-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حرب على رسول الله!

حسين لقرع
  • 822
  • 0
حرب على رسول الله!

قبل نحو سنتين، تجرّأ الرئيسُ الفرنسي إيمانويل ماكرون على إهانة الرسول صلى الله عليه وسلم، من خلال تأييد نشر رسومٍ جديدة مسيئة إليه في مجلة “شارلي إيبدو” وإعادة نشرها على واجهات مؤسَّسات حكومية بذريعة “حرِّية التعبير”، وقلنا حينها إنّ الصمت المطبق الذي تعتمده الدول الإسلامية الـ57 إزاء وقاحة ماكرون، وعدم التصدِّي له بحزم، سيشجّع غيره على إهانة الإسلام والمسلمين، ويُفاقِم آفة الإسلاموفوبيا في العالم.

اليوم يُقدِم قياديان كبيران في الحزب الحاكم بالهند، أحدهما هو الناطق الرسمي باسمه، على الإساءة إلى الرسول صلى الله عليه وسلّم، ويتطاولان عليه بكلّ فجور ووقاحة، من دون أدنى اكتراث بمشاعر 1.7 مليار مسلم، منهم عشرات الملايين في الهند نفسها، وهذا بعد أسابيع قليلة من قيام رئيس حزب يمينيّ متطرف في السويد بإحراق نسخ من القرآن الكريم بمدينتين سويديتين تحت حماية الشرطة، أي تحت الرعاية السامية للسُّلطات. وقائمة الإهانات مستمرّة لدى أتباع مختلف الديانات والمِلل والنِّحل…

لا نُنكر أنّ هناك ردودَ أفعالٍ رسمية هذه المرّة، وخاصة من دول الخليج وبعض البلدان الإسلامية الآسيوية التي سارعت إلى استدعاء سفراء الهند لديها وتسليمها مذكّرات احتجاج وتنديد، فضلا عن تحرّك عدة هيئات ومجامع فقهية وعلماء معروفين للدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والتحذير من أنّ مثل هذه التصريحات التي تنضح كراهية وحقدا قد تنسف التعايش بين أتباع الديانات وتُشعل حروبا طاحنة بينهم.. لكنّ ردود الأفعال الرسمية كانت دون المستوى المأمول مرة أخرى؛ فغالبية الدول الإسلامية لزمت صمت القبور كعادتها في كلّ مرة يُهان فيها النبيُّ الكريم، ولم تكلّف نفسها حتى عناء إصدار بيان تنديدٍ بالإساءة إلى جنابه. وعلى خُطاها، سار الكثيرُ من العلماء والدعاة الذين آثروا بدورهم الصمت المطبق انسجاما مع مواقف “ولاة الأمور”!

وحدها، تبقى الشعوبُ الإسلامية تتحرّك من المحيط إلى المحيط وتنصر نبيّها الكريم بما تستطيع من دون أن تؤثر فيها المواقفُ المتخاذلة لأنظمتها؛ قبل نحو عامين تداعت عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية ردّا على صلف ماكرون، واليوم تتداعى الشعوبُ مجددا إلى مقاطعة البضائع الهندية، وتضع قائمة طويلة بأسمائها لتسهيل المَهمَّة على المسلمين في أصقاع الأرض، وتتحرّك سلسلة متاجر في الكويت وقطر لإزالتها من رفوفها، فضلا عن دعوتها إلى طرد نحو 8.7 مليون عامل هندي بالخليج، ما أجبر الحزبَ الحاكم بالهند على تعليق مهمّة العضوين المسيئين ووصف تصريحاتهما بـ”المهينة”، أملا في احتواء الوضع وتحجيم الخسائر.

والمتتبِّع لسياسة الحكومة القومية الهندية التي يقودها ناريندرا مودي منذ سنوات، يلاحظ بسهولة أنّها تضيّق الخناق على مسلميها، وتمارس ضدّهم نوعا من الاضطهاد والتمييز، ومن أبسط الأدلة على ذلك منعها الحجاب في مدارس العديد من الولايات الهندية وإجبارها الطالبات المسلمات على التبرّج تحت طائلة طردهنّ من الدراسة، والقيام بعمليات هدم لأملاك مسلمين، وعدم حمايتهم من أعمال العنف التي يرتكبها ضدهم الغوغاءُ الهندوس الذين يفلتون بعدها من العقاب بكلّ سهولة…

ومن هنا، فإن تصريحات اثنين من أعضاء الحزب الحاكم في الهند، يعبّران في الواقع عن سياسة حكومة مودي الهندوسية التي تقود حربا تمييزية على الأقلية المسلمة في البلد منذ سنوات، وليسا مجرّد تصريحين ظرفيين عابرين، أو زلّتي لسان، كما يحاولُ الحزب إيهام المسلمين به لامتصاص غضبهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!