبل تحرير الحقول، لأنه “محال أن يتحرر بدن يحمل عقلا عبدا”، وإن “تحرّر”، فلن يصبر على الحرية، ويسعى للعودة إلى الاستعباد.

*) إنهم لا ينقمون منه إلا دِفاعه المستميت عن لغة هذا الوطن، اللغة العربية، التي شرفها الله ـ عز وجل ـ فأنزل بها كتابه الخالد، الذي يهدي للتي هي أقوم، وما ضاقت عن آي به وعظات، وهي أجمل لغة عرفها البشر، وما أجمل قول أحمد شوقي في هذا المعنى:

إن الذي ملأ اللغات محاسنا

جعل الجمال وسرّه في الضّاد

*) إنهم لا ينقمون منه إلا إيمانه الراسخ بوحدة الجزائر شعبا وأرضا، وسعيه، في ذلك، السعي الحثيث، وجهاده في سبيل ذلك الجهاد الكبير، في حين يريدها شياطين الإنس “شعوبا وقبائل”، يضرب بعضها رقاب بعض، ويتآمر بعضها على بعض، ويكيد بعضها لبعض..

*) إنهم لا ينقمون منه إلا وطنيته الصادقة التي لم يمنن بها ولم يستكثر، وإنما هي واجب قام به الكرام، وخاس به ، ومنّ به، وتاجر به اللّئام.. فحققوا بها مآرب، ونالوا بها مناصب، وحصلوا بها في الداخل والخارج على مكاسب.

*) إنهم لاينقمون منه إلا اعتراضه على المبادئ التي أقيمت عليها الدولة الجزائرية وهي مبادئ مستوردة، بعضها من شرق أوربا، وبعضها من جنوبها، وأكثرها من غربها – وقد أشار الإمام الإبراهيمي إلى ذلك في ثلاثة أبيات أملاها عليّ الشيخ موسى نويوات -رحمه الله -:

بَاعَ أَمْناً وهُدُوَّا

وغُدُوّاً وَرَوَاحاً

واشترى لَفْظاً سَخِيفاً

وخِلاَلاً أَخَوِيّهْ

في فِجَاجِ الوطَنِيَّهْ

خَتْمُهُ في النُّطْقِ “كِيَّهْ” (**)

*) إنهم لا ينقمون منه إلا عزة النفس، وعلو الهمة، وشرف العلم، وهي قيم استعصم بها عن أن يتملق هذا، أو يتزلف إلى ذاك، أو يطمع في ذلك، وهو الذي لم يملك من الجزائر شبرا، وكل ما تمناه هو أن يحوز في ثَراها قبرا.

لا أكذب إخواني وأحبائي في برج بوعريريج أنني كنت أرجو أن يطلق اسم الإمام الإبراهيمي على جامعة الجزائر، أو قسنطينة، أو تلمسان، أو بجاية، فهذه هي حواضر الجزائر التاريخية، ولكن الله ـ العليم الحكيم ـ قدّر أن تكون جامعة برج بوعريريج من نصيب الإمام الإبراهيم، كما قدّر أن تكون جامعة مستغانم من نصيب الإمام ابن باديس، ولعل في ذلك حكمة بالغة لمّا نُدركها..

وإنني أدعو كل من في جامعة الإمام الإبراهيمي من رئيس، وعمداء، وأساتذة، وطلاب وطالبات، وعمالا وإداريين إلى أن يبذلوا أقصى الجهد لتكون جامعة الإمام الإبراهيمي من أرقى الجامعات وأفضلها خلقا وعلما ووطنية، فلا خير في علم يحرسه خُلق نبيل، ولا خير في علم لا يخدم الوطن..

لقد سعدت يوم الأربعاء 23 ماي 2012 عندما نزلت في جامعة الإمام الإبراهيمي للمشاركة في اليوم الثاني للملتقى الوطني الأول عن “آثار العلامة محمد البشير الإبراهيمي ضوء الدراسات المعاصرة”، وقد سعدت أكثر بما سمعته من أساتذة شبان لم يعرفوا الإبراهيمي جسما، ولكنهم عشقوه فكرا وقيما، وقد جاء هؤلاء الأساتذة الشبان من جامعات: قسنطينة، سطيف، تيزي وزو، تلمسان، بجاية، مستغانم، النعامة، الطارف، المسيلة، ورڤلة، بلعباس، فضلا عن أساتذة جامعة الإمام الإبراهيمي في البرج ـ وقد شرّفني السيد رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عبد الرحمن ابن دعاس وبقية الأساتذة الأفاضل عندما دَعَوني لترأس الجلسة الختامية، التي امتازت بتوزيع جوائز الشعر والقصة على الفائزين والفائزات في المسابقة التي نظمها معهد الآداب واللغات والعلوم الاجتماعية والانسانية..

وقد نُظّمت رحلة للطلبة وبعض الأساتذة إلى بلدة “أولاد ابراهم”، حيث تشرفوا بزيارة المكان الذي وُلد فيه الإمام، وبزيارة البيت الذي تعلم وعَلم فيه قبل سفره إلى المشرق في سنة 1911، وهناك مشروع لإقامة صَرح ثقافي في هذا المكان، نرجو أن ينجز قريبا.

إنه لا تكفير عن خطيئة التأخر في تسمية إحدى جامعاتنا الكبرى باسم “عَلامَـة” الجزائر و”علاّمتها”، الإمام محمد البشير الإبراهيمي إلا بإطلاق اسمه على “الجامع الأعظم” في منطقة المحمدية بمدينة الجزائر، فهو المَعلَم الذي يناسب علم الإمام الإبراهيمي، وجهاده في سبيل الإسلام والجزائر، فإن حال دون ذلك من في قلوبهم مرض وفي نفوسهم غرض، فيكفي الإمام رضَا الرَّبِ، وحُبّ الشعب.


هوامش:

(*) الاحتقلال: كلمة مُركّبة من نصف كلمة الاحتلال، ونصف كلمة الاستقلال، وهي من وضع الأستاذ وحيد الأيوبي. انظر: أحمد حسن الزيات: وحي الرسالة. ج3 . ص 81.

**) المقصود باللفظ السخيف هو “الاشتراكية”، والذي باع واشترى هو الرئيس ابن بلة غفر الله له.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
26
  • lجزائري غريب

    بالمناسبة لم أعرف أنك كاتب ؟؟ و بالناسبة فالمتاب لا ينطقون و لا يقولون طالع موضوعي بل يقولون أنظروا ما تناولنه من و جهة نظرنا .
    لأن كلمة أنا و مرادفاتها من كلمات إبليس لعنة الله عليه

  • berbere

    لا تخلطو بين الاسلام والعرابية للاننا كلنا مسلمين و لا ىمكن ان نكون عراب او بلا حرا اننا امازيغ احرار مند الاف سنين وسوف نعيد ارضنا الا اولادها الاصلىن هدا هو دواا الجزائر المجروحة

  • جزائرية و كفى

    إن الطابور الخامس فكرا و سطوة هو الذي حال دون أن تكتمل المسيرة التي دشنها علامتنا عليه الرحمة رفقة نبراسنا الشيخ عبد الحميد بن باديس، و أصبحنا نرى الأقزام تتطاول على هاته الهامات الخالدات .

  • رحماوي محمد رضا

    لا يفظظ الله فاك، سلمك الله و رعاك، كما أبردت غلتي بحسن هديك و علو رؤاك.

  • مختار أيوب سعيدة

    رحم الله العلامة المقري الذي قال:أهل المغرب إذا بقيت فيهم ضيعوك وإذا رحت عنهم ضاعوا رحم الله الابرايهمي وكل علماء المسلمين العاملين الداعين الى سبيل الرشاد

  • عبد السلام

    رغم الدياجير فإن هناك بصيص أمل يلوح في الأفق نقفوه نحو مركز النور ليسطع ألقا ينير الجزائر و العرب

  • البشير بوكثير

    بالمناسبة طالع موضوعي (حوار افتراضي مع الشيخ البشير الابراهيمي) على النت.

  • بئر بن عابد

    هل يعلم القراء ان الشيخ الإبراهيمي مات في الإقامة الجبرية بسبب البيان الذي اصدره يوم 16 أفريل 1964 وحذر فيه من بعض القرارات وماسيكون بعده، وللعلم كل ماحذر منه قد وقع ، وهي بصيرة العلماء واستشرافهم المبني على العلمية، المسكوت عنه في مسيرتك كثير وكثير وكثيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييير

  • أحمد الجزائري

    بمستواها التعليمي والأكاديمي وفضائحها المتنوعة لا يشرف علاماتتا البشير بأن تحمل اسمه أية من هاته المؤسسات ، ولنا عبرة في جامعة ابن باديس

  • abounabila

    مع أن هناك عتمات وصدمات وانحرافات.........في أجواء الجزائر,إلا أن هناك نور بدأ يتراءى في الأفق وأنا جد مسرور لذلك.

  • مصطفى

    فلا خير في علم لا يحرسه خلق عظيم على حد قول أحدهم : ------ ولا تحسبنّ العلم ينفع وحده ما لم يتوّج ربّه بخلاق . هذا هو المعنى السليم و قد سقطت لا النافية عند كتابة الموضوع في الصحيفة وهو أمر كثير الوقوع . فتحية تقدير لأستاذنا الكريم الذي أصبح أيقونة الاِحيائيين الجدد لفكر قادة الاصلاح في الجزائر وعلى رأسهم العلامة محمد البشير الابراهيمي الذي نؤيد اقتراحه بتسمية الجامع الأعظم بالعاصمة باسمه ما لم يتدخل الناقمون مرة أخرى و يطلقون عليه: مسجد صاحب الفخامة الأعظم

  • محمد مشيد

    والله نتمنى تلتقي نيات المصلحين في هذا البلد لتسطير برنامج صيفي نستطيع من خلاله أن نساعد الشباب على استثمار وقت العطلةفي حفظ القرىن والأحاديث النبوية

  • بدون اسم

    انني أشكر الاستاذ على هذا المقال . والله كم فرحت وانا طالب في جامعة برج بوعريريج أن يوضع على شهادتي وان تزين شهادتي بهذا الاسم العلم الذي خبأه الله عن جامعات حتى تشرفت ولاية مسقط رأسه بحمل اسمه على جامعتها.

  • بدون اسم

    سلمت يمناك شيخنا الفاضل.وجعلك الله ممن يذودون عن مقدساتنا الشخصية .

  • بدون اسم

    إنه يقصد لاخير فى علم لايحرسه خلق نبيل

  • منير

    مشكور استاذنا الفاضل جزاك الله خيرا.

  • علي

    إنهم لاينقمون منه إلا اعتراضه على المبادئ التي أقيمت عليها الدولة الجزائرية وهي مبادئ مستوردة، بعضها من شرق أوربا، وبعضها من جنوبها، وأكثرها من غربها.

  • adel

    شكرا الاستاذ محمد الهادي الحسني كما عودتنا دائما مناضلا من أجل كلمة الحق ***

  • salim

    و حملت جامعة تبسة اسم شيخها و خليل هؤلاء الأفاضل الشيخ العربي التبسي رحمه الله, إنها أسماء, شمسها لم تأفل و لن تأفل بإذن الله بحفرها في القلوب و العقول لا في الألواح و السطور.

  • محمد مشيد

    إن فخامة رئيس الجمهورية أطال الله عمره مطالب بتفعيل دور الإسلام في المجتمع من خلال دعم العلماء العاملين وفتح المساجد أمامهم لنشر العلم ورفع مستوى تأطير الأئمة وفتح تخصص الشريعة الإسلامية على مستوي القطر الجزائري والتشجيع على التسجيل في عدة تخصصاتحت نصل إن شاء الله لمثقفين في جميع التخصصات

  • أبو فهر

    قد قيل أزهد الناس في العالم أهله ، ونحن قد غيبناهم إما حهالا بهم واما عمدا ، والثاني اقرب ،اد الجاهلون لأهل العلم الاعداء، فهدا البشير قد قيض الله من سمى به مركزا ؟ فاين نصيب أخيه العقبي الدي كان اهل الحجاز لايتقدمون بين يدية أد هو الأديب عندهم

  • نسان

    كم أنا مسرور لهذا الخبر العلامة البشير الابراهيمي يحبه الملايين من الشعب الجزائري و العالم الاسلامي لأنه عاش حياته لخدمة الاسلام و عرضت عليه الدنيا و رفض فالمطلوب منا أن نقتدي به رحمه الله و ليس سهلا لأنك سوف تقبض على الجمر و أنت متحمل كما تحمل هو رحمه الله

  • محمد مشيد

    والله لأستاذنا الشكر والإمتنان على هذا المقال وأنبه الأستاذ الفاضل أن المشكلة ليست في إطلاق اسم فلان أو علان على هدا المبنى أو ذاك المشكلة هي في تبني المنهج والأفكارألا ترى أن الليث بن سعد لم ينتشر مذهبه لتقاعس تلاميذه عن نشره وأين هم تلاميذ الشيخ ابن باديس والإبراهيمي والميلي .... صحيح أن منهم من تبوأ المناصب العليا وساهم في وضع البرامج التعليمية لكن الأغلبية لم يصمدوا أمام مكائد الكائدين فأبعدوا إلا من داهن وهادن

  • د/ نوار بن الشلي

    إطلاق اسمه على جامعة لا يكفي، حتى ينضم إلى ذلك مراكز بحث متعددة في فكر الجبل الشيخ عليه رحمة الله، وتردف بكراسي علمية باسمه في أرقى الجامعات العربية والإسلامية، وتطلق مؤسسة تشرف على جائزة باسمه فهو لا يقل عن الأمير عبد القادر ولا عن الشيخ الرئيس جهادا أو علما، عليهم رحمة الله جميعا، ولابد من غرس فكره وأدبه في المناهج الدراسية.تصوروا معي فقط لو كان مصريا !!! كم من كتاب وملتقى ومؤتمر ويوم دراسي ...عقد حوله!

  • محمد الهادي

    أحييك يا أستــاذ محمد الهـادي على هذه الغـيرة اللاهبة ، والأنـفة المتَّقـدة، لكـن ما المقصود بالعبارة :((فلا خير في علم يحرسه خُلق نبيل)) أرجو أن يكون خطأ مطبعـيــا

  • جابر سالم السلفي

    بارك الله فيك على الموضوع وجزاك الله خيرا على تذكير الأمة بعلمائها الذين نسوهم وحطوا من شانهم فلا يذكرون إلا يوم وفاتهم مرة والسلام ولكن إذا مات مغني أو فاسق يملأ الصفحات ويدخلونه الجنة وكانه قدم للأمة العلم النافع والعمل الصالح ....... والله إستغربت لماذا ليس هناك جامعة باسم علمائنا علماء جمعية علماء المسلمين ...وعرفت السبب وهو .... النقمة على جمعية علماء المسلمين لأنهم على العقيدة الصحيحة وكذلك محاربتهم للطرقية والصوفية المخذر للأمة......... ولكن الله متم نوره ..............والعاقبة للمتقين